كلير شكر - نداء الوطن
أنجزت دار الفتوى الاستحقاق المناطقي بكثير من الهدوء والتنافس الديموقراطي الذي لم يخل من الاعتبارات السياسية، فانتخب أربعة مفتين جدد هم: المفتي محمد إمام لطرابلس والشمال، المفتي بكر الرفاعي لبعلبك - الهرمل، المفتي علي الغزاوي لزحلة والبقاع، المفتي وفيق حجازي لراشيا، المفتي زيد بكّار زكريا لعكار، والمفتي حسن دلّي لحاصبيا - مرجعيون.
صحيح أنّ للعوامل المحلية والعائلية، دورها الأساس في تحديد هوية المفتين الجدد في انتخابات طال انتظارها كثيراً، إلا أنّه لا يجوز القفز فوق العوامل السياسية التي شكّلت ناخباً أساسياً في الاستحقاق المناطقي. وهنا لا بدّ من تسجيل سلسلة ملاحظات:
- هي المرّة الثانية التي تخوض فيها الطائفة السنيّة استحقاقاً أساسياً قي ظلّ غياب رئيس «تيار المستقبل» سعد الحريري، حيث كانت الانتخابات النيابية الأخيرة المعمودية الأولى من نوعها التي تخوضها الطائفة على مستوى الامتحان السياسي.
- بدا أنّ معظم المفتين الجدد من الجيل الجديد، وكأنّ هناك توجّهاً لتجديد المؤسسات الدينية والحفاظ على استمرارية النهج لمدى طويل. كذلك اتسم معظم المفتين الذين جرى انتخابهم بالاعتدال، الديني والسياسي، والانفتاح بعيداً عن الخطاب المتطرف.
ماذا عن الخيارات السياسية؟
في هذا الشأن، تنقسم آراء المتابعين. ثمة من يرى أنّ المفتين الجدد لا يمثّلون خطّاً بعينه ولا هم على ضفّة الخصومة لخطّ معين. بمعنى أنّ معظمهم من الخيار الوسطي الذين يتمتعون بعلاقات طيبة مع مختلف القوى السياسية. ولهذا لا يمكن تحميل النتائج أكثر مما تحتمل، لا سيما في ما خصّ حضور «تيار المستقبل» نافين وجود قرار بإقصائه، كذلك بتعويمه، بدليل أنّ عدداً من المفتين الجدد يتمتعون بعلاقة جيدة مع مسؤولي «المستقبل» وجمهوره.
في المقابل، يقول فريق آخر إنّ بصمات السفير السعودي وليد البخاري كانت جليّة في ما أفرزته صناديق الاقتراع التي فتحت يوم الأحد الماضي، لتشكّل نوعاً من التناغم بين دار الافتاء وخيارات البخاري، حيث أتت النتائج كما يقول هذا الفريق، وفقاً للتوجّه العام لثنائي المفتي عبد اللطيف دريان- السفير البخاري. ويقول هؤلاء إنّ الثنائي لم يخض معركة إقصاء سعد الحريري، لكن انخراط الدبلوماسي السعودي كان بهدف الحؤول دون قولبة الاستحقاق في قالب حزبي أو سياسي، بمعنى فرض ترشيحات محددة على الهيئات الناخبة، والمقصود بها ترشيحات «حريرية المزاج».
صحيح أنّ الحريري لم يتدخّل شخصياً كما لم يتدخل في الانتخابات النيابية بشكل مباشر، ولكن كان «للأحمدين» بصماتهما، أي أحمد الحريري وأحمد الهاشمية. والأمثلة كثيرة. تفيد المعلومات أنّ أحمد الحريري وخلال قيامه بواجب العزاء في منطقة زغرتا أبلغ الشيخ أسامة الرفاعي، من خلال هاتف صاحب واجب العزاء، أنّه سيكون داعماً له في انتخابات عكار. كذلك أبلغ المعنيين أنّه سيقدم المساعدة للمرشح طالب جمعة الذي كان في عداد المنافسين على افتاء البقاع الغربي، في المقابل دعم أحمد الهاشمية علي الغزاوي في البقاع والمرشح زيد البكار زكريا في عكار. وفي كلا الموقعين لم يوفّق أحمد الحريري، خلافاً للهاشمية.
أمّا في طرابلس فقد تمكّن المفتي الجديد، أي محمد إمام من نسج تحالف ديني- سياسي عريض من حوله أمّن له الفوز قبل فتح صناديق الاقتراع، فيما بقي النائب أشرف ريفي خارج السرب من خلال دعمه الشيخ بلال بارودي. ومع ذلك يقول المواكبون إنّ العاصمة الثانية لم تشهد تنافساً حقيقياً وكانت النتائج معروفة سلفاً. كذلك يؤكد هؤلاء أنّ السفير السعودي لم يتدخّل في طرابلس من باب تفضيل مرشّح على آخر، لكنه في المقابل وضع فيتو على الرفاعي في انتخابات عكار.
باختصار يقول هؤلاء، العبرة في الاستحقاق الديني كانت بالنسبة للسفير السعودي في تكريس واقع جديد على الساحة السنية وهو التعامل على أنّ سعد الحريري لم يعد مكوّناً أساسياً أو أوحد لها، ويفترض تجاوز تلك المرحلة للمضيّ قدماً.
النتائج النهائية
- عكار: الشيخ زيد بكار زكريا 96 صوتاً، الشيخ أسامة الرفاعي 66 صوتاً.
- طرابلس: الشيخ محمد إمام 82 صوتاً، الشيخ بلال بارودي 28 صوتاً، الشيخ مظهر الحموي 7 أصوات.
- بعلبك: الشيخ بكر الرفاعي 13 صوتاً، الشيخ سامي الرفاعي 7 أصوات.
- زحلة والبقاع: الشيخ علي الغزاوي 30 صوتاً، الشيخ طالب جمعة 14 صوتاً، الشيخ عبد الرحمن شرقية 4 أصوات، الشيخ خالد عبد الفتاح 4 أصوات.
- راشيا: الشيخ وفيق حجازي 18صوتاً، الشيخ جمال حمود 3 أصوات.
- حاصبيا ومرجعيون: الشيخ حسن دلّي 17 صوتاً، الشيخ فادي ناصيف 4 أصوات.