الديار
على وقع «الصمت» الانتخابي في الداخل، يتوجه اللبنانيون في الدول العربية اليوم، باستثناء الامارات التي يقترع لبنانيوها الاحد كما في سائر الدول الغربية، الى مراكز الاقتراع و «العين» على حجم الاقبال على صناديق الاقتراع في ظل رهانات قد تكون مبالغ فيها من قبل بعض الاطراف السياسية على «قلب الطاولة» بأصوات هؤلاء خصوصا اذا ما اقترع كل المسجلين او معظمهم، في بعض الدوائر المفصلية وفي مقدمها دائرة بشري- الكورة – زغرتا - البترون المصنفة بدائرة السباق نحو بعبدا وليس «ساحة النجمة» حيث تجاوز عدد المسجلين الـ 26 الف ناخب بينما يبلغ الحاصل الانتخابي المفترض نحو 12 الفا، وهذا يعني ان التاثير سيكون حاسما في حال ارتفعت نسبة الاقتراع.
«الذعر» السعودي
في هذا الوقت، وبينما تخشى كل الاطراف من ان تكون «المقاطعة» الفائز الاول في الانتخابات، يثير «الذعر» السعودي المستجد من المقاطعة السنية، الكثير من علامات الاستفهام، حيال هذه «الصحوة» المتاخرة فعشية فتح مراكز الاقتراع للمغتربين في الدول العربية، رفعت المملكة العربية السعودية منسوب تدخلها المباشر في الانتخابات التشريعية المرتقبة عبر هجوم منظم يشنه كتاب سعوديون ولبنانيون في الصحف السعودية على رئيس الحكومة الاسبق «المعتكف» سعد الحريري وبينما واصلت صحيفة عكاظ حربها المفتوحة والمنظمة على رئيس تيار المستقبل انضمت بالامس صحيفة الشرق الاوسط الى «الجوقة» باتهامه بانه صاحب القرارات «المذلة» متهمة اياه بمنح حزب الله «المثالثة»!
استفزاز سعودي «للسنة»!
الانشغال السعودي المفاجىء «بالصوت» السني سخرت منه اوساط نيابية بيروتية لـ «الديار»، ورات ان البعض يحاول تحميل الحريري مسؤولية سياساته الفوضوية والخاطئة التي ساهمت في اضعاف السنة في لبنان عبر «تهميش» «زعيمهم» بعدما اكتشف عقم الخيارات المفروضة عليه والتي كانت مجرد «وصفة» «لحرب اهلية» رفض التورط بها، اما ما يجري اليوم فهو يرفع «سقف التحدي» مع الشارع السني المستفز «بالمظلومية» اللاحقة بالحريري، وما لم تنجح الضغوط التي تمارس عليه «بقوة» لدعوة جمهوره بالاقتراع ضد حزب الله، ستكون «المقاطعة» قاسية وفاعلة للغاية سنيا، والتوجهات الان من قبل قيادات المستقبل الفاعلة للجمهور بان يكون الرد هذه المرة مدويا لتاكيد زعامة الحريري من خلال البقاء في «المنازل» يوم الاقتراع، لافهام من يعنيهم الامر في الداخل والخارج، ان هذه الطائفة وفية لمن خسر كل شيء لاجلها، وستكون الصناديق الفارغة الاستفتاء الحقيقي في مواجهة «الخونة» و «المتسلقين» على اكتاف الحريري.!
توقيت الحملة ؟
ووفقا لمصادر مطلعة، يبدو الهجوم السعودي على الحريري مستغربا في توقيته، وكأن السعودية اكتشفت فجاة ان خروجه من الحلبة السياسية سيكون له تداعيات خطيرة في صناديق الاقتراع، مع العلم ان الفرنسيين ومعهم الاماراتيين سبق وحذروا الرياض من مغبة الاستمرار في سياسة «عزل» الحريري واضعافه، وجرت محاولات كثيرة قبل اعلان عزوفه لتامين عودته الى «الحضن» السعودي، لكن المملكة اصرت على رفض اي مبادرة في هذا السياق، والان توجه اللوم لرئيس تيار المستقبل وتحمله مسؤولية قرار لم يكن لديه خيار في عدم اتخاذه بعدما اقفلت في وجهه كل «الابواب» في المملكة وجرّد من اي دعم سياسي او مالي يساعده بالاستمرار في العمل السياسي، واذا كانت الرياض تريد الان مراجعة سياستها، فانها مرة جديدة ترتكب المزيد من الاخطاء عبر استفزاز «الشارع» السني الذي لم يعد «يطيق» كل المظالم المرتكبة بحق الحريري الذي تحوله الرياض الى «شهيد حيّ».
