محمد عبد الرحمن
وكأن ظلم الدهر المتواطئ مع حكامنا علينا ليس كافيا، لتزداد على مصائبنا مصيبة السلاح المتفلت بأيدي شبان في عدة مناطق دون حسيب أو رقيب.
والحديث هنا عن أكثر المناطق سخونة في لبنان، وهي طرابلس، اذ لا يكاد يمر يوم لا تُسجل فيه عدة اشكالات متنقلة بين شوارعها، ناتجة عن تفاقم الازمات المعيشية والاجتماعية. لا يمر يوم على الطرابلسيين ولا تفوح منه رائحة القتل المجاني، والمتاح لكل فرد دون تفرقة.
الاشكالات اليومية لا تفرق بين الناس، والضحايا كثيرون وآخرهم الشاب عبد الرحمن العمر الذي توفي برصاصة في رأسه نتيجة مروره بالقرب من اشكال لا علاقة له به، ومن حوالي أسبوع عبد الله العيسى الذي أصيب نتيجة إطلاق نار عليه بسبب أفضلية مرور. لا تقف الأمور هنا، فتاة تتعرض لرشح مادة على وجهها عند خروجها من جامعتها ولكن العناية الالهية ساعدتها على الهروب والدخول لمحل سوبر ماركت كان قريبا واحتمت فيه، وفتاة أخرى في وضح النهار تعرض لها شاب على دراجة نارية ونشل هاتفها من يدها. هذا عدا عن عمليات التشليح والسرقة ليلاً التي باتت منتشرة في شوارع المدينة، ناهيك عن اطلاق الأعيرة النارية بشكل يومي عند منتصف الليل بين مكان وآخر لدب الذعر والقلق بين الأهالي.. كل ما سبق ذكره وحول طرابلس الى ما يشبه غابة يحكمها الزعران.
العبارات التي يتم تردادها، كطرابلس المنكوبة، طرابلس المهمشمة، طرابلس أفقر مدينة على ساحل المتوسط، لا يمكن التلطّي وراءها لتغطية وتمرير أجندات سياسية وأمنية لعدة جهات ومصالح، والسكوت عما يحصل في المدينة أمام أعين الجميع، لخرق أمن مدينة وشعبها التي بات يخاف النزول والتجول في شوارعها حتى ولو في وضح النهار.
يقول شاب من أبناء المدينة خسر حتى اليوم اكثر من صديق نتيجة السلاح المتفلت لموقع vdlnews : "بت كل يوم أذهب من جنازة الى جنازة من أصدقائي ومعارفي، فنحن ندفن من نحبهم نتيجة هذا السلاح المتفلت، اذا أصبحنا نخاف من الخروج من منازلنا سواء في الليل ام في النهار، لأننا لانعرف اين ومتى يقع اشكال ونذهب ضحيته".
عبّر الشاب الذي فضل عدم ذكر اسمه حتّى، عن خوفه وعدم اطمئنانه للحالة الامنية التي تعيشها المدينة محملاً الدولة مسؤولية ما يحصل من جراء هذا الانفلات".
من يتحمل نتائج السلاح المتفلت؟ هل يكفي القول انه من المفترض أن يكون الوعي كافيا عند ابناء وأهل المدينة وعدم الانجرار نحو الانفلات الامني في زمن الازمة؟ قطعا لا. على الفعاليات في المدينة والمعنيين القيام بكافة ما بوسعهم لضبط شوارع وأمن المدينة.
ولكن يبقى السؤال هنا، هل من مصلحة طرف معين أن تبقى هذه المدينة غارقة بويلاتها اليومية وبدماء أبنائها الذين يرحلون غرقا وقتلا؟ من مصلحة من خلق الفوضى والذعر يومياً لإيصال عدة رسائل على حساب أهل طرابلس الفقراء الذين تحولوا الى كبش محرقة سواء كانوا يعلمون أم لا؟