رضوان الذيب - الديار
ليس غريبا ومفاجئا ما يعتري المشهد السياسي الداخلي من خلافات ومناكفات وبهورات، رافقت كل الاستحقاقات الرئاسية منذ الاستقلال حتى الآن، وكانت الحلول دائما خارجية بالفرض والكرباج، من بشارة الخوري وصولا الى ميشال عون، والرئيس القادم لن يخرج عن هذا السيناريو، بالاذن من كل "السياديين" القدامى والجدد، والطبقة السياسية في كل تلاوينها اليمينية واليسارية، وليس لمواقف كل هؤلاء اي صدى داخلي وخارجي، ولا تقدم او تؤخر في مسار الاستحقاق، والدليل الابرز على ذلك تدخل السفيرة الاميركية شخصيا مع عدد من رؤساء مجالس ادارات المؤسسات الاعلامية المرئية، طالبة وقف الانتقادات والتحريض والتشكيك باتفاقية الترسيم، وتم تلبية الرغبات سريعا والتسويق للنتائج الايجابية للاتفاقية على مستقبل البلد الاقتصادي في معظم مقدمات النشرات الاخبارية، وهذا سيسري على الرئاسة، وعندما تقول واشنطن كلمتها في هذا الملف ضمن التسوية الكبرى، فان المسار قد يأخذ شكلا جديدا.
وبالاذن من "السياديين" الجدد وكل الطبقة السياسية، وحسب مراجع متابعة لتفاصيل الوضع السياسي من زوار السفارات، الذين ينقلون بان الشغل الشاغل للسفراء العرب والاجانب كبارا وصغارا مع دولهم ينحصر حاليا برصد المواقف الايجابية لحزب الله من اتفاقية الترسيم ودعمها، ويؤكدون ان الموقف اللبناني صيغ بكل تفاصيله في مكتب النائب السابق نواف الموسوي المكلف من حزب الله بالملف، وهذا الامر اعلنه المسؤولون "الاسرائيليون" وهوكشتاين، وبالتالي فان السفراء ودولهم يتابعون الايجابيات في مواقف الحزب، كما يرصدون مواقفه المتواضعة والمعتدلة والمنفتحة جدا من الانتخابات الرئاسية، واعلانه انه لا يملك لوحده القرار في اختيار اسم رئيس الجمهورية، ولا بد من التوافق دون استثناء احد، كما يتابعون جهوده لتشكيل الحكومة، وحسب الزوار، فان الخلاصات الديبلوماسية ايجابية في تقييم مواقف حزب الله.
ويقول المتابعين: هذا التطور في مواقف حزب الله يخضع للمراقبة والمتابعة من السفراء الاجانب ودرس اسبابه بالتحليل والمعلومات، وهناك بحث جدي بامكانية تعميمه رئاسيا في ظل قناعة اميركية – فرنسية - اوروبية استحالة فرض رئيس للجمهورية، دون التفاهم غير المباشر اميركيا مع حارة حريك والمباشر فرنسيا واوروبيا، وهذه المعادلة الاميركية – الفرنسية - السعودية انتجت الرؤساء قبل الـ ٢٠٠٥مع سوريا، وبعد هذا التاريخ مع حزب الله بدءا من "الميشالين" سليمان وعون، لكنها مستحيلة مع "الميشال الثالث" معوض، في ظل "فيتو" حزب الله عليه، وبالتالي فان ابواب بعبدا لن تفتح الا عبر التوافق الاميركي - الفرنسي المباشر وغير المباشر مع حزب الله، والرياض لايمكنها القفز فوق هذه المعادلة، لانها لا تملك حق "الفيتو" في هذا الاستحقاق.
وحركة البخاري "بلا بركة" وغير مفهومة مطلقا، يضيف التابعون، فهو يعلم ان بلاده وضعت المسمار الاول في نعش الطائف بانقلابها على سوريا الحامي الاول لهذا الاتفاق، وما زالت سوريا وحلفائها في لبنان من اوائل الداعمين للطائف حتى الرمق الاخير، وهذا واضح من موقف حزب الله الداعم الاول لسليمان فرنجية رئاسيا المعروف بولائه للطائف، والصيغة، والنادي السياسي، والاعتدال، والتسويات، والعلاقات العربية والدولية المتوازنة مع اميركا والسعودية وايران وفرنسا.
وبالتالي، لا يمكن للرياض المزايدة على احد وتحديدا على حزب الله في موضوع الطائف وحمايته، وبالتالي ليس مبررا الحملة السعودية على اجتماع في سويسرا والتمني على فرنسا عدم الدعوة لـ "سان كلو" ثان، وحسب الزوار، فان الخوف السعودي الحقيقي ليس على الطائف مطلقا، بل في الانفتاح الدولي على حزب الله وامكانية الوصول معه الى تسوية رئاسية، واخراج الرياض من الاستحقاق الرئاسي بلا حمص، وهناك من يأخذ على الرياض تسرّعها في دعم ميشال معوض، لانه من رابع المستحيلات وصوله الى بعبدا، بعد ان بات طرفا غير محايد، واذا لم تتراجع الرياض لن يكون لها اي تأثير في هذا الملف.
لكن السؤال المطروح حاليا، كيف سترد واشنطن على الايجابية التي يبديها حزب الله؟ هل تبادر بالايجابية نفسها عبر دعم رئيس متوازن ورفع كافة الحصارات؟ ام تستمر بسياستها الحالية بالتشدد ردا على التسريبات عن الدعم الايراني لروسيا بالمسيّرات، وعندها ستطير الانتخابات واتفاقية الترسيم والغاز مع اشتعال الجبهات مع العدو، هذا المسار حسب الزوار، لاتريده واشنطن حاليا، بل على العكس تريد ضمان الامن للاتفاقية عبر تشجيع التسويات الداخلية، وصولا ربما الى انتخاب رئيس للجمهورية لا يشكل استفزازا لاحد، في ظل معلومات مؤكدة نقلها زوار السفارات، عن امكانية تكليف الادارة الاميركية لهوكشتاين في الملف الرئاسي لمعرفته تفاصيل الوضع اللبناني.