فؤاد بزّي - الأخبار
يبلغ عدد اللبنانيين المسجلين في دوائر النفوس في وزارة الداخلية 6,138,010 نسمة، ويشكل لبنان بهذا الرقم ما نسبته 0.07% من سكان الكوكب، الذين يناهز عددهم 8 مليارات نسمة، بذلك يحتلّ لبنان المرتبة 109 عالمياً من حيث عدد السّكان. يفوق رقم الـ 6 ملايين التقديرات التي تتكلّم عن عدد سكان يتراوح بين 4 ملايين ونصف مليون وبين 5 ملايين لبناني، كما يضرب الأرقام المتداولة في الكتب التدريسية التي توقّف العدّ فيها عند 3.5 ملايين نسمة. إلا أنّ الملايين الستة رقم يمثل عدد اللبنانيين فقط، ولا يقترب أبداً من أعداد المقيمين على الأراضي اللبنانية، فلا يحتسب أعداد النازحين السّوريين أو اللاجئين الفلسطينيين أو ببساطة العمال الأجانب. إضافة إلى ما سبق، لا يمكن اعتبار هذا الرقم ممثلاً للبنانيين المقيمين على أراضيه، فهناك أعداد غير محدّدة منهم مهاجرون للعمل، أو أصبحوا مواطنين في دول أخرى.
تحتل محافظة جبل لبنان المركز الأول من حيث عدد المسجلين في دوائر نفوسها، بنسبة 20.4%، تليها لبنان الشمالي بنسبة 16.4%. وشهد لبنان خلال السّنوات العشر الأخيرة ارتفاعاً بعدد مواطنيه يقدّر بمليون نسمة، بزيادة تقارب المئة ألف نسمة سنوياً، وفقاً لأرقام البنك الدولي، إذ بلغ عدد اللبنانيين في عام 2012 ما يقارب 5 ملايين نسمة. وتعود هذه الزيادة الكبيرة لأكثر من 350 ألف عقد زواج مسجّل منذ عام 2012 حتى اليوم، نجم عنها 848 ألف ولادة، 48.7% إناث و51.3% ذكور، وعليه يقدّر عدد الأطفال لكلّ عائلة بـ 2.3 (مساوٍ للمعدّل العالمي)، ما يعني أنّ البلد كان في حالة زيادة سكّانية لأنّ عدد الأطفال لكلّ عائلة أكبر من 2.1.
النمو السّلبي
ومن هنا يمكن الدخول بتعريف «نسبة الإحلال»، فوفقاً للأمم المتحدة، يعرّف هذا المصطلح بـ«عدد الأطفال الذين تنجبهم كلّ امرأة»، وفي لبنان تحسب النسبة على أساس «عدد الأطفال لكلّ امرأة متزوجة». وكي يبقى عدد السّكان مستقراً، يجب أن تكون النّسبة مساوية لـ 2.1، وفي حال انخفاضها، ينخفض معها عدد السّكان، والعكس صحيح. في لبنان، استقرّت «نسبة الإحلال» منذ عام 1950 حتى 1960 على 5.81، ومن بعد تلك الأعوام، تنخفض النسبة كلّ عقد بمعدّل 0.76، ما يعني أنّ عدد الأولاد في العائلة اللبنانية يتدنّى، فمن معدّل 6 أطفال لكلّ زيجة في خمسينيات القرن الماضي، وهو ما رفع عدد السّكان سابقاً، يصل المعدّل إلى طفلين اليوم. وبالتالي، نستنتج أنّ العائلة اللبنانية تتقلص، وعدد السّكان في لبنان لا يتجه إلى الارتفاع في السّنوات القادمة، بل إلى استقرار سيسبق «النمو السّلبي»، أو الانخفاض، ففي السّنة الأخيرة للدراسة انخفضت «نسبة الإحلال» إلى 2.02، مع تسجيل تراجعات متلاحقة منذ عام 2012.
بالتدقيق أكثر، والمقارنة بين مختلف المحافظات اللبنانية، نجد معدّل الإنجاب الأعلى في عكار بـ«نسبة إحلال» وصلت إلى 2.9 في السّنوات العشر بين 2012 و2022، وفي بيروت النسبة الأدنى، ومعدّلها 2.05، على الرّغم من عدد أبنائها الكبير الذي يناهز الـ 700 ألف نسمة. وفي جبل لبنان الأكبر سكانياً، لم يتجاوز معدّل الخصوبة فيه الـ 2.1، ما يعني أنّ المحافظات حيث توجد المدن الرئيسية يتجه سكانها نحو «الحدّ من الإنجاب»، وهذا ما يبدو واضحاً في المحافظات الجنوبية، إذ تبلغ «نسبة الإحلال» في النبطية ولبنان الجنوبي 2.3، ما يؤشّر إلى تحوّل سكانها من «المجتمعات الزراعية» إلى «التمدّن»، وكذلك في الهرمل التي انخفض معدّل الإنجاب فيها إلى 2.05.
