محمد بلوط - الديار

لم تخرج جلسة انتخاب رئيس الجمهورية التاسعة أمس بنتائج مختلفة عن تلك التي اسفرت عنها الجلسات السابقة، وبقي الاستحقاق الرئاسي معلقاً على مصير الحوار والتوافق.

 
وتمايزت الجلسة عن سابقاتها بأمرين اساسيين:

ـ اولا: وضع الرئيس بري جميع الكتل والنواب امام مسؤولياتهم لابداء رأيهم بموضوع الحوار بشأن الاستحقاق الرئاسي، فاذا ما حصل التجاوب مع هذه الدعوة يحول الجلسة يوم الخميس المقبل الى جلسة حوار، واذا لم يحصل ذلك نذهب الى السنة الجديدة.

ثانياً: انعكاسات المستجدات السياسية لا سيما على صعيد الاشكالية في العلاقة بين التيار الوطني الحر وحزب الله التي برزت في ضوء الخلاف الاخير حول انعقاد مجلس الوزراء يوم الاثنين الماضي.

فعلى صعيد تجديد الرئيس بري دعوة الكتل والنواب للحوار، ينتظر ان تبدي الكتل موقفها منها في غضون الأيام القليلة المقبلة ليبني رئيس المجلس على الشيء مقتضاه.

ووفقا للاجواء السائدة قال مصدر نيابي لـ «الديار» انه من الصعب توقع التجاوب مع دعوة رئيس المجلس من الآن، لافتا الى ان هناك كتلا كبيرة كانت رفضت او تحفظت عن اجراء الحوار، منها تكتل الجمهورية القوية بقيادة «القوات اللبنانية» وتكتل لبنان القوي بقيادة التيار الوطني الحر.

واضاف «اعتقد ان الاستحقاق الرئاسي مؤجل الى العام الجديد، وانه من الصعب جدا بل من المستحيل ان نشهد انتخاب رئيس جديد للجمهورية هذا العام، لاسباب عديدة داخلية وخارجية».

اما على صعيد انعكاس المستجدات الاخيرة لا سيما توتر العلاقة بين التيار الوطني الحر وحزب الله وانعكاس ذلك على اجواء جلسة الامس، فان اللافت الرسائل التي اراد التيار ارسالها عبر عملية التصويت، وبيان الرد الذي كان اصدره الحزب صباح أمس قبل انعقاد الجلسة.

ووفقا لقراءة ما جرى حرص التيار الوطني الحر على عدم الذهاب الى موقف متطرف أو الى خيار يزيد التأزم في العلاقة مع الحزب، فاختار اللجوء الى «الزكزكة» من خلال توزيع اصواته على ثلاثة محاور او ثلاث رسائل هي:

1ـ الابقاء على الورقة البيضاء بنسبة نصف اعضاء نواب التيار.

2ـ رمي أربع اوراق في صندوقة الاقتراع تشكل اسم المرشح ميشال معوض 2 ميشال، و 2 معوض. في اشارة الى استخدام اسم هذا المرشح مادة للرسالة التي اراد توجيهها في هذه الجلسة.

3ـ التصويت كما حصل في الجلسة الماضية لاحد اعضاء التيار الموقوف في جريمة انفجار مرفأ بيروت بدري ضاهر.

فاعطى 3 اصوات لاسمه، وواحدة لمعوض بدري ضاهر.

ولوحظ ان رئيس التيار النائب جبران باسيل لم يشارك في عملية الاقتراع وحضر الى الجلسة متأخراً. وبعد اعلان النتائج شوهد باسيل وبعض نواب التيار يتحدثون على الواقف مع نائبي حزب الله حسن فضل الله وعلي عمار لدقيقتين او ثلاث.

وتردد ان الحديث استمر دقائق معدودة بينهم خارج القاعة. وحرص النائب العوني غسان عطاالله على القول انه كان حديثا عاديا وسريعاً جدا.

وبغض النظر عن اهمية مثل هذا «اللقاء على الواقف»، الا ان هناك حرصا من الجانبين على التأكيد ان العلاقة لم تصل الى الطلاق، وهذا ما عبر عنه النائب الان عون قبل الجلسة.

ولعل التعبير الدقيق عن هذا الموضوع صدر على لسان المعاون السياسي للرئيس بري النائب علي حسن خليل في رده على سؤال حول ما جرى في التصويت بالقول انه لم يحصل تموضع جديد في هذا الشأن.

ومن جهته فان حزب الله اكتفى بالبيان الذي صدر عن العلاقات الاعلامية صباحاً، والتزم نوابه عدم التصريح تقيدا بالتوجيهات الصادرة عن قيادة الحزب بعد المؤتمر الصحفي الذي عقده باسيل مؤخراً.

