استضافت جمعيّة مُتخرّجي المقاصد الإسلاميّة في بيروت الوزير السّابق محمّد المشنوق، الذي ألقى مُحاضرةً تحتَ عنوان " المسؤولية عند شغور رئاسة الجمهورية".
حضَرَ النّدوة كلٌّ من: أصحاب المعالي الدكتور خالد قبّاني، العميد مروان شربل، محمّد شقير، النّائبان السّابقان الدكتور عمار حوري ورولا الطّبش، اسامة ذبيان مُمثّلاً شيخ العقل سامي أبي المُنى، جلال كبريت مُمثّلاً أمين عام تيّار المُستقبل أحمد الحريري، القاضي خضر زنهور أمين عام المجلس الشرعي الاسلامي ،الرّئيس السّابق لهيئة الرّقابة على المصارف الدّكتور سمير حمّود، رئيس مجلس إدارة بورصة بيروت غالب محمصاني، السفير هشام دمشقية، مدير مكتب الرئيس تمام سلام المهندس محي الدين عانوتي، أعضاء المجلس البلديّ لمدينة بيروت المُهندس محمّد سعيد فتحة وعبد الله درويش ويسرى صيداني بلعة،المهندس نبيل عيتاني الرئيس السابق لمجلس ادارة مؤسسة ايدال، رئيس جمعيّة مُلتقى بيروت الدّكتور فوزي زيدان، رئيس جامعة آل سنّو محمّد خالد سنّو، رئيس جامعة آل بليق الدّكتور سامي بليق، ، المحامي صائب مطرجي، المحامي عمر زين، الصّحافي زياد عيتاني ،الصّحافي إبراهيم ريحان، العميد المُتقاعد خالد جارودي، وحشد من فاعليات بيروت وأعضاء من الهئتين الإدارية والاستشارية للجمعية.
شربجي
بدأ اللقاء بكلمة ألقاها رئيس الجمعيّة الدّكتور مازن شربجي رحّبَ فيها بالوزير محمّد المشنوق وتطرّق خلالها إلى موقف الجمعيّة من المُستجدّات السّياسيّة.
أكّد شربجي على ضرورة انتخاب رئيس جديدٍ للجمهوريّة ضمن المهلة الدستورية يكون جامعاً للبنانيين، ويحترم الدّستور الناتج عن اتفاق الطّائف، ويسعى الى تطبيقه كاملاً بكافة مندرجاته، وأن يعيد وصلَ ما انقطَع من علاقات لبنان باخوانه العرب، ويلتزم بالشّرعيّات الوطنيّة والعربيّة والدّوليّة. ويحترمَ صلاحيّات الرّئاسات ويعمل بالتنسيق مع رئيسيْ الحكومة ومجلس النّوّاب.
كما دعا إلى تشكيل حكومةٍ بأسرعِ وقتٍ مُمكن لتجنب أيّ فوضى دستوريّة تُحاك بناءً على اجتهادات خاطئة قد تُدخِلُ البلادَ في دوّامة نحن في غِنى عنها.
واعتبر أنّ الاجتهاد الدستوري المتمثل باستلام حكومة تصريف الأعمال الحاليّة صلاحيّات رئيس الجمهوريّة في حال عدم تشكيل حكومة جديدة هو اجتهاد الضرورة ويستند الى روحية الدستور اذ لا يجوز ابدا دخول البلاد في فراغٍ رئاسيّ. وقال: " ومن هذا المُنطلق، نُؤكّد أن الحرص على انتقال صّلاحيّات رئاسة الجمهورية الى مجلس الوزراء مُجتمعاً لسَت من مُنطَلقٍ طائفيّ.، بل هي خطوة دستوريّة واضحة توافق عليها الجميع وأكّدوا عليها في اتفاقِ الطّائف حيث يتمثّل فيه جميع أطياف المُجتمع اللبنانيّ. كما ندعو الجميع لاحترام المهل الدّستوريّة ومداورة السّلطة لما فيه مصلحة لبنان."
كما رحّبَ شربجي باللقاء النّيابيّ الذي عُقِدَ في دار الفتوى: ": تُرحّب الجمعيّة باللقاء النيابيّ الذي انعقدَ في دار الفتوى برعاية مُفتي الجمهوريّة صاحب السّماحة الشّيخ الدّكتور عبد اللطيف دريان، وما تعكسُه هذه الصّورة الجامعة من عناوين وطنيّة لم تكُن دار الفتوى بمنأى عنها يوماً، بل هي الحريصة دائماً على الثّوابت الوطنيّة والشّراكة والعيش المُشترك واحترام المُؤسّسات وهويّة لبنان العربية".
المشنوق
بعد شربجي كان الكلام للوزير السّابق محمّد المشنوق الذي تحدّث المسؤوليّة في حال شغور موقع الرّئاسة، مُتطرّقاً إلى تجربته كوزيرٍ في حكومة الرّئيس تمّام سلام التي تولّت صلاحيّات الرّئاسة بالوكالة بعد انتهاء ولاية رئيس الجمهوريّة السّابق ميشال سليْمان.