أثر الأزمة
وفي سنوات الأزمة الاقتصادية الأخيرة، المستمرة منذ عام 2019، وما يرافقها من كوارث صحية عالمية، يهتزّ المجتمع اللبناني أكثر مع تراجع عدد الزيجات المسجلة بين عامَي 2018 و2019 بنسبة 9.5%، ويستمرّ هذا الانخفاض حتى العام الجاري بنسبة وصلت إلى 20% مقارنةً مع عام 2018 (قبل الأزمة). كما تراجعت الولادات بين عامَي 2018 و2021 بأكثر من 28 ألف ولادة سنوياً، بعدما كان عددها سنة 2018 يزيد على 96 ألف ولادة، لم يتخطّ سنة 2021 عتبة الـ 69 ألفاً. وتترافق هذه التراجعات في الزيجات والولادات مع ارتفاع بنسبة الطلاق وصلت إلى 6% بين سنوات ما قبل الأزمة وما بعدها، بعدما كانت نسبة الطلاق في عام 2012 تساوي 17% من عدد الزيجات، وصلت في عام 2021 إلى 23%. يذكر هنا أنّ معدّلات الطلاق مرتفعة أصلاً بشكل عام في لبنان، وتناهز الـ 20% من عدد الزيجات المسجلة، وتتصدّرها محافظة بيروت بنسبة تساوي 31.16%، تليها النبطية بـ 23.72%، أما في عكّار فلم تتجاوز هذه النّسبة الـ 13.5%.
المرأة أطول عمراً
على مستوى الوفيات، يموت كلّ سنة في لبنان حوالي 25 ألف شخص، وفي الأعوام العشرة الأخيرة ناهز عدّاد الوفيات الربع مليون، فمقابل كل 3 ولادات يتوفى شخص، وتحتل محافظة جبل لبنان المرتبة الأولى من حيث نسب الوفاة، إذ تصل إلى حدود 27% من مجمل الوفيات، تليها لبنان الشمالي بنسبة %15. وتسجّل الأعوام الثلاثة الأخيرة ارتفاعاً بأعداد الوفيات، ويمكن أن يرجع السّبب في ذلك إلى أمرين، الأول يعود إلى الأزمة الاقتصادية وتداعياتها الصحية، والثاني إلى جائحة كوفيد 19.
وتكشف الأرقام أن النّساء اللبنانيات يعمّرن أكثر من الرجال، فمعدل أعمارهنّ يصل إلى 78 سنة وفق دراسة إحصائية، بينما لا يتجاوز معدّل أعمار الرجال اللبنانيين الـ 73 سنة، وهذا التفاوت الذي يصل إلى حدود الـ 5 سنوات ليس مستغرباً، فعلى المستوى العالمي، يصل إلى حدود الـ 10 سنوات لمصلحة النساء، ويعود بشكل أساسي إلى العادات الصحية السّيئة لدى الرّجال، من تدخين وإهمال للوضع الصحي وما يرافق الأمراض من مضاعفات، فيما الوعي الصحي أفضل بكثير لدى النّساء. وتظهر هذه المؤشّرات بشكل أوضح في نسب الوفيات، إذ تصل نسبة الرجال المتوفين في لبنان خلال الأعوام العشرة الماضية إلى 54.11%، بينما لا تتخطّى نسبة النّساء الـ 46%.
600 ألف مهاجر نهائياً
بحسب مصادر «الأخبار» في دوائر الأحوال الشخصية، كشفت أرقام الانتخابات النيابية الأخيرة أنّ هناك 600 ألف ناخب من أصل ثلاثة ملايين وتسعمئة ألف لا يمتلكون بطاقات هوية أو جوازات سفر، ولم يتقدّموا بطلبات للحصول عليها. أسماء هؤلاء تتكرّر بشكل دائم في كلّ انتخابات من دون تواقيع أو أيّ متابعات إدارية، ما يشير بحسب المصادر إلى «انفصال هؤلاء عن الواقع اللبناني، وتركهم البلاد نهائياً، وتحوّلهم إلى أرقام في دوائر النفوس فقط».