وادولتاه.. ما قتلها إلاّ الأمناء عليها
وادولتاه.. ما قتلها إلاّ الأمناء عليها

أخبار البلد - Tuesday, April 26, 2022 6:31:00 AM

نقيب الاطباء في لبنان د. شرف ابو شرف - الجمهورية 

تتابع دولتنا العَليّة، جَريًا على عادتها، معاقبة الابرياء وتبرئة الفاسدين. وآخر فصول هذه السياسة الصادمة تَعاملها بخفّة مع جنى أعمارنا والتضحية بودائعنