الجمهورية
ثلاثة مواضيع ستشكّل الشغل الشاغل السياسي والإعلامي هذا الأسبوع: الحوار النيابي تحت قبّة البرلمان، الحوار المسيحي الذي يمكن ان تقوده بكركي، ولقاء رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في الرياض.
يستمر الشغور الرئاسي المتمادي أحد الهموم الوطنية الأساسية، حيث انّ استمراره يُبقي الدولة في حالة من عدم التوازن، في ظلّ غياب رئيس الجمهورية وغياب حكومة أصيلة، والخلاف حول اجتماعات حكومة تصريف الأعمال، كما الخلاف حول التشريع، في ظلّ من يقول بتشريع الضرورة، ومن يقول انّ مجلس النواب تحول هيئة انتخابية لا تشريعية. وهذا الوضع غير المتوازن ينعكس سلباً على وضع متردٍ مالياً أساساً، فيما إعادة انتظام العمل المؤسساتي يفتح طريق الإنقاذ، الذي سيبقى متعثراً ومتعذراً في انتظار إعادة إنتاج الهرمية الدستورية.
وفي هذا الوقت تتركّز الأنظار في ثلاثة اتجاهات أساسية:
- الاتجاه الأول، ساحة النجمة، مع دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى استبدال الجلسة الانتخابية الرئاسية المقرّرة الخميس المقبل بجلسة حوارية، في اعتبار انّ جلسات الخميس استُهلكت واستُنزفت، ولن تؤدي إلى أي نتيجة، باستثناء استنساخ المشهد نفسه، مع تغييرات في الشكل لا المضمون، تتعلّق بطريقة تصويت النواب والكتل النيابية.
فهل سيتمّ التجاوب مع دعوة بري؟ وما هو الشكل الذي ستتخذه الجلسة الحوارية؟ وهل ستضمّ جميع النواب أم رؤساء الكتل فقط؟ وهل يمكن التعويل على خطوة من هذا القبيل لكسر حلقة الشغور؟ وفي انتظار ان يحدِّد بري الصيغة التي يراها مناسبة، وفي انتظار ردّ الكتل وتفاعلها، يمكن ان يُبنى على الشيء مقتضاه.
- الاتجاه الثاني، بكركي، مع احتمال دخول البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي على خط الاستحقاق الرئاسي، ليس فقط من باب الموقف الذي يشكّل مادة ثابتة في مواقفه وخطاباته، إنما من باب اللجوء إلى خطوات عملية ومبادرة رئاسية، من خلال لقاءات ثنائية تفتح طريق التوافق على أسماء تشكّل تقاطعاً بين القوى المسيحية واستطراداً الوطنية، ولا يعتبرها أي فريق انّها تشكّل تعويماً لخصمه على حسابه.
فهل سيبادر البطريرك الراعي في هذا الاتجاه؟ وهل ستشهد بكركي لقاءات سياسية محورها الانتخابات الرئاسية؟ وهل سيحاول الدعوة إلى طاولة حوار مسيحية على الرغم من معرفته المسبقة انّ هذه الطاولة مرفوضة، وانّ القوى المسيحية المعارضة تفضِّل اللقاءات الثنائية؟
- الاتجاه الثالث، السرايا الحكومية، مع اللقاء الذي عقده ميقاتي مع الامير محمد بن سلمان، وهذا اللقاء يعزِّز موقع رئيس حكومة تصريف الأعمال على المستوى السنّي. ولكن، هل سيشكّل في المقابل نقزة على مستوى "حزب الله"؟ وهل توقيت هذا اللقاء، ولو انّ حصوله جاء على هامش القمة العربية-الصينية، يعني انّ ميقاتي حسم تكليفه في العهد الجديد؟ وهل هذه الصورة التي تتمناها أكثر من شخصية سنّية تعني انّ ميقاتي تحوّل الرقم السعودي الصعب؟ وهل صحيح ما يقوله البعض، من انّ أبعاد هذا اللقاء بروتوكولية فقط، وانّه لن يكون لها أي متممات على أرض الواقع، وكل الهدف منها توجيه رسالة للبنانيين لا للسنّة، من انّ المملكة مهتمة بلبنان، أم انّ هذه الصورة تعني إعادة الاهتمام السعودي بالوضع السنّي، وانّها رسالة مفادها أنّ ميقاتي يحظى بدعم سعودي؟
وقالت مصادر مطلعة لـ"الجمهورية"، انّ لقاء ميقاتي مع ولي العهد السعودي "يشكّل في هذا التوقيت اختراقاً مهماً على الصعيد الخارجي، وفي العلاقة مع السعودية، الأمر الذي قد ينعكس ايجاباً على لبنان، بشكل او بآخر".
وإلى ذلك، قالت مصادر الوفد اللبناني إلى الرياض لـ "الجمهورية"، انّ "اللقاء بين ميقاتي وبن سلمان كان جيداً، وقد تجاوز النصف ساعة، وشكّل خطوة متقدمة في اتجاه طي الصفحة القديمة وفتح صفحة جديدة، تبدأ فصولها على المستوى الشخصي بين الرئيس ميقاتي ومسؤولي المملكة، قبل ان تتوسع لتشمل لبنان الرسمي". واضافت: "انّها خطوات تنتظر ما يمكن ان ينجزه اللبنانيون من إصلاحات مطلوبة على اكثر من مستوى، ولا سيما منها انتخاب رئيس جديد للجمهورية، لكي تنتظم العلاقة على مستوى المؤسسات الدستورية، وتشكيل حكومة جديدة تطلق مجدداً ما يمكن ان يحيي الثقة بين المملكة ولبنان، وهو امر رهن بالتطورات في لبنان وقدرة أي مسؤول على تنفيذ الحدّ الأدنى مما هو مطلوب، بعدما تعددت السيناريوهات المطلوبة". واكّدت المصادر نفسها، انّ "الحديث عن مساعدات سعودية مالية ليس أوانه. فهناك عدد من المحطات الفاصلة عن هذه المرحلة، وانّ الاولوية اليوم هي العمل على إعادة بناء المؤسسات الدستورية انطلاقاً من انتخاب الرئيس العتيد للجمهورية".
وعلى الرغم من حديث بعض الأوساط عن عدم وجود أي تدخّل خارجي لترتيب اللقاء بين ميقاتي وولي العهد السعودي، وخصوصاً من الجانب الفرنسي، قالت مصادر مطلعة لـ"الجمهورية"، انّ "جلّ ما انتهت إليه مساعي المبادرة الفرنسية التي يقودها الرئيس ايمانويل ماكرون هو إعادة فتح هذه النافذة بين المملكة ولبنان، على هامش القمة الصينية ـ السعودية والعربية والخليجية".