محمد بلوط - الديار
اجتمع نواب «التغيير»، على اختلاف ميولهم امس، في المؤتمر الصحافي مع نواب من كتل «الكتائب» و«القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر» و«اللقاء الديموقراطي» للاعلان عن تقديم اقتراح قانون مشترك للاحوال الشخصية، قانون مدني الزامي موحد يتضمن الزواج المدني وحقوقا مدنية اخرى.
لكن هذا النموذج من الموقف الموحد لـ «التغيريين» لا ينطبق على تعاطيهم مع الاستحقاق الرئاسي والتصويت لمرشح موحد، ولا على امور اخرى، بعد ان تفرقوا الى فئات عديدة:
١- فئة بقيت حريصة على الاستقلالية والتصويت لمرشحها عصام خليفة، وتضم النواب: بولا يعقوبيان، ابراهيم منيمنة، فراس حمدان، ملحم خلف، حليمة قعقور، سينتيا زرازيري وياسين ياسين . اما الياس جرادي فهو ينسجم مع هذه الفئة، لكنه فضل مؤخرا التصويت للوزير السابق زياد بارود .
٢- الفئة الثانية ابتعدت عن خيار المرشح المستقل، وانضمت في موضوع الاستحقاق الرئاسي الى جانب «القوات» و«الكتائب» و«اللقاء الديموقراطي» و«تجدد»، وهي تصوت منذ اسابيع للمرشح النائب ميشال معوض. وتضم هذه الفئة النواب: مارك ضو، نجاة صليبا ووضاح الصادق، الذي كان سباقا في سلوك هذا الخيار .
٣- فئة ثالثة يمثلها مبدئيا نائب واحد هو ميشال الدويهي، الذي بادر قبل غيره الى اعلان خروجه من تكتل نواب «التغيير»، وعزا ذلك الى خلافات في الموقف والتوجه بين اعضائه على العديد من الملفات والاستحقاقات، من دون ان يعني الانقطاع او عدم التعاون بين نواب هذا التكتل حول كثير من القضايا والملفات الاخرى .
وبغض النظر عن اسباب وخلفيات الخلافات القائمة بين «التغييريين» حول هوية ومرشحي الرئاسة، فان النواب الـ ١٣ (اصبحوا ١٢ بعد ابطال نيابة رامي فنج ) لم ينجحوا في المحافظة على وحدتهم، ولم يتمكنوا من تكوين كتلة نيابية واحدة موحدة في التوجه والموقف تجاه كل القضايا والاستحقاقات المطروحة، وفي مقدمها الاستحقاق الرئاسي.
وبدا واضحا في سياق تطور مواقف اعضاء هذا التكتل، ان مارك ضو ونجاة صليبا ووضاح الصادق اخذوا منذ فترة غير قصيرة، يبتعدون اكثر في مواقفهم باتجاه الفريق الذي كان يسمى ١٤ آذار، وصار اليوم يحب عنوانا او اسما آخر هو « الفريق السيادي». بمعنى آخر ان النواب الثلاثة صاروا يقدمون شعار «السيادة على التغيير»، ولم يترددوا في التصريح اكثر من مرة عن قربهم وانسجامهم مع «القوات» واعتبارها خارج منظومة السلطة.
هذا الموقف لا يشاركهم فيه باقي نواب «التغيير» التسعة، لا بل انهم لا يترددون في انتقاد «القوات» ومواقفها، ويعتبرونها جزءا من منظومة السلطة.
ومما لا شك فيه، ان هذا التبعثر للنواب «التغييريين» ساهم في اضعاف دورهم، وولّد نوعا من خيبة الامل لدى جزء من جمهورهم، الذي ربما بالغ في فعالية دخولهم في الندوة النيابية، وحمّلهم اكثر مما ينبغي القدرة على الفعالية والتأثير في المجلس النيابي وخارجه، لا سيما على صعيد التصدي للمشاكل المتراكمة على الصعد الاقتصادية والاجتماعية.
ويقول احد النواب المنتمين الى الفئة الاولى والحريص على استقلالية قرار نواب «التغيير» في معرض الدفاع عن موقفهم ودورهم «اننا في الاصل لا نشكل سوى عشرة في المئة من المجلس النيابي، وقد كنا السباقين في اطلاق مبادرة حول الاستحقاق الرئاسي لانتخاب رئيس انقاذي، لكننا اصطدمنا بالاصطفاف الحاد بين الفريقين السياسيين التقليديين في المجلس، ولم نتمكن من احداث خرق ايجابي لهذا الاصطفاف».
ويرى ان الاختلاف لاحقا بين صفوف نواب «التغيير» على «الاستمرار في التصويت لمرشح «تغييري» موحد لا يشكل ازمة في ما بيننا، لاننا نستطيع التنسيق والتعاون في ملفات وقضايا حيوية اخرى تهم وتمس حياة الناس، بمعنى آخر اننا قادرون ونعمل بحيوية في ما بيننا للتعاون على القطعة، اكان من خلال تبني وتقديم اقتراحات قوانين اصلاحية او ذات طابع اجتماعي واقتصادي وانمائي».
واذ يؤكد ان المرشح «التغييري» هو الدكتور عصام خليفة، يقول النائب «انه في الجلسات الانتخابية المتتالية برز فريق يؤيد مرشح علني صوري (ميشال معوض)، وفريق ثان يؤيد مرشح مستتر بالوزقة البيضاء، اما نحن فانطلقنا بالتصويت لمرشحين لا ينتمون الى اي من الفريقين انسجاما مع مبادرتنا وموقفنا، لكن بعض نواب «التغيير» بدلوا لاحقا موقفهم، وصوّتوا لمعوض وفق قناعتهم الخاصة، لكن يبقى هناك قواسم مشتركة في ما بيننا «.
وعما اذا كان نواب «التغيير» في صدد النزول مرة اخرى الى الشارع بسبب استمرار تدهور الوضع، يقول النائب «التغييري»:» الناس هي التي تقرر النزول الى الشارع ونحن عندها سنكون معهم. نحن لا نأخذ القرار عنهم، فالقرار لهم قبل اي شيء اخر».
ويقول نائب «تغييري» من موقع آخر: «نحن اساسا جئنا من مواقع مختلفة، وان كان قد جمعنا هدف «التغيير وثورة ١٧ تشرين» . لذلك ليس غريبا ان لا نكون موحدين في كل المواقف والتوجهات . وانا اشاطر زميلي وزملاء آخرين اننا نتعاون اليوم على القطعة في التشريع، وفي التصدي والتعامل مع سائر الملفات والقضايا والاستحقاقات».
ويرى كزميله «ان قرار النزول الى الشارع مجددا هو ملك الناس، واننا سنكون معهم مثلما فعلنا قبل وبعد ١٧ تشرين، لاننا بدأنا نضالنا قبل الثورة ولم نركب موجتها».