الفراغ الرئاسي يُسقط مفاعيل رسالة عون
الفراغ الرئاسي يُسقط مفاعيل رسالة عون

أخبار البلد - Tuesday, November 1, 2022 6:00:00 AM

محمد بلوط - الديار

لم يتأخر الرئيس نبيه بري في الدعوة الى عقد جلسة عامة للمجلس النيابي من اجل مناقشة رسالة الرئيس ميشال عون التي وجهها بواسطته قبل يوم من انتهاء ولايته، ملتزما بنص الفقرة ٣ من المادة ١٤٥ من النظام الداخلي للمجلس، والتي توجب الدعوة خلال ثلاثة ايام .

ووفقا لذلك دعا بري المحلس الى انعقاد المجلس يوم الخميس المقبل لمناقشة الرسالة واتخاذ الموقف او الاجراء او القرار المناسب، كما تنص الفقرة المذكورة . لكن السؤال ماذا يمكن ان يتخذه المجلس حيال المطلب الاساسي الذي ورد في رسالة الرئيس عون بعد دخول البلاد في الشغور الرئاسي اعتبارا من منتصف الليلة الماضية، لا سيما انه يقتضي ان يكون هناك رئيس جمهورية لتحقيقه او تحقيق الاهداف منه؟

الرئيس عون ركز في رسالته على مطلب واحد من خلال اجراء من اثنين : اعتذار الرئيس ميقاتي عن التكليف او نزع المجلس النيابي التكليف عنه . وبطبيعة الحال، فان الغاية ان يستتبع ذلك تكليف رئيس جديد لتشكيل الحكومة، فكيف يمكن تحقيق ذلك في غياب وجود رئيس للجمهورية لتوقيع المراسيم؟

وفي رسالته ايضا طالب الرئيس عون المجلس بانتخاب رئيس للجمهورية او تأليف حكومة في اليومين المتبقيين من ولايته، مع العلم انه كان يدرك سلفا تعذر بل استحالة تحقيق ذلك، لان التعامل الاجرائي مع رسالته التي وجهها في وقت متأخر جدا يحتاج الى فترة تتجاوز اليومين، خصوصا ان تحديد موعد الجلسة يكون بعد تسلم النواب الرسالة ب٤٨ ساعة وفق ما تقتضيه الاصول، مع العلم ان النواب تسلموا الرسالة امس .

صحيح ان الرئيس عون مارس احدى صلاحياته بتوجيه رسالته للمجلس بواسطة رئيسه، كما تنص الفقرة ٣ من المادة ١٤٥ من النظام الداخلي" عندما تقتضي الضرورة"، الا انه تأخر كثيرا، ما اسقط مفاعيلها سلفا قبل مناقشتها في المجلس، الامر الذي يعتبره بعض النواب انها باتت منتهية الصلاحيات ما دام غرض رئيس الجمهورية الاساسي قد سقط مع الدخول في الشغور الرئاسي.

من هنا، صارت الرسالة ايضا كـ " لزوم ما لا يلزم" خصوصا لجهة المطلب الاساسي اي اعتذار او نزع التكلييف عن ميقاتي لتكليف رئيس آخر وتشكيل حكومة جديدة، وهذا غير ممكن بعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية.

ماذا يمكن ان يحصل في جلسة الخميس، وما هي مفاعيل رسالة عون ؟ يقول مصدر نيابي مطلع ان انعقاد الجلسة يأتي في سياق تطبيق الدستور والنظام الداخلي للمجلس حيال رسالة رئيس الجمهورية، الذي للمفارقة صار رئيسا سابقا قبل انعقادها. ويضيف " ان بري تعامل معها وفق الاصول، لكن الموضوعية تقتضي ايضا القول ان جلسة الخميس لن تسفر عن شيء، باستثناء ما يمكن ان يزيد من السجالات والخلافات السياسية ليس حول مضمون الرسالة فحسب، بل ايضا حول المرحلة المقبلة في ظل غياب الاتفاق على الرئيس الجديد وتعذر انتخاب رئيس الجمهورية".

