يمنى المقداد - الديار
بين الحين والآخر تعود إلى الواجهة الإعلاميّة قضية أساتذة التعليم الرسمي الأساسي والثانوي، ملاكا ومتعاقدين، فلكلّ جهة مطالبها الخاصة، علما أنّ الطرفين يتشاركان في كثير من الهموم المطلبية والتعليمية.
ورغم وحدة الهدف، ألا وهو إعطاء الأستاذ في التعليم الرسمي كامل حقوقه، إلا أنّ الوسيلة تختلف، فقد أعلنت "رابطة الثانوي" الإضراب لأكثر من مرّة، نظرا لعدم دفع كامل الرواتب والحوافز والتأخير في صرف مستحقاتهم من قبل المصارف.
ورغم أحقيّة مسببات الإضراب ومشروعية هذه الوسيلة، إلّا أنّ لتكرارها واستمرارها لفترات طويلة، أثمان دفعها آخرون وهم الطلاب والأساتذة المتعاقدين الذين أضربوا في فترات سابقة، ويعانون كذلك من تأخير دفع مستحقاتهم وحرمان بعضهم من الحوافز المالية التي تعطيها الدولة بالدولار الأميركي وأيضًا من بدل النقل، ومؤخرا من التعليم بالمطلق جرّاء الإضرابات المفتوحة والمتكررة.
أمّا ما يجمع الطرفين، فهو الخوف من تأجيل دفع المستحقات لما بعد الإنتخابات النيابية، ما قد يضيّع المساعدات والحوافز المترافقة مع الرواتب الهشة بشكل نهائي.
من هنا، أعلنت "لجنة المتعاقدين في التعليم الأساسي الرسمي" في لبنان في بيان لها أنّ وزير التربية عباس الحلبي أمام خيارين، إمّا دفع المستحقات المالية المؤجلة، أو إنهاء العام الدراسي وترفيع الطلاب، مطالبةً المسؤولين في وزارة التربية بتقديم استقالاتهم لينوب عنهم "الأشخاص المناسبون".
عالوعد يا كمّون
رئيس "لجنة المتعاقدين في التعليم الأساسي" حسين سعد، شرح لـ "الديار" بأنّ المشكلة الأساسية التي يعاني منها المتعاقد في التعليم الأساسي الرسمي هي عدم إلتزام الوزارة بتحويل مستحقاته شهريا أو فصليا، لافتا إلى عدم تنفيذ الإتفاق الذي جرى بين المتعاقدين ووزير التربية بداية العام الدراسي والذي قضى بإعطاء حوافز شهرية عبارة عن 90 دولارا، رغم مرور 6 أشهر على بدء الدراسة، بحجّة أنّ هناك أخطاء كثيرة في البرنامج الموجود في الوزارة وفي رقم حساب المتعاقد في البنك، فضلا عن نقص في عدد موظفي وزارة التربية، مشيرا كذلك إلى آخر اجتماع جرى مع وزير التربية بحضور رئيس الحكومة والنائبة بهية الحريري في السراي الحكومي والذي تمّ بموجبه تعليق الإضراب في 14 من شباط، على أن يتم إعطاء بدل النقل للمتعاقدين 64 الف ليرة لـ 3 أيام حضور و3 ساعات تدريس وما فوق، ولغاية الآن(19 نيسان) لم يقبض المتعاقدون بدل النقل.
أمّا بالنسبة للبيان الأخير للجنة قال سعد: إن هذا الموقف جاء بعد محاولات كثيرة للتواصل مع وزير التربية ومقابلته، إلّا أننا منذ 14 شباط لغاية اليوم(19 نيسان) لم نحصل على موعد، ولم يرد الوزير على أيّ منا، وفيما خصّ الحوافز المالية ، كان الاتفاق أن يقبض المتعاقدون والملاك 90 دولارا قدمتها الأمم المتحدة في إطار مساعدة بلغت بحدود 37 مليون دولارا ومن ثم وصلت الى 72 مليون دولارا على أساس إعطاء متعاقدي الأساسي والثانوي والمهني، لافتا الى أنّ أستاذ الملاك يقبض 90 دولارا فيما المتعاقد يقبض بحسب عدد ساعات التعاقد أسبوعيا( 4 ساعات بـ 20 دولارا- من 5-17 ساعة يتم احتساب عدد الساعات مضروب بـ 5 دولارات، بين 18 و 30 ساعة يقبض 90 دولارا كاملة).