 
ويمكن تلخيص الاجواء المتعلقة بهذا الموضوع في الجلسة بان حبال التواصل بين الحزب والتيار لم تنقطع، وان اعادة تصويب العلاقة من جديد يحتاج بالطبع الى مراجعة مباشرة بين الطرفين قريباً.

وفي نتائج جلسة الأمس تعادلت اصوات ميشال معوض والورقة البيضاء 39 صوتاً لكل خيار، لا سيما بعد ان ذهب ما لا يقل عن 9 اصوات للتيار الوطني الحر الى بدري ضاهر والاسم الاول او الثاني لمعوض.

وبقيت اصوات «لبنان الجديد» 9 اصوات وهي لنواب الاعتدال ذوي الغالبية السنية. كما صوت 5 تغييريين لعصام خليفة.

ونال كل من زياد بارود، صلاح حنين، فوزي ابو ملهب، «لاجل لبنان»، والتوافق، صوتا واحداً.

كما وجدت ورقة واحدة باسم المناضل والرئيس الافريقي الراحل نيلسون مانديلا.

واعتبرت 4 اوراق ملغاة.

الجلسة

افتتح الرئيس بري الجلسة وتليت اسماء النواب المتغيبين بعذر: سليم الصايغ، سيمون ابي نادر، ياسين ياسين، وضاح الصادق، الياس بوصعب، ستريدا جعجع، نعمة فرام، طه ناجي، علي عسيران، اغوب بقرادونيان، وملحم رياشي.

وطلب عضو تكتل الجمهورية القوية فادي كرم الكلام فتوجه الى الرئيس بري قائلا: دولة الرئيس اتوجه اليكم بكلمة ليست بالدستور ولا بالنظام الداخلي، اتوجه لدولتك من داخل القاعة وليس من خارجها بكلمة وطنية وجدانية. البلد ينهار ويتفكك، والتاريخ يسجل. كلنا مسؤولون ولكن انت المسؤول الاكبر يا دولة الرئيس، اتمنى عليك ان تدعو كل النواب الزملاء لكي يحضروا ونخوض المعركة للآخر ونفاجىء الشعب بانتخاب رئيس للجمهورية. لا شك ان نظامنا طائفي ولكنه نظام ديموقراطي وبرلماني ونستطيع ان نخوض المعركة للآخر وليصل من يصل.

بري: لا بديل عن الحوار

ورد الرئيس بري على النائب كرم قائلا: الجميع يعلم انني وقبل انتهاء ولاية فخامة رئيس الجمهورية، وانا احاول واؤكد على ضرورة ان يكون هناك حوار من اجل ماذا؟ من اجل الوصول الى حل وتوافق. فالسؤال هل هناك امكان لأي شيء بغير الحوار؟ ان شاء الله يقتنع الجميع بهذا الامر.

وقدم النائب هادي ابو الحسن باسم كتلة اللقاء الديموقراطي مداخلة قال فيها: «لقد وصلنا الى الحائط المسدود، وجميعنا في المأزق، وبقي خياران: اما ان نستمر في الجمود وننتظر الخارج ونأتي ونقترع، واعتقد ان هذه اهانة للكرامة الوطنية، وثانيا ان نجد الطريقة لكي نهتدي الى مرشح يؤمن بالطائف ومندرجاته خصوصا بعد الذي سمعناه هذا الاسبوع. انني اتوجه الى الجميع لكي نفتح المجال للتشاور من اجل عقد جلسة حوار وتشاور الى طاولة مستديرة».

وسأل النائب ملحم خلف: «هل هناك من عائق دستوري او في النظام الداخلي ان يبقى النواب داخل القاعة حتى بعد انتهاء الجلسة ونستمر بصورة متواصلة».

الريس بري: «حدا قال لك اننا عاملين استراحة هون»؟

وسأل النائب اديب عبد المسيح ما اذا كان هناك امكان لاجتماع اللجان النيابية بعد الجلسة العامة.

الرئيس بري: لم يطلب احد مني هذا الأمر. على كل حال اثناء الجلسة العامة لا يمكن القيام بأي شيء آخر الا بعدها. وبالمستطاع ان تتفقوا على عقد جلسات للجان بعدها.

وبعد عملية التصويت واعلان النتيجة علق النائب ميشال معوض على وجود ورقتين باسم ميشال وورقتين باسم معوض، مازحاً: «بلكي منجمعهم لنحسبهم صوتين».

بري: «هيدي خلّيلك ياها».

 
وبعد تلاوة محضر الجلسة ورفعها اعلن الرئيس بري قائلا: آمل من الان والى الخميس المقبل ان آخذ رأي الكتل جميعا بالحوار فاذا ما حصل نحول الجلسة الى جلسة حوار، واذا لم يحصل سنذهب الى السنة الجديدة. ولفت الى ان جلسة الخميس المقبل هي الجلسة الاخيرة قبل نهاية العام.