طوني فرنسيس
لا تبدو التعديلات اللبنانية، على وثيقة الاتفاق مع إسرائيل، «غير الجوهرية» حسب الياس بو صعب، و»البسيطة» حسب نبيه بري، سبباً مقنعاً أو كافياً للتأزم والانقطاع في التفاوض اللبناني الإسرائيلي برعاية الولايات المتحدة، أو دافعاً للعودة إلى لغة التصعيد العسكري بين إسرائيل و»حزب الله»، والتهديد بحروب يمكن أن تؤدي بحسب طرفيها إلى تدمير الكيان الصهيوني من النهر إلى البحر، والقضاء على لبنان دولةً وشعباً وحزباً!
ولأن الوقائع الخفية في الملاحظات اللبنانية والردود الإسرائيلية لا تحتمل ولا تفسّر حالة التوتر المستجدّة، يجدر البحث في الدائرة الأوسع، وتحديداً في ما يجري داخل إسرائيل عشية انتخابات قد تكون مفصلية، ثم في ما يجري في ايران حيث يترافق الإبتعاد عن العودة إلى الاتفاق النووي مع تحدّيات كبيرة يواجهها النظام، تجعله يصعّد تهديداته للخارج الأقرب والأبعد في محاولة لجعل الانتفاضة الداخلية نتاجاً لمؤامرة كونية.
في ما يتعلق بإسرائيل بدا إعلان وزير الأمن بني غانتس الاستعداد لمواجهة مع «حزب الله» غريباً في توقيته، خصوصاً أن الجيش الإسرائيلي هو في حالة استنفار فعلية منذ أربعة شهور. وسارع مسؤولون إلى التسريب أن كل ذلك هو جزء من المفاوضات! ولكن لماذا يلجأ حكام إسرائيل إلى هذه الأساليب؟ يبدو الجواب في الصراع السياسي الداخلي. فالتحالف الحاكم يخشى أن يطيح به نتنياهو في انتخابات مقبلة بعد أقل من شهر. ويخوض نتنياهو معركته متّهماً منافسيه بالاستسلام لـ»حزب الله» وتقديم التنازلات له، ويردّ خصوم نتنياهو بلغة الاستنفار والتوتر العسكري وصولاً الى اتهام منافسهم الانتخابي، في إحدى المرات، بأنه هو ونصرالله سيكونان سبباً في منع الاتفاق!.
في دائرة أوسع، هل يمكن فعلاً استبعاد إيران عن صورة التفاوض اللبناني الإسرائيلي؟
يبدو ذلك مستحيلاً ولو أصرّ المفاوضون اللبنانيون وفي مقدمهم «حزب الله» على النفي.
في الأيام الأخيرة صعّدت إيران مباشرة تهديداتها لثلاثة أطراف: أميركا وإسرائيل والسعودية، بعد اتّهامها بدعم الانتفاضة في ايران. وفي 2 تشرين الجاري هدّد الحرس الثوري والحوثي وميليشيات «الوعد الحق» العراقية التي يجري استحضارها عند الحاجة، بقصف السعودية والإمارات، وفي الوقت نفسه قصفت ايران في كردستان وخسرت طائرة أسقطها الاميركيون وبقي السؤال ما الرسالة الإيرانية إلى إسرائيل؟
في الرابع من تشرين أبرق المفاوضون اللبنانيون بملاحظاتهم بعد يومين من ملاحظات الحوثي ورسائل الحشد العراقي، فأين ذهب الترحيب الذي أبداه هؤلاء المفاوضون قبل أيام بوثيقة تم إبرام 90 في المئة منها (بو صعب) وبـ»القمحة ونص» في الاتفاق الذي «يلبّي المطالب اللبنانية» على قول بري؟
|
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp)
اضغط هنا