تحريض لبناني على الحريري
ووفقا لتلك الاوساط، جاءت الصحوة السعودية بعد «شكوى» ثلاثية كانت بمثابة «التحريض» من قبل وليد جنبلاط، وسمير جعجع، وفؤاد السنيورة، عبر تحميل الحريري مسؤولية خسارة متوقعة للوائحهم في معظم الدوائر التي يشكل فيها السنّة رافعة انتخابية، وعملت تلك الشخصيات على «تحريض» السفير السعودي الوليد البخاري لاقناع المملكة بالتدخل المباشر للضغط على الحريري بدعوة ناخبيه للاقتراع ضد لوائح حزب الله ودعم لوائحهم، ووفقا للمعلومات، لم ينجح جنبلاط الذي تواصل مع الحريري شخصيا في اقناعه باتخاذ خطوة متقدمة في هذا الاتجاه، وهذا ما يفسر بدء الحملة الاعلامية السعودية على «زعيم المستقبل» وسط مخاوف جدية من ارتفاع سقف الضغوط المباشرة عليه في الايام القليلة المقبلة.
السعودية: الحريري باع دماء والده!
فلليوم الثالث على التوالي واصلت صحيفة «عكاظ» السعودية هجومها على الحريري وانضمت اليها صحيفة الشرق الاوسط، وقالت انه بعد فشله سياسياً واقتصادياً ومشاركته بمسؤولية الانهيار الذي وصل إليه لبنان، وعدم قدرته على خوض الانتخابات، قدّم سعد الحريري أكبر خدمة لقتلة والده وذلك بدعوة الطائفة السنيّة لمقاطعة الانتخابات لإخلاء الساحة الانتخابية لحزب الله «الإرهابي» والتيار العوني على حساب وطنه لبنان وعلى حساب طائفته، ولا عجب في ذلك فمن باع دم والده مقابل عدم فتح ملفات الفساد التي تورط فيها، لن يتوانى في تقديم قرابين الرضا لأعداء لبنان من أجل الحفاظ على مصالحه الشخصية. واضافت، الحريري اليوم يعمل على تشتيت الأصوات السنيّة، والامتناع عن التصويت - في الانتخابات المقبلة - يعني ذهاب المقاعد السنية لحلفاء حزب الله، العدو التاريخي ليس للسنّة فقط بل للبنانيين جميعاً الذين وثقوا في سعد ذات يوم.
ووصفت الصحيفة الحريري بـ «الفاشل والضعيف جداً في المفاوضات السياسية»، وقالت انه بعد 17 عاماً مختلفاً تماماً عن ذلك الشاب الذي كفكفت دموعه السعودية إثر اغتيال والده في شباط 2005، فقد التحى، كما الإيرانيين، ولم يبقَ إلا أن يخلع الكرافتة. واتهمته بالـ «تشيّع السياسي» وقالت انه فاشل وضعيف جداً في المفاوضات السياسية، والدليل أنّه أوصل عون إلى رئاسة الجمهورية دون أن يحقق أي شيء لصالح قضيته الشخصية أو لصالح الدولة اللبنانية».
وختمت الصحيفة هجومها برسالة إلى الحريري، قالت فيها: إنّ فرصتك التاريخية حانت، وربما لا تستحقها، لكنها أتت على الرغم من أنك لم تقدم الثمن التاريخي لها. ولذلك كله، عليك أن تنحاز إلى وطنك أولاً، وإلى طائفتك ثانياً التي حطمتها باستسلامك لحزب الضاحية وزعماء الطوائف، قبل أن تسمع ذات يوم «ابكِ سعد... وطناً لم تحافظ عليه مثل الرجال!»
«تسويات مذلّة»
وفي سياق الحملة نفسها، قالت صحيفة الشرق الاوسط السعودية ان الحريري صاحب القرارات الخاطئة، و «التسويات» المذلة مع حزب الله كانتخاب ميشال عون رئيساً، إلى دوره في تغطية تغول الدويلة تحت يافطة «ربط نزاع»، ودوره في تلزيم حقيبة المالية للثنائي المذهبي؛ ما أفقد رئاسة الحكومة الكثير من صلاحياتها مع منح هذا الفريق حق الفيتو، ليتقدم مشروع «المثالثة» خطوة كبيرة مع التوقيع الثالث! إلى دوره في حماية المدعى عليهم في جريمة تفجير المرفأ، فبدت الدعوة للمقاطعة تسديد فواتير لاحقة لـحزب الله تمكنه من حجز مقاعد سنية مستفيداً من بلوكاته الانتخابية مقابل التراجع في نسبة التصويت.! ووصفت الدعوات للمقاطعة بانها وجه آخر من الممارسة العبثية لمن علّق عمله السياسي وشعاره «من بعدي الطوفان»(؟!)
وفي سياق التماهي مع الحملة السعودية اكد وزير الداخلية بسام مولوي زيارة مفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان في دار الفتوى أنّ التخلّف عن الانتخابات لا يفيد أحداً ولا يفيد البلد، ودعا اللبنانيين إلى الإدلاء بأصواتهم في صناديق الاقتراع، معتبراً أنّ هذه فرصتهم للتّغيير، ومُشكّكاً في أن يؤدّي الامتناع إلى الغاية المرجوّة. وفي السياق نفسه، شدد شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ سامي أبي المنى اثر زيارة من دار الفتوى على ان «المشاركة في الانتخابات واجب وطني من أجل المساهمة في إنقاذ البلد»...