وبرأي المصدر ان ما يمكن ان يقال في شأن رسالة الرئيس عون في جلسة الخميس قد قيل، لا سيما على لسان ميقاتي الذي اكد على ان حكومة تصريف الاعمال مؤهلة للقيام بدورها في مرحلة الشغور الرئاسي، ويشاركه الرأي بري وكتل اخرى في السر والعلن، بينما يعتبر عون والتيار الوطني الحر وآخرين ان مثل هذه الحكومة لا تستطيع ان تمارس هذا الدور

قطعا .

ويعتقد المصدر ان النقاش والمداخلات ستتركز حول هذه النقطة، اي الموقف من املاء حكومة تصريف الاعمال الفرغ في ضوء الشغور الرئاسي، وفي رسالته يتهم الرئيس عون ميقاتي بانه امتنع عن تأليف حكومة جديدة وانه عرقل تشكيلها، وانه راغب في الاستمرار على رأس حكومة تصريف اعمال والمراهنة والرهان على الوقت كي تشغر سدة الرئاسة، فيستحيل عندئذ التأليف في غياب الشريك الدستوري الكامل في تأليف الحكومة، وهذا حصل وصار امرا واقعا بعد منتصف ليل امس.

واذ يحذر المصدر من الفوضى الدستورية التي تهدد الكيان والميثاق، يجدد التأكيد على عدم شرعية قيام حكومة تصريف الاعمال بدور رئيس الجمهورية او الحلول محله او القيام بملء الفراغ او ممارسة صلاحيات الحكومة الكاملة المواصفات، التي ايضا تمارس وكالة الصلاحيات في فترة الفراغ الرئاسي حتى حلول الاصيل اي انتخاب رئيس للجمهورية.

وفي مناقشة هذه المسألة في جلسة الخميس، يبدو واضحا وفق رصد مواقف الكتل النيابية ان رسالة الرئيس عون لن تؤدي ايضا الغرض تجاه هذه النقطة الخلافية، وان هناك اكثرية نيابية تعارض وجهة نظر الرئيس عون وتياره .

وقبل ذلك، لا بد ان النقاش في هذه المسألة ربما يأخذ البعد الطائفي والمذهبي، لكن الفرقاء المسيحيين غير التيار غير متحمسين في تبني او الدفاع عن وجهة نظر عون وتياره، لا بل انهم لا يريدون له ان يرفع ورقة ميثاقية او دستورية في وجه ميقاتي .

في مناقشة موضوع صلاحية ودور حكومة تصريف الاعمال في فترة الفراغ الدستوري، يحظى ميقاتي وموقفه بتأييد غالبية نيابية سنّية، ويتوافق رأيه كما هو معلوم مع موقف ورأي بري ورئيس الحزب "التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط، بينما يحرص حزب الله على عدم الدخول او الوقوع في هذا الجدل، مع تأكيده على اهمية وجود حكومة كاملة المواصفات التي عمل حتى اللحظة الاخيرة لتأليفها ولم يوفق، كما لا يحبذ انعقاد مجلس الوزراء في حكومة تصريف الاعمال في فترة الفراغ.

اما "القوات اللبنانية"، فانها تحاول ان تتجاهل او تتجاوز هذا الموضوع، لكي لا تعطي اي ورقة او زخم لموقف خصمها التيار الوطني الحر، وربما يكون حزب "الكتائب" متمايزا عن الطرفين المسيحيين.


وفي المحصلة، يبدو ان جلسة الخميس لن تضيف شيئا على اجواء السجال وكباش مرحلة الفراغ الرئاسي، لكنها ربما تستحضر فكرة الحوار حول الاستحقاق الرئاسي وانتخاب رئيس الجمهورية التي يركز عليها بري، والذي يفترض ان يحسم مصيره ويتبلور شكله في الايام المقبلة .

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني