محمد بلوط - الديار
في اول نشاط له مع بداية العام الجديد فتح مجلس النواب امس ابوابه بعد عطلة رأس السنة القصيرة، وانعقدت لجنة الادارة والعدل برئاسة رئيسها النائب جورج عدوان لاستئناف مناقشة قانون استقلالية القضاء العالق منذ ثلاث سنوات، في ظل الاخذ والرد والاقتراحات والملاحظات المتباينة حوله داخل وخارج البرلمان.
والجديد امس، ان النقاش تركز على وجوب البت وحسم هذا القانون الحيوي والهام في فترة معينة، حيث طالب النائب محمد خواجة من كتلة «التنمية والتحرير» بان لا تتعدى الشهرين او الثلاثة.
ولم يشأ عدوان الادلاء بتصريح او ببيان بعد الجلسة، لكنه اكد لـ» الديار « انه مصمم في لجنة الادارة والعدل على اتباع وتيرة ناشطة وعالية في درس وحسم هذا القانون في قترة قياسية، لافتا الى ان هناك جهات لعبت دورا بطريقة او باخرى في تاخير او اعاقة هذا المسار. اضاف انه لا يريد تحميل المسؤولية لهذا الطرف اوذاك، آملا من الجميع في اللجنة التعاون للاسراع في درس القانون المذكور ليكون جاهزا امام الهيئة العامة مجددا في اقرب فترة ممكنة.
من جهة اخرى، دعا الرئيس بري اللجان المشتركة الى عقد جلسة لها غدا لاستئناف مناقشة قانون الكابيتال كونترول، الذي عقدت من اجله في نهاية العام المنصرم جلسات متتالية بمعدل جلسة او جلستين اسبوعيا. والمعلوم ان هذا القانون احد ابرز القوانين التي يطالب باقرارها صندوق النقد الدولي من جملة القوانين الاصلاحية التي يشترط اقرارها لتقديم المساعدة المالية للبنان.
ودار في السابق نقاش وجدل طويلين حول ربط مناقشته بخطة التعافي الشاملة، قبل ان تنخرط كل الكتل مؤخرا في مناقشته، وتقر ثلاث مواد منه تتعلق بالتعريفات وتحديدها وبالاموال القديمة والودائع بعد ١٧ تشرين العام ٢٠١٩، وكيفية حماية اموال المودعين وغيرها.
وفي ظل استئناف النشاط التشريعي بعد استراحة الميلاد ورأس السنة القصيرة، يبقى الاستحقاق الرئاسي العنوان الابرز الذي يفرض نفسه على مساحة الاهتمام النيابي والسياسي، في ظل انسداد الآفاق حتى الان امام انتخاب رئيس للجمهورية.
ووفقا لمصدر نيابي مطلع، لا يبدو ان مطلع العام الجديد قد حمل معه سيناريو محددا وواضحا يخرج الاستحقاق الرئاسي من دوامة الدوران في دائرة مغلقة بسبب الخلاف الحاد بين الكتل والمحورين النيابيين الاساسيين، ليس على اسم الرئيس فحسب، بل ايضا حول الرؤية لهوية وموقع الرئيس الجديد في الفسيفساء السياسية اللبنانية.
ولا يستبعد المصدر النيابي ان تنشط المشاورات المعلنة وغير المعلنة على اكثر من محور في الاسابيع القليلة المقبلة، لافتا الى ان المعايدات واللقاءات التي جرت مؤخرا، وان لم تسفر عن نتائج تذكر، الا انها اكدت مسألة مهمة وهي الحرص على التواصل بين مراجع وافرقاء سياسية، يمكن ان يتوسع ليطاول افرقاء آخرين بمبادرات ومساعي بعض المراجع الروحية والسياسية.
