محمد بلوط - الديار
لم تكسر جلسة انتخاب رئيس الجمهورية أمس الجمود الذي يحاصر الاستحقاق الرئاسي، ولم يتغير مشهدها عن مشاهد الجلسات السابقة التي جرت قبل دخول البلاد في الفراغ الرئاسي.
وكما كان متوقعا جرت عملية الاقتراع في الدورة الاولى، وانفرط النصاب في الدورة الثانية، في غياب مرشح يمكن ان يحظى باتفاق او توافق من شأنه اولا ان يؤمن هذا النصاب، وثانيا ان يفوز بالدورة الاولة او الثانية. وعكست جلسة الامس على استمرار جلسات الوقت الضائع الى حين نضوج طبخة الرئاسة.
ولعل العبارة التي قالها الرئيس بري ردا على استعارة النائب نديم الجميل لما يقال بان الجلسات اصبحت "مسخرة"، هي اصدق توصيف للمسؤولية الملقاة على الجميع، حين قال: "فيكن تعملوها (الجلسة) مسخرة وفيكن تعملوها جدّية". وفي عبارته اشارة غير مباشرة الى غياب الحوار، وبالتالي التوافق على شخص الرئيس الذي ينهي انتخابه مسلسل مثل هذه الجلسات.
ووفقا للاجواء التي سادت امس تحت قبة البرلمان، فان المشاورات الحوارية او التحركات الجادة للانتقال الى مرحلة جديدة في الاستحقاق الرئاسي لم تبدأ بعد، وان كان هناك من باشر عمليات جس النبض والتداول في بعض الترشحيات الاكثر جدية وواقعية.
وبدلاً من زيارة زخم الحراك باتجاه مقاربة الاستحقاق الرئاسي بطريقة اكثر ايجابية، فان المجريات والتطورات المتصلة بهذا الموضوع لم تحمل اي جديد، خصوصا بعد تفشيل سعي بري لعقد حوار حول هذا الاستحقاق.
وحسب الاجواء ايضاً يمكن توصيف المواقف على الشكل الآتي:
1ـ لم يطرأ أي تعديل على موقف ثنائي "حركة أمل" وحزب الله لجهة الدعوة الى الحوار والتوافق على رئيس الجمهورية من اجل الاسراع في الخروج من الفراغ الرئاسي.
2ـ حرصت "القوات اللبنانية" على المضي في التصويت للمرشح ميشال معوض وزيادة الاصوات لمصلحته في جعبة نواب "التغيير" وبعض نواب السنّة من اجل تقوية ورقتها التفاوضية، لكنها لم تنجح في احداث خرق جديد في جدار الكتلتين، وبقي عدد الذين صوتوا له 44 صوتاً.
3ـ رغم ما جرى تسريبه او التداول في شأنه في اليومين اللذين سبقا موعد الجلسة، صوّت نواب التيار الوطني الحر بورقة بيضاء الى جانب الثنائي الشيعي وبعض النواب المستقلين. وغاب رئيس التيار النائب جبران باسيل بسبب وجوده خارج البلاد. وقيل انه في زيارة لقطر لاجراء مداولات مع المسؤولين القطريين في الاستحقاق الرئاسي وبعض الاسماء المرشحة او ربما مرشح او مرشحين.
3ـ تراجعت اصوات مرشح "التغييريين" الدكتور عصام خليفة من 10 الى 6 اصوات بسبب غياب البعض، وتسرّب صوت او صوتين لمعوض، هما النائبان وضاح الصادق الذي صوّت في جلسة سابقة لمصلحة معوض ايضاً، ومارك ضو الذي لم يعلن صراحة عن المرشح الذي صوّت له. ويعكس هذا التراجع حالة الخلاف الحاصل بين النواب "التغييريين"، ليس حول الاستحقاق الرئاسي فحسب، بل ايضا على امور وقضايا عديدة اخرى.
4ـ بقي "اللقاء الديموقراطي" ملتزما بالتصويت لمعوض، رغم اعلان رئيس الحزب "التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط بعد زيارته لبري في عين التينة عن الاتفاق بالا يكون المرشح الرئاسي مرشح تحدّ. وترى مصادر مطلعة، ان هذا التصريح يفتح الباب امام البحث في مرشح توافقي، لكن جنبلاط لا يرغب في تعديل موقفه قبل بدء الحوار الجدي في هذا الشأن.
5ـ لوحظ ايضا تراجع عدد النواب الذين صوّتوا لـ "لبنان الجديد"، مع العلم ان بعضهم لم يحضر أمس. لكن موقفهم لم يتغير رغم الاتصالات المكثفة التي جرت معهم للتصويت لمصلحة معوض.
6ـ تراجع عدد الاوراق البيضاء الى 47 بسبب غياب عدد من اعضاء كتل الثنائي الشيعي والتيار الوطني الحر ونواب آخرين. وقال احد نواب هذه الكتل "اننا لم نعد نلتفت الى الارقام، فالوضع ما زال على حاله، ولا فائدة من الحديث عن زيادة او نقصان ما دامت المعادلة باتت معروفة ولا تقبل التحليل والتفسير".
والجدير بالذكر، ان نتائج الدورة الاولى اسفرت عما يأتي: 47 ورقة بيضاء، 44 لميشال معوض، 6 للدكتور عصام خليفة، 7 ل "لبنان الجديد"، صوت واحد لمصلحة الوزير السابق زياد بارود من نائب رئيس المجلس الياس بوصعب، الذي كان اكد انه لن يصوّت بورقة بيضاء كالسابق، صوت لمصلحة "لأجل لبنان"، وصوت لزياد حايك، وورقة ملغاة كتب فيها "الخطة ب" وصاحبها النائب "التغييري" ميشال دويهي.
