نداء الوطن
طويت صفحة "العشاء السويسري" على الأرجح إلى غير رجعة ولو أنّ السفارة السويسرية أعلنت عن تأجيله "إلى موعد لاحق"، إثر تفخيخه من جانب قوى 8 آذار بألغام رئاسية ودستورية تبتغي تمييع الاستحقاق الرئاسي تحت عناوين حوارية، ونسف اتفاق الطائف تحت شعارات تحاكي تطوير النظام. وإذ تنبهت قوى المعارضة للمكيدة فسارعت إلى إعادة تصويب أولويات المرحلة وفي مقدمها "أولوية انتخاب رئيس جديد للجمهورية"، أتت جولة السفير السعودي وليد بخاري أمس على كل من قصر بعبدا وعين التينة لتوثّق أهمية "وثيقة الوفاق الوطني" بالنسبة للمملكة العربية السعودية في تدعيم وحماية "ركائز الكيان اللبناني التعددي"، سيّما وأنّ بخاري جدّد من القصر الجمهوري حرص المملكة على "وحدة لبنان وشعبه وعمقه العربي انطلاقاً من المبادئ الوطنية الميثاقية التي وردت في اتفاق الطائف"، مع التذكير في هذا المجال بأنّ الطائف شكّل "القاعدة الأساسية التي حمت لبنان وأمّنت الاستقرار فيه".
ولأنّ أركان السلطة يعدّون العدّة لإدخال البلد في مرحلة طويلة من الفراغ الرئاسي، بدأوا خلال الساعات الأخيرة تكثيف الجهود لتشكيل حكومة جديدة قادرة على تسلّم صلاحيات رئاسة الجمهورية خلال فترة الشغور، ولفتت الجولات المكوكية التي قام بها المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم بين المقرّات حاملاً "الباسبور الحكومي لتسريع التأشيرات الرئاسية والسياسية اللازمة لإصدار مراسيم التأليف قبل نهاية العهد"، على حد تعبير مصادر مواكبة للاتصالات الحكومية، مؤكدةً أن ابراهيم "نجح في تذليل بعض العقبات التي كانت تعترض ولادة الحكومة العتيدة، والعمل جارٍ على تجاوز ما تبقى من معوقات على طريق التأليف خصوصاً وأنّ الرغبة جدية والحظوظ مرتفعة هذه المرة".
وعقب جولة المدير العام للأمن العام التي شملت أمس رئيس "الحزب الديمقراطي اللبناني" النائب السابق طلال أرسلان، كشفت المصادر عن احتمال حلّ عقدة المقعد الدرزي عبر "استبدال وزير المهجرين عصام شرف الدين بالوزيرة السابقة منال عبد الصمد"، مشيرةً في هذا السياق إلى أنّ الصيغة التي يتم العمل عليها راهناً تقضي بإدخال تعديلات على تشكيلة حكومة تصريف الأعمال "تشمل تبديل 6 وزراء، 3 مسيحيين (من بينهم وزير الخارجية عبد الله بو حبيب ووزيرة التنمية الادارية نجلاء الرياشي) بالإضافة إلى الوزير الدرزي ووزيرين شيعي (يوسف خليل) وسني (أمين سلام)".
أما عن العقبات التي لا تزال تعترض التوافق الرئاسي على التشكيلة الحكومية الجديدة، فأوضحت المصادر أنها تتصل في جوهرها بـ"الحصة المسيحية التي يريد رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل الاستئثار بتسمية كل وزرائها من دون أن يكون للرئيس المكلف حق إبداء الرأي أو الاعتراض"، لافتةً في المقابل إلى أنّ "حزب الله" دخل بقوة على خط "تدوير الزوايا في مطالب باسيل عبر إقناعه بعدم الإصرار على توزير حزبيين لعدم إحراج ميقاتي واستفزاز الطائفة السنية من ورائه، على اعتبار أنّ الأهم اليوم هو تشكيل حكومة كاملة الصلاحيات لإدارة مرحلة الشغور وأن يكون "التيار الوطني" مشاركاً في القرارات التي تتخذها بالنيابة عن رئيس الجمهورية بدل إخلاء الساحة لملء الفراغ الرئاسي بحكومة تصريف أعمال".