أين صرفت الأموال التي أتت على إسمنا؟
حوافز الـ 90 دولارا شهريا أعطيت لبعض المتعاقدين فيما حرم القسم الآخر منها، وفق سعد، الذي اعتبر أنّ الوزارة بهذا الإجراء تسبّبت بحصول شرخ بين المتعاقدين إضافة الى أنّ متعاقدي المهني لم يقبضوا شيئا من تلك الحوافز منذ اول العام، فيما لم يقبض الأساسي والثانوي عن أشهر شباط وآذار ونيسان الحالي، ولفت إلى أنّ الأساتذة الذين يعلمون النازحين السوريين على صعيد كل لبنان كذلك لم يقبضوا شيئا منذ بداية العام، وسأل سعد: لم لا تعتمد الوزارة آلية شفافة وتنشر على صفحتها قيمة المبالغ التي تمّ صرفها من هذه المنح والحوافز المالية، وتكون هذه المعلومات واضحة أمام البنك الدولي والرأي العام اللبناني و"نعرف أين صرفت الأموال التي أتت على إسمنا؟"
أما هاجس المتعاقدين وفق سعد ، فهو أنّنا لن نتمكن من طلب مستحقاتنا من الحكومة التي ستكون بحكم تصريف الأعمال بعد الإنتخابات، مضيفا أنّ التخوف الأساسي برز من خلال الملاك حيث تمّ تأجيل المساعدة الإجتماعية الشهرية لهم لما قبل 15 أيار وعلى 4 دفعات، ورأى أنّه يجب أن تضغط الروابط ولجان التعاقد قبل إجراء الإنتخابات النيابية من أجل الحصول على الحقوق المسلوبة من وزارتي التربية والمالية.
وعن الإضراب أضاف سعد: "ولا مرة كان الاضراب بيخدمنا كمتعاقدين"، والسبب أنّنا متعاقدون على الساعة، ولكن قد نلجأ إلى إضراب مفتوح بداية الأسبوع القادم اذا لم توضع الحوافز في حساباتنا ويكون هناك حل جذري لبدل النقل، وقد نلجأ إلى إجراءات أخرى منها عدم اجراء امتحانات آخر السنة ومقاطعة الامتحانات الرسمية المتوسطة والثانوية بكل فروعها، ومقاطعة المراقبة ولجان التصحيح، ولكن ذلك سيكون على حسابنا كمتعاقدين وعلى حساب الطالب.
ومن سيعوّض الطلاب؟ يجيب سعد أنّ الطالب اللبناني درس نحو 80% من المنهاج، وأنّه ليس هناك إمكانية للتعويض فقد أصدر وزير التربية قرارا بإنهاء العام الدراسي في 7 تموز، عدا عن أنّ هناك أياما مختصة بإجراء الإنتخابات النيابية.
واكد أنّ الأهم هو كيف ستتعامل وزارة التربية في العام القادم ؟ وهل ستتعلم من الأخطاء السابقة في السنوات الثلاث الماضية كي تستطيع مساعدة المتعاقد والملاك وتنهض بالتعليم والمناهج؟ وهل المناهج التي يتم تطويرها مع المركز التربوي تراعي الشروط التربوية للمجتمع اللبناني وترضي الجميع؟
الإضراب تضييع للوقت والبوصلة
منسق "حراك المتعاقدين الثانويين" حمزة منصور أشار لـ"الديار" إلى أنّه لم يعد هناك أي قيمة نضالية للإضراب وأصبح تضييعا للوقت والبوصلة، مؤكدا أنّ حراك المتعاقدين لم يشارك في الإضراب، مستغربا لجوء الروابط للإضراب فمشكلتهم مع الدولة ووزارة التربية وزارة المالية وليس مع المتعاقدين والطلاب، لافتا الى أنّ الإضراب لم يوصلهم إلى نتيجة والدليل أنه لا يزال مستمرا، مؤكدا في الوقت عينه على أنّ الحقوق مقدسة سواء ملاكا أو متعاقدين ولا أحد ينكرها، فالملاك يقبضون بين 3 أو 4 ملايين ليرة وهي غير كافية، إنّما الحق يؤخذ من الدولة وليس من المتعاقد والطالب.