وفقد النصاب قبل الدورة الثانية، حيث بلغ عدد النواب الحاضرين 79 نائباً بينما المطلوب نصاب الثلثين 86 نائباً وتليَ محضر الجلسة، واعلن بري عن جلسة جديدة لانتخاب الرئيس يوم الخميس المقبل.
الجلسة
*افتتح بري الجلسة، وتليت المواد المتعلقة بانتخاب رئيس الجمهورية، ثم اسماء النواب المتغيبين بعذر وهم: جبران باسيل، الياس حنكش، جميل السيد، نعمة افرام، نبيل بدر، اغوب بقرادونيان، اشرف بيضون وميشال ضاهر،.
وعندما شرع بري بالاعلان عن توزيع الاوراق لبدء الاقتراع في الدورة الاولى، سارع عدد من النواب لطلب الكلام.
*فلفت النائب ملحم خلف الى وجوب تلاوة المادة 74 من الدستور التي تتعلق بانتخاب الرئيس وليس المادة 73.
* بري: صح، صح.
ثم تليت المادة المذكورة.
*واثار خلف المادة 49 المتعلقة بعملية الانتخاب، وقال "ازاء تكرار المشهدية وانسداد الافق، وازاء تعذر جميع المبادرات الآيلة لانتخاب الرئيس، نؤكد اننا مع انتخاب رئيس انقاذي وليس رئيسا تسوويا، ونرى من الضرورة استنباط تفسير للمادة 49 التي لم تنص على النصاب المطلوب لانتخاب الرئيس.
* بري: انت تتكلم عن شيء غير وارد.
*خلف: فلتعقد جلسات مفتوحة حتى لو استوجب الامر لايام وايام.
*بري: "شرّف ارتاح".
*نديم الجميل: دولة الرئيس، الناس اللي عم تحضرنا ناطرينا ننتخب رئيس، وعم يسألوا اذا هيدي جلسات مسخرة او ضحك عالدقون".
* بري: "هيدا راجع إلكن. فيكن تعملوها مسخرة وفيكن تعملوها جدّية".
*اغوب ترزيان: هناك تفسيرات تحصل، وان المادة 49 لم تحدد النصاب ولكن تنص على ان نبدأ بنصاب الثلثين، لان انتخاب الرئيس في الدورة الاولى هو بالثلثين. نأمل من دولتك ان تحدد الامور بوضوح.
* بري: النصاب دائما هو الثلثان.
* سامي الجميل: بناء على اي مادة؟
* بري: "مادة اجرها من الشباك". اقرأ الدستور.
* الجميل: قرأت الدستور جيداً.
* ثم طلب بري توزيع اوراق الاقتراع.
* خلال عملية الاقتراع قال نديم الجميل مخاطبا بري: "دولة الرئيس لما بيفلّوا النواب بتحسبوهن؟".
* بري: "المشاكسة معي ما بتمشي. خليك عاحترامك".
مواقف نيابية
* وبعد الجلسة رأى النائب جورج عدوان باسم تكتل "الجمهورية القوية" ان "مؤيدي المرشح ميشال معوض يزيد عددهم بعد كل جلسة بعد حصوله على 44 صوتا، وقال: ان كل من حاول التصوير ان ترشيحه ودعمنا كتكتل له هو مناورة تبين له جدية الترشيح". واعرب عن اعتقاده "بان مؤيديه سيزيد عددهم في الجلسة المقبلة نتيجة الاتصالات مع عدد من النواب"، معتبرا انه "سيتمكن من النجاح في الدورة الثانية".
واوضح "ان قائد الجيش العماد جوزف عون اثبت بممارسته انه يمتلك المؤهلات الكافية ليكون مسؤولا، ولكنه حتى اليوم لم يترشح وليس مطروحا، وعندما نصل الى هذا الامر نجتمع كتكتل ونتخذ القرار".
* وحرص نواب ثنائي "حركة امل" وحزب الله على عدم الاسترسال في التصريحات، لكنهم اكدوا على لسان بعضهم على الحوار لانتخاب رئيس توافق جامع.
وقال النائب حسين الحاج حسن "ما دام ليس هناك حوار وتفاهم بين المكونات السياسية والنيابية، وليس هناك اي تكتل لديه امكان لتأمين النصاب القانوني، والعدد الكافي لانتخاب رئيس الجمهورية".
وشدد النائب قاسم هاشم على التوافق، لافتا الى "ان الورقة البيضاء هي لافساح المجال امام الجميع من اجل الحوار حول شخصية وطنية وفاقية جامعة".
* وقال عضو تكتل لبنان القوي النائب ألان عون "اننا ندور اليوم في دوامة مفرغة، واذا استمررنا على هذا الحال لن نصل الى نتيجة بشأن انتخاب رئيس الجمهورية"، لافتا الى "انه ليس هناك خلاف مع اي احد وخياراتنا كلها مفتوحة".
ودعا الى "التعايش باسماء معينة، واعطاء فرص للتوافق بين الكتل"، مشيرا الى "ان هذه الفرص التي نعطيها للتوافق ليس لديها افق زمني مفتوح، ونحن لسنا مقفلين على اي خيار". وقال: "لسنا مع الورقة البيضاء، لكن نعمل على ان يشكل الانتقال من خيار الورقة البيضاء فرقا في عملية الانتخاب.
* واعتبر النائب ميشال معوض "ان ترشيحه يكبر بعد كل جلسة... وانا لا اقبل ان اكون مرشحا تحت سيطرة الاحزاب او السلاح بل من اجل اعادة الدولة"، واكد انه سيكمل ترشحه ومعركته.