شانتال عاصي - الديار
ولكأنّه لا يكفي المواطن اللبناني المعاناة من فقدان الدواء وغلائه، وعدم قدرته على شرائه، ليُصعَق أيضاً بفساده وتزويره، وعدم صلاحيته وخطورته على الصحة. فمسلسل العذاب اللبناني مستمرّ!
دقّت منظمة الصحة العالمية ناقوس الخطر محذّرةً من وجود «دفعة ملوثة» في لبنان واليمن، من دواء يستخدم في علاج السرطان وأمراض المناعة الذاتية. وأوضحت في بيان، أن الدفعة الملوثة تعود لدواء «ميتوتريكسيت» بعيار 50 ملغ (METHOTREX 50mg) في إقليم المنظمة لشرق المتوسط.
كيف تم اكتشافها؟
كشف النائب وأخصائي الأمراض المعدية عبد الرحمن البزري لـ»الديار»، أنه تم اكتشاف فساد الدواء، من خلال بعض الأطباء الذين لاحظوا حصول مضاعفات مع مرضاهم كارتفاع الحرارة، والرجفان. وعند إجراء الفحوص المخبرية المفصّلة للدم، عثروا على جرثومة بكتيريا «الزائفة الزنجارية» وأبلغ أطباء الأمراض الجرثومية وزارة الصحة اللبنانية، التي أبلغت بدورها منظمة الصحة العالمية.
هذا وأعلنت منظمة الصحة العالمية أنه «تم العثور على الدفعة الملوثة في لبنان واليمن، بعد ظهور آثار ضارة على أطفال مرضى يتلقون الدواء». وأشارت إلى أن السلطات الصحية في البلدين، أجرت اختبارات ميكروبيولوجية على القوارير المختومة المتبقية، التي كشفت نتائجها وجود بكتيريا الزائفة الزنجارية (Pseudomonas aeruginosa)، مما يدل على تلوث المنتجات.
ويندرج دواء «ميتوتريكست» ضمن قائمة منظمة الصحة العالمية النموذجية للأدوية الأساسية، وهو عامل علاج كيميائي كابت لجهاز المناعة، يوصف لعلاج السرطان وأمراض المناعة الذاتية. وتعتبر عدوى الزائفة الزنجارية التي تصيب مجرى الدم، عدوى خطيرة يمكن أن تؤدي إلى الوفاة، ويمكن لأي منتج ملوث يحقن مباشرة في الجسم، أن يشكل مخاطر شديدة على المرضى.
ملفّ معقّد
ويعتبر البزري أن ملف الأدوية الفاسدة، هو ملف معقّد، كوننا نشهد انقطاع عدد كبير من الأدوية في الصيدليات وبالتالي يضطر المريض للّجوء إلى السوق السوداء أو أي مصدر آخر للحصول على الدواء، لافتاً إلى أن بعض المصادر التي تعتمد «الدواء البديل» لا تتمتع بجودة ونوعية الدواء الأساسي. فضلاً عن عملية نقل الدواء التي يُحتَّم نقلها ضمن شروط وظروف معيّنة، فبعضها بحاجة إلى حرارة وطرق تخزين معيّنة، والتي مع الأسف لا تخضع جميعها للنقل بالطرق السليمة، فيبطل مفعول الدواء أو حتّى يصبح ضارّا للجسم.
توصيات منظمة الصحة
تعقيباً على ذلك، أوصت منظمة الصحة العالمية باتّباع خطوات عدة لضمان عدم تكرار هذا السيناريو الصحي المميت:
- أولاً: ضرورة الكشف عن المنتجات الملوثة وسحبها من التداول، لمنع إلحاق الأذى بالمرضى.
- ثانياً: زيادة الترصد وتوخي الحذر على مستوى سلاسل التوريد في البلدان والأقاليم التي يُحتمل تأثرها بهذا المنتج.
- ثالثاً: زيادة المراقبة على مستوى الأسواق «غير النظامية».
- رابعاً: ضــرورة قيام السلطات المختصة بإخطارها منظمة الصحة فورا، في حال اكتشف هذا المنتج في أسواق بلدانها.
- خامساً: أهمية قيام شركات التصنيع بإجراء اختبارات للكشف عن أي تلوث ميكروبي، قبل إصدار دفعات المنتجات النهائية للاستخدام.
- سادسا: ضرورة الحصول على الأدوية من خلال موردين معتمدين ومرخصين، والتحقق بعناية من أصالة المنتجات وحالتها المادية.
يتم قراءة الآن