ورأى أنّ على الوزارة مسؤولية كبيرة، وسأل: أين وزير التربية الآن؟ أين حوافز الـ 90 دولارا، ولماذا لا يتم تعجيلها؟ لماذا لم يقبضها أساتذة الملاك والمتعاقدين والمستعان بهم والإجرائي حتى الآن؟ لماذا لم يتم إقرار بدل النقل للملاك، وكأن الوزارة تقول لهم "أضربوا"؟، وقال: أننا ضائعون بين الوزارة وبين الروابط، فالوزارة تتحمل مسؤولية أخلاقية ووطنية وتربوية وكذلك الروابط، لافتا إلى أنّ الطلاب لم يتعلموا حتى الآن (18-19 نيسان) سوى أربعة دروس بكلّ مادة.
والحلّ برأي منصور هو بتمرير "هالشهر ونصف" بالضغط على وزارتي التربية والمال من خلال الإتصالات والزيارات الى رئيس المجلس النيابي والمعنيين، داعيا الى عدم أخذ الطالب والمتعاقد رهينة، فالملاك يقبض حتى أثناء الإضراب أمّا المتعاقد فلا يفعل.
بين وعد الوزير والإضراب
رئيس "رابطة المعلمين في التعليم الأساسي الرسمي" حسين جواد لفت لـ"الديار" إلى أنّنا في التعليم الأساسي "ما أضربنا"، ومن لجأ للإضراب هم رابطة الثانوي رغم اتفاقنا أن لا نذهب الآن الى الإضرابات لأنها غير مجدية، ولخّص المشاكل التي يعيشها الأستاذة بعدم صرف حوافز الـ 90 دولارا، وعدم صرف بدل النقل، مطالبا برفع بدل النقل والذي لم يعد كافيا إذ يبلغ 64 ألف ليرة فيما يبلغ سعر صفيحة البنزين بين 460 و 480 ألف ليرة وعلى عتبة الـ 500 ألف ليرة.
جواد كشف أنّ الرابطة حصلت على وعد من وزير التربية عباس الحلبي بالاسراع بصرف الحوافز شهريا وستصل أول دفعة خلال أسبوع قبل عيد الفطر، وستكون جاهزة في الخامس من كلّ شهر، مضيفا أنّنا اليوم(19 نيسان) أخذنا وعدا من الوزير بذلك، أمّا فيما خصّ بدل النقل سنجتمع مع وزير المالية ونحدد أصل المشكلة ويبنى على الشيء مقتضاه.
وبالنسبة لتعويض الطلاب ما فاتهم، قال : إنّنا لسنا مقصرين مع الطلاب وقد أنجزنا نحو 80 % من المنهاج بعد التخفيضات التي قام بها المركز التربوي، وأمامنا متسع من الوقت لإنجاز كامل المنهاج قبل الإمتحانات.
وأعلن أنّه في المرحلة الحالية لن تذهب الرابطة للإضراب ولكن إذا لم يتم دفع المساعدة والحوافز ولم نعرف مصير بدل النقل سوف يكون لنا موقف آخر أقلّه الإضراب ، ورأى أنّ المسؤولين في الوزارة والوزارات والحكومة هم من يتحمّل المسؤولية لأنّ المشكل الأساسي هو أن الأستاذ لا يستطيع الوصول الى مدرسته مطالبا إياهم بإعطاء المعلم مستحقاته كي يستطيع الوصول إلأى مدرسته ويقوم بواجباته، فالـ 90 دولارا تكاد لا تكفي ثمن البنزين " اعطوه اياها ليقدر يوصل ما بدو يصرف معاشه على النقل للمدرسة وآخر شي يطلع ما قادر يطعمي عيلته".
خلاصة القول... بين مؤيّد للإضراب ومعارض له، ملاكا كان أم متعاقدا، لا تزال المستحقات والحوافز مفقودة في وقت يكابد الأستاذ الأمريّن، والسؤال هنا للوزارة المعنيّة: أين أموال الأستاذة الملاك والمتعاقدين؟ وهل ستطير بعد الإنتخابات كما معظم أموال المودعين؟