نداء الوطن
طوني فرنسيس
في المبدأ باقٍ أقل من أسبوع لتشكيل حكومة جديدة وقيام مجلس النواب بواجباته تجاهها مناقشةً لبيانها ومنحاً للثقة ببرنامجها ووجوهها.
والحكومة الجديدة التي طال انتظارها تبدو حاجةً ملحة مع انتشار التقييمات والتوقعات باستحالة انتخاب رئيس جديد للجمهورية ضمن المهلة الدستورية، وبالتالي الدخول في مرحلة من الفراغ المفروض، قد يطول أو يقصر، لكن لا أحد يعرف مداه. والفراغ المفروض ليس جديداً على بلادنا منذ نهاية عهد اميل لحود الذي ترك القصر فارغاً إلى أن تمّ اجتياح بيروت وفرض اتفاق الدوحة الذي عين ميشال سليمان رئيساً، ثم تكررت التجربة بعد نهاية ولاية سليمان، حيث دبّ الفراغ المديد إلى أن جرى إقناع جمهور النواب والقوى الممثلة في مجلس الأمة بضرورة اختيار ميشال عون رئيساً.
أتاحت تجربتا الفراغ الرئاسي امتحان تجارب جديدة نصّ عليها الدستور، قوامها حلول الحكومة القائمة محل رئيس الجمهورية في إدارة شؤون البلد بانتظار الفرج والافراج عن الرئيس المختار لينطلق مع حكومة جديدة في عهده الجديد.
لم تمر حكومتا تصريف أعمال الرئيس في التجربتين بأوقات سهلة. احتدم النقاش حول صلاحيات رئيسها واعضائها، وذهب البعض إلى اعتبار كل وزير رئيس جمهورية بحد ذاته. كان كل ذلك يجري على خلفية عملية الهيمنة على السلطة التي قادها «حزب الله» منذ احتلاله وسط بيروت واعتصامه فيه حوالى عامين. لم يبذل المعنيون اي جهد للعودة إلى أصل القصة التزاماً بالدستور وعملاً بنصوصه التي توجب اجتماع المجلس النيابي وانتخاب رئيس جديد، إنما ذهبوا بعيداً في نقاش دور حكومة الفراغ وصلاحياتها، وها هو الأمر يتكرر اليوم، ليس استعجالاً لانتخاب المنصب الأول، وإنما للحلول محله زرافات ووحدانا في صيغة مجلس وزراء يمثل مختلف صنوف الممسكين بتلابيب البلد.
وبعد، إذا كان لا مفر من حكومة معفاة من نقاش لاحق حول صلاحياتها، أي حكومة جديدة كاملة المواصفات تسد إلى أمد طويل فراغ بعبدا، فهل يكون السؤال عن ضرورة مشاركة جميع القوى النيابية الراهنة فيها مشروعاً؟؟
في اعتقادي واعتقاد كثيرين أنّه لا يجب ترك السلطة المختلة تواصل عملها في المرحلة المقبلة من دون إقامة حد أدنى من التوازن فيها، وهذا يقتضي قراراً سريعاً من المعارضة بإعادة النظر في عدم مشاركتها بالحكومة اذا لم تكن قادرة على حسم معركة الرئاسة ضمن المهلة الدستورية.