الديار
لان البلاد بالف خير، في السياسة والامن والاقتصاد، ولان البحبوحة الاقتصادية رفعت مستوى دخل المواطن اللبناني الى مستويات قياسية، لا داعي ابدا للاستعجال. هذا ما يستنتجه المواطن اللبناني حين يسمع مختلف القيادات السياسية، تتحدث عن الاجازة الطويلة التي منحوها لانفسهم مبكرا في عطلة الاعياد، وانصرفوا الى البحث عن كيفية ملء الفراغ الممتد الى مطلع العام المقبل، بوعود «كاذبة» حول بصيص أمل مع بداية العام الجديد. مع العلم ان كل ما يقال هو مجرد «ثرثرة» لا تستند الى اي وقائع ملموسة او معلومات موثوق بها من جهات اقليمية او دولية، وهي اقرب الى التمنيات او التوقعات الفلكية. ولان الجميع يبحثون عن «قشة» يتعلقون بها لتبرير الفشل الحالي، والمرجح امتداده لأمد طويل، بفعل غياب اي دلائل جدية عن وجود لبنان على رأس قائمة الاولويات، فان الرهانات تبدو مرتفعة على نتائج قمة عمان 2 لدول جوار العراق بحضور سعودي – ايراني، ومشاركة فرنسية يعول عليها لوضع الملف اللبناني على «الطاولة».
لكن الافراط في التفاؤل، لا يبدو في مكانه بحسب مصادر ديبلوماسية، فجدول الاعمال حافل ومكثف جدا، ويمنح الاولوية لترتيب «البيت العراقي»، ومساعدة العملية السياسية على التقدم، علّ النجاح هناك اذا تحقق، ينعكس في وقت لاحق على باقي الملفات في المنطقة، ومنها العلاقات الايرانية- السعودية المجمدة حاليا، بفعل انقطاع التواصل الذي بدأ في وقت سابق في بغداد. وقد عبر وزير الخارجية الايرانية حسين امير عبداللهيان عن حالة الحذر القائمة حالية لدى طهران ازاء جدية الرغبة السعودية في تحسين العلاقات عبر اعلانه أن بلاده مستعدة لاستئناف العلاقات الديبلوماسية مع الرياض «إن كانت الأخيرة مستعدة لذلك»، مُلقياً في الوقت نفسه بالكرة في ملعب السعودية، حيث أكد أن على الدولة الخليجية اتخاذ قرار حول كيفية اتّباع «نهج بنّاء» تجاه إيران. واذ اعتبر ان اجتماع العراق يمكن أن يكون خطوة كبيرة للتغلّب على المشاكل، لاقاه على نحو غير مباشر من بيروت رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، الذي تحدث عن «شيء ما» يعمل عليه في الخارج ولكن يحتاج الى وقت، فيما ابلغ السفير السعودي الوليد البخاري رئيس الحكومة الاسبق فؤاد السنيورة بالامس، على هامش لقاء بحث في شؤون الطائفة السنية، عقب انتخاب المفتين في المناطق، انه ليس في «اجواء» وجود الملف اللبناني على طاولة البحث في الاردن، والاختبار الفعلي الآن لتقدم العلاقة مع ايران في العراق، وفي حال النجاح قد تتطور الامور نحو بحث ملفات اخرى وفي مقدمها اليمن!
وفي الانتظار، لم تنجح محاولات «الاصطياد في الماء العكر» لبنانيا في حادثة العاقبية مع دورية اليونيفيل، بعدما خذلت واشنطن خصوم حزب الله في الداخل، ولم تواكب المواقف التصعيدية، مكتفية «بالتنديد» بالحادثة، التي وعد وزير الدفاع موريس سليم بمعاقبة «المعتدين»، فيما تحول عقبة «لوجستية» من قبل اليونيفيل، التحقيقات التي يجريها الجيش. حكوميا، جدد رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي رفضه لاقتراح المراسيم الجوالة، متمسكا بحقه الدستوري في دعوة الحكومة الى الانعقاد عندما تكون هناك بنود ملحة، وهو يتجه الى حشر التيار الوطني الحر في «الزاوية» مرة جديدة، من خلال طرح موضوع ترقية الضباط الذي يحتاج اقراره الى انعقاد مجلس الوزراء.
مؤتمر جوار العراق
تتجه الانظاراليوم الى الاردن، حيث يعقد في قاعة المؤتمرات في مركز الحسين، مؤتمر بغداد 2 للتعاون والشراكة، فرنسا تتمثل برئيسها ايمانويل ماكرون، ويحضر ايضا امير قطر، والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، ووزير الخارجية السعودي، ونظيره الايراني، وستحضر ايضا عمان، والامارات، والبحرين، والكويت، فيما لم تؤكد تركيا حضورها حتى مساء امس. ووفقا لمصادر ديبلوماسية، اذا كان جدول اعمال القمة ينحصر بمناقشة الازمة العراقية، خصوصا الهجمات التركية والايرانية على شمال العراق، والاقتصادية من خلال البحث في كيفية دعم مشاريع اعادة الاعمار والتنمية في بلاد الرافدين، فان الانظار تتجه الى اللقاءات الجانبية التي يمكن ان تعقد على هامشها، واهمها اللقاءات الثنائية المفترضة يوم الاربعاء، حيث يأمل البعض في ان تكون القمة منطلقا لاعادة انطلاق التفاوض الايراني -السعودي، من خلال السعي لعقد لقاء ثنائي بين وزيري خارجية البلدين، فيما يسعى الرئيس ماكرون الى احداث اختراق في ملف لبنان وسوريا وطرحهما من خارج جدول الاعمال، وخصوصا ملف اللاجئين السوريين الذي يهم الاردن ايضا.
وفي حال حصل الاختراق في العلاقة السعودية – الايرانية، وهو حتى مساء الامس، لم يكن محسوما، فإن الحديث عن اختراقات فورية، برأي تلك المصادر، على مختلف ساحات الاشتباك مبالغ فيه، لكن يمكن الحديث عن بداية حوار لن يكون قصير الامد. فهل يحتمل لبنان المزيد من الانتظار؟