تطرّق المشنوق إلى جلسة انتخاب رئيس الجمهوريّة التي عُقِدَت الخميس في مجلس النّوّاب وقال: "نلتقي هذا اليوم في حوار حول موضوع المسؤولية عند شغور رئاسة الجمهورية، وقد شهد اليوم (الخميس) دعوة الرئيس نبيه بري النواب للجلسة الأولى المخصصة لانتخاب رئيس الجمهورية الجديد. لا ابالغ إذا قلت ان معظم اللبنانيين لا يصدقون أنّ اجتماع مجلس النواب اليوم كان سيتوج برئيس جديد يعلقون الآمال عليه لإنقاذ البلاد من الأوضاع التي لا تحتاج في انهيارها الى صفة إضافية. الرئيس بري قام بعملية جسّ نبض مجلس النواب، وفي ذهنه سلسلة دعوات مشابهة في شهر تشرين الأول وحتى بعد نهاية عهد الرئيس ميشال عون. والنواب استفادوا من الدعوة لبدء التحرك وتحديد المرشحين واستنفار الكتل وتشجيع البحث عن مرشحي تسوية."
واعتبَر أنّ موضوع المسؤولية عند حصول الشغورفي رئاسة الجمهورية يبدو وسط الاحتقان السياسي الراهن عنصر تجاذب بين القوى السياسية ويحتاج كما هي العادة الى تفسير وحجج دستورية حول كل بند وكلمة وينتهي بوجود معسكرين يختلفان تحت مظلة الدستور دون أي شعور بالمسؤولية الوطنية وبمصلحة لبنان في هذه الظروف الحرجة.
وأشارَ إلى أنّ المشكلة هي في سوء فهم روح الدستور والاسباب التي دفعت المشرعين الى صياغة تعتمد احياناً حسن النية في اختصارها للكلمات وعدم شرح البنود حيث يجب. وقال: "لذلك علينا التركيز على ما يقوله الدستور حول المسألتين الاساسيتين اليوم، أي تشكيل الحكومة الجديدة وشغور رئاسة الجمهورية."
وأضاف: "في 24 ايار 2014 انتهت ولاية الرئيس الثاني عشر للجمهورية اللبنانية كما بدأت دون ان يتسلم الرئيس ميشال سليمان الرئاسة من سلفه وغادر قصر بعبدا دون أن يسلمه لخلفه. ومع شغور المنصب الأول في الدولة اللبنانية دخل لبنان في مسار سياسي ودستوري عنوانه الشغور والذي يشبه ما سيحصل بعد اسابيع قليلة اولا يستطيع أحد أن يتكهّن بكيفية الخروج منه أو عن طول المرحلة القائمة والنتائج التي قد تنتج عنها."
وأردَف: "عرّفت المادة 49 من الدستور اللبناني رئيس الجمهورية اللبنانية بصفته"رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن يسهر على احترام الدستور والمحافظة على استقلال لبنان ووحدته وسلامة أراضيه وفقاً لأحكام الدستور". وعلى الرغم من الطابع الرمزي لهذا التوصيف، يتمتع رئيس الجمهورية بأهمية رئيسية في النظام السياسي اللبناني. هو رأس الدولة لكنه كذلك يمثل الطائفة المارونية في التوزيع الميثاقي والطائفي القائم في لبنان، ما يمنحه موقعاً سياسيًا متقدماً. لقد أدى الانقسام السياسي آنذاك الى عدم تأمين نصاب الجلسات وعدم القدرة على التوافق على مرشح يكون مدعوماَ من أكثرية وازنة. وهكذا تعطل مسار العملية الديمقراطية وانتقل لبنان الى شغور قي رئاسة الجمهورية استمر سنتبن ونصف وحمل صفة الفراغ. ورغم الاجواء المشحونة والظروف الصعبة التي مرّ بها لبنان استغلت بعض القوى الفراغ ومارست ضغوطاً كبيرة بأمل ايصال مرشحها في حال حصلت تسوية مع ضوء أخضر عربي واقليمي. وأشير هنا الى أننا في حكومة الرئيس تمام سلام صمدنا وتجاوزنا ضغوطات واشكالات عديدة ممن اعتقدوا أنهم باتوا رؤساء للجمهورية وحاولوا تعطيل مجلس الوزراء.
