فادي عيد - الديار
لا يزال المشهد الداخلي يضجّ بالتسريبات والمبادرات ومشاريع الحوار حول الإستحقاق الرئاسي، ولكن من دون أن تكون لها أي ترجمة عملية مفيدة على أرض الواقع، خصوصاً بالنسبة لتقريب وجهات النظر وإرساء تقاطعات ما بين المحورين الرئيسيين في هذا الاستحقاق، سعياً لإحداث خرقٍ في جداره، والحؤول دون الانزلاق إلى الجمود، رغم استمرار جلسات الانتخاب النيابية كل خميس.
ووسط غياب الحماسة الفاعلة لدى المعنيين بانتخابات رئاسة الجمهورية، وفي مقدمهم الفريق المسيحي وبشكلٍ مباشر سياسياً وحزبياً وحتى روحياً، فإن أوساطاً ديبلوماسية تكشف عن انشغالٍ لافت قد يصل إلى حدّ الإهمال، وعدم الإلتزام بالوعود الممنوحة خلال الأشهر الماضية، ومن أبرزها إنجاز اتفاق ترسيم الحدود البحرية الجنوبية وإجراء الإستحقاقات الدستورية في مواعيدها كما الإصلاحات، من أجل تقديم الدعم والمساعدات الضرورية للإنتقال من الأزمة الخطرة إلى مرحلة التعافي.
وتوجه هذه الأوساط أصابع الإتهام إلى الإدارة الأميركية الحالية، التي كانت على تماسٍ مباشر مع ملف الترسيم، حتى أن الموقف الرسمي الصادر من البيت الأبيض تحديداً، خصّص جانباً من الإهتمام المباشر بالملف المذكور ، كإشارة واضحة بأن الرئيس جو بايدن، يتولى التزام العملية وضمانة تنفيذ بنود الإتفاق البحري، مع ما يحمله ذلك من خطوات لاحقة تؤمّن للبنان، ما يطلبه على صعيد تأمين حاجته من الطاقة والكهرباء، وصولاً إلى دعم وتسريع المناخات الملائمة لبدء الأعمال الإستكشافية في حقل قانا كمرحلة أولية وفي البلوط رقم 9.
فعلياً، لا ترى الأوساط الديبلوماسية المواكبة لتدرّج المواقف الأميركية من الملف عموماً وليس فقط من استحقاق انتخاب رئيس الجمهورية، أقلّه في المدى الزمني المنظور، أي حراكٍ مفيد باستثناء ما يسجّل من اتصالات وزيارات لموفدين أميركيين وفرنسيين وأمميين، من اليوم وحتى مطلع العام المقبل، لا تهدف إلاّ لتعبئة الفراغ على أكثر من مستوى رئاسي وحكومي وسياسي، بانتظار ساعة الحسم واكتمال المبادرة التي تدخل كالعادة في صياغتها عواصم القرار الغربية وفي مقدمها واشنطن كما العواصم الإقليمية التي تواكب اليوميات اللبنانية بكل أشكالها.
وبالتالي، فإن ما تتخوف منه الأوساط الديبلوماسية المطلعة، هو أن تواصل هذه العواصم الأميركية والفرنسية والسعودية والإيرانية والقطرية ترحيل أي دورٍ فاعلٍ لها في التسوية الرئاسية، وترك المسألة حالياً على عاتق القوى المحلية، ولكن من دون أن يعني هذا الأمر، التراجع عن «الفيتوات» الموضوعة حتى الساعة على بعض المرشحين غير المعلنين.
ولذلك تشير الأوساط نفسها، إلى محاولة قد تكون الأخيرة في المجلس النيابي، من أجل تعزيز حظوظ التفاهم بين الكتل النيابية، وتهدف إلى الإستثمار بفترة الترقب والبرودة الخارجية إزاء الإستحقاق الرئاسي، عبر العمل على إنجاز الإنتخابات في إطار اتفاق محلي، أو ما بات يُعرف ب»لبننة «الإستحقاق، إلاّ أن اكتمال هذه المحاولة ونجاحها، يبقى مرهوناً بعدة عناصر وعوامل محلية وخارجية في الوقت نفسه، تحت عنوانٍ ثابت وهو أن موعد الحسم النهائي لم يتحدد بعد، وبالتالي فإن الوقت المستقطع، سيشهد تكثيفاً للإتصالات والمشاورات واللقاءات، التي ستبقى منقوصةٍ حتى اكتمال لوحة التسوية.