ويستدرك المصدر قائلًا: ان هناك سيناريوهات عديدة مختلفة تعمل عليها بعض القوى، ولا يبدو حتى الآن ان هناك قواسم مشتركة في ما بينها. وعلى سبيل المثال فان الخيار الثالث لجبران باسيل هو غير الخيار الثالث لسمير جعجع او لاطراف اخرى. كما ان المفاضلة بين خيار سليمان فرنجية وخيار العماد جوزاف عون لم يطرح اصلا حتى الآن، لا سيما ان بحث مثل هذا الامر يحتاج الى حوار او مشاورات حوارية جدية لم تبدأ بعد.
ما هي السناريوهات التي سجلت وتسجل في شأن الاستحقاق الرئاسي؟
- السيناريو الاول: كثر الحديث مؤخرا عن سعي في محور المعارضة للذهاب الى خيار آخر غير خيار النائب ميشال معوض، بهدف توسيع اطار هذا الفريق وكسب عدد من الاصوات الاضافية لمرشح بديل جديد مثل النائب السابق صلاح حنين، الذي يعتقد انه سيوفر اصواتا اضافية من «التغييريين» وبعض المستقلين. لكن هذا السيناريو محكوم عليه مسبقا بالفشل، لانه لن يؤمن في الحد الاقصى اصواتا اضافية تزيد على العشرة اصوات. وبرأي احد نواب «التغيير» ان زيادة اصوات هذا الخيار عشرة او عشرين صوتا لن يغير شيئا، ولن يؤدي الى انتخاب رئيس جديد في ظل التوازنات السياسية والنيابية القائمة.
- السيناريو الثاني: هو النموذج الذي يسعى أليه رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل والذي طرحه في تحركه الاخير، باعتماد الخيار الثالث بديلا عن فرنجية والعماد عون. ولا يحظى هذا السيناريو بتجاوب يذكر، نظرا للخلافات القائمة بينه وبين الخصوم والحلفاء في آن معا، ولطرحه اسماء مسبقة تصعب مهمة اختيارها بغض النظر عن اهلية بعضها.
- السيناريو الثالث يدور همس حوله، حيث تعول قوى سياسية على السعي لتعزيز المناخ الداخلي لصالح انتخاب قائد الجيش العماد جوزاف عون، بالتناغم مع نضوج او تبلور الرغبة في تحسين فرص هذا الخيار من قبل واشنطن والرياض وباريس. مع العلم ان فرنسا التي تتولى متابعة ملف الاستحقاق الرئاسي، جددت في الامس القريب تأكيدها لمسؤولين ومراجع لبنانية بانها لم ولا تطرح اسما محددا، مكتفية بتكرار نصيحتها لكل الافرقاء اللبنانيي ان يعملوا على التلاقي في ما بينهم لانتخاب رئيس جديد.
وفي النصيحة الفرنسية ان العالم اليوم يضج يالتطورات الكثيرة والكبيرة، وان هذا لا يعني ان لبنان لم يعد في دائرة اهتمامنا، لكن كما نصحناكم سابقا ننصحكم اليوم بان تساعدوا انفسكم اولا قبل ان تنتظروا مساعدة الاخرين. وفي هذا المجال، يقول احد نواب المعارضة انه من المتوقع ان يبدأ تحرك ناشط في شأن الاستحقاق الرئاسي بعد اسبوعين بمشاركة فاعلة ولافتة من بكركي بالتعاون مع مراجع سياسية، لافتا الى انها لم تبح بكلمة السر حول هذا المرشح او ذاك، لكنها ترغب في تحريك جدي للاستحقاق خلال مطلع العام الجديد.
- السيناريو الرابع: هو احد ابرز الخيارات القائمة والمحسوبة، ويتمثل يترشيح وانتخاب سليمان فرنجية الذي يحظى بتأييد الثنائي الشيعي وعدد ملحوظ من النواب المستقلين ونواب سنة.
وتؤكد مصادر مطلعة ان حزب الله يدعم هذا السيناريو او الخيار بالتنسيق مع بري، لكن لم يحن الوقت لتظهيره، مع التأكيد ايضا ان الحزب لم يبحث، ولم يفسح المجال للبحث معه في الانتقال الى ما يسمى الخطة ب، لان القرار في هذا الشان متروك لفرنجية.