أحمد دلول
إلى العسكري اللّبناني، نأسف لما تتعرّض له من اذلال معيشيّ وماديّ من قبل دولتنا العجيبة، التي فيها يعاني عناصر الجيش في ظلّ تدنّي قيمة رواتبهم والارتفاع الجنوني لشتّى الأسعار وتأثيرها السلبي على حياتهـم.
"بطلوع الروح" تحاول بعض عائلات الجيش اللّبناني تدبير امورها المعيشيّة.
واحدة من الحالات هي زوجة احد العسكريّين، وأمّ لثلاثة أطفال، والتي صرّحت لجريدة النهار انّ راتب زوجها لا يتجاوز المليون و400 الف ليرة لبنانيّة، في حين انّ فواتير الكهرباء والمدرسة والأكل والشراب تفوق الراتب بأضعاف، وهي تحاول تدبير امور عائلتها المعيشيّة من خلال بيعها المساعدات الغذائية "المخفّضة الثمن" التي توفّرها المؤسّسة العسكريّة، وتوضح انّها تقوم بذلك لحاجتها الى السيولة، ولو لا الحصص الغذائية لتوفي اطفالها جوعاً، "ايّ وطن بدو يحمي العسكري إذا مش قادر يحمي عيلته من البرد والجوع"، وبالنسبة اليها "مش كل شيء اكل ورز وعدس".
واردفت قائلة انّ معيشة عائلتها اليوم تقتصر على الأساسيّات، فلا رفاهية في الاكل أو في شراء الملابس والألعاب لأولادها في فترة الاعياد المجيدة، وحتّى اّنهم باتوا محرومين من التلفاز بعد تخلّيهم عن اشتراك المولّد الكهربائي. ومن جهة ثانية هناك الكثير من العسكريّين باتوا غير قادرين على شراء الحليب لأطفالهم، فيستبدلونه بالطعام العاديّ.
امّا الحالة الثانية فهي حسن، العسكريّ اللّبنانيّ الذي قال للنهار انّه وبسبب الأزمة الإقتصاديّة انهارت كلّ حياته فجأة. فبعد ان كان مرتاح البال ومؤمّناً من ناحية الطبابة وتعليم أولاده، اصبح راتبه لا يكفي كلفة ذهابه وايّابه الى وظيفته، زد على ذلك تدنّي تغطية المؤسّسة العسكرية لبدل التعليم الى نسبة لا تتجاوز 50% بعد ان كانت تغطّي معظمها.
والحالة الثالثة هي عنصر في المؤسّسة العسكريّة، إذ يروي للجريدة نفسها انّه وبسبب تدنّي قيمة راتبه اضطّر مؤخّراً الى فـسخ خطوبته وقال": تركت خطيبتي لأن ما بدي اظلمها، انا لحالي ما قادر عيش كيف بدي عيّشها و اعمل عيلة".
مع الإشارة إلى أنّه من ناحية تقديمات الطبابة والاستشفاء، لا تزال قيادة الجيش قادرة على تأمين التغطية الصحيّة لعناصرها وضبّاطها بنسبة كبيرة. لكن يعاني العسكريّ أسوة بجميع اللّبنانيّين من نقصٍ في الأدوية، حيث تُفقد أصناف عدّة من صيدلية المستشفى العسكريّ المجّاني أو من الصيدلية البديلة بسعر مخفّض، وما لا يتمّ إيجاده يمكن شراؤه من صيدليات "مدنيّة" وإحضار الفاتورة لدفع المستحقات. كذلك يعاني العناصر في الجيش من بُعد المسافة بين أماكن سكنهم والمراكز الطبيّة التابعة للجيش اللّبناني.
يعجز الكلام عن وصف غصّة عناصر الجيش اللّبناني الذين باتوا أسرى المؤسّسة العسكريّة، كونهم يفنون حياتهم لخدمة الوطن ومؤسّساته التي تخذلهم.
فيا أيها السياسيّون، أتعرفون أنّ السلطة أوّلاً ذات طابع أخلاق وإنصاف وكرامة ومن خلالها تشكّل أساس التعامل، في حين انّكم تُمعنون في إذلال الشعب وتشريده.