وأردف: "منذ استقلال لبنان في 1943 وحتى التعديلات الدستورية التي تلت اتفاق الطائف في 1989، تمتّع رئيس الجمهورية بصلاحيات واسعة جعلت منه المنصب الأبرز في الدولة ومع انعقاد اتفاق الطائف وتوقيع ورقة الوفاق الوطني التي شكلت القاعدة السياسية للتعديلات الدستورية. هنا استذكر الجهود التي بذلت للوصول الى اتفاق الطائف، في العام 1990 تعدّل النظام السياسي اللبناني وتراجعت بشكل كبير صلاحيات الرئيس لمصلحة مجلس الوزراء مجتمعاً. كما أصبح "لمجلس النواب ومجلس الوزراء حقّ اقتراح القوانين، ولا ينشر قانون ما لم يقرّه مجلس النواب". وبعد التعديلات أصبح "لرئيس الجمهورية، بالاتفاق مع رئيس الحكومة، أن يدعو إلى العقود الاستثنائية".
أمّا بالنّسبة الى دور رئيس الجمهورية في تشكيل الحكومة، قال المشنوق إنّ المادة 53 تُسمح له "بتسمية رئيس الحكومة المكلف، بالتشاور مع رئيس مجلس النواب، استنادًا إلى استشارات نيابية ملزمة، يطلعه رسميًّاعلى نتائجها"، كما أصبح على رئيس الجمهورية أن "يصدر، بالاتفاق مع رئيس مجلس الوزراء، مرسوم تشكيل الحكومة ومراسيم قبول استقالة الوزراء أو إقالتهم".
واعتبَر أنّه هُنا تبرز الصلاحية الأساسية لرئيس الجمهورية لانه يبقى المرجع الوحيد والنهائي الذي يحسم موضوع تأليف الحكومة، وهو يوقع مع رئيس مجلس الوزراء مرسوم التشكيل.
وقال: "الدستور هو ركيزة لما وصل إليه اتفاق الطائف الذي أنهى حالة الحرب في لبنان ورسم طريق النهوض والاستقرار بعد سنوات طويلة من الحروب والانقسامات. وهو يتضمن بنوداً تأسيسية وبنوداً تحدد الصلاحيات وبنوداً إجرائية تعكس ما وصل إليه ميثاق الطائف من أهداف وغايات. إلا أن الدستور اللبناني لم يتوسع في شرح بعض البنود الأساسية واكتفى في مواضيع أساسية بأسطر قليلة جداً وبصياغة تحتاج أحياناً إلى شرح وربما إلى تفسير."
وفي الكلام عن شغور منصب رئاسة الجمهورية قال المشنوق: "النّص واضح في الدستور الذي جعل صلاحيات رئيس الجمهورية وكالة عند مجلس الوزراء مجتمعاً. أما القول أن الحكومة المستقيلة لا تستطيع أن تحمل هذه المسؤولية فهو كلام ينتقص من روح الدستور الذي يحرص دائماً على استمرار المسؤولية في حال الشغور بما يمنع الفراغ في أي قضية أساسية فكيف إذا كانت شغوراً في رئاسة الجمهورية."
وأردف: "إن الحكومة المستقيلة تحمل مسؤولية أعمالها إلى حين صدور مراسيم الحكومة الجديدة وهذا ما جعل قبول استقالة الحكومة في أول مرسوم بتوقيع منفرد من رئيس الجمهورية ثم برسوم يكرس رئيس الجمهورية تعيين رئيس الحكومة ثم مرسوم ثالث بتشكيل الحكومة وبتوقيع الرئيسين."
وختَم كلامه بالقول: في هذا الواقع الذي نعيشه اليوم أعتقد أن هناك صراعاً قاسياً بين قوى سياسية تشعر بتراجع شعبيتها في الوطن وهي تفقد احتمال وصول رئيس من تيارها فتضع كل العراقيل أمام حكومة جديدة همها مواكبة انتخاب رئيس للجمهورية لتستقيل بعده ليقوم هذا الرئيس بعد انتخابه بمشاورات لإنتاج حكومة العهد الجديد. قد يتساءل البعض هل تعني كل هذه العراقيل أن عملية انتخاب رئيس جديد للجمهورية ستبقى تجرجر معنا أشهر وسنوات كما حصل سابقاً، أم يستفيق نواب لبنان ليعيدوا للدستور مكانته ويعيدوا للمواطنين الوطن الذي يريدون".
مداخلات
بعد كلام الوزير المشنوق، كانت مُداخلات للوزير السّابق مروان شربل الذي ناقش بعض الرؤى المُختلفة في تفسير المواد.
كما كانت مُداخلة مُطوّلة للوزير السّابق والخبير الدّستوريّ خالد قبّاني اعتبر فيها أنّه لا مانع دستوري من انتقال صلاحيات رئيس الجمهوريّة إلى حكومة تصريف الأعمال. كما شرحَ أهميّة تطبيق الدّستور ودورٍ كلٍّ من رئيس الجمهوريّة والسّلطتيْن التنفيذية والتشريعيّة. كما تطرّق قبّاني إلى تفسير المواد الدّستوريّة المُتعلقة بصلاحيّات رئيس الجمهوريّة ومجلس الوزراء، شارحاً الأسباب الموجبة لعدم تكريس عرف تسمية رئيس الجمهوريّة لوزراء كـ"حصّة حكوميّة".
|
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp)
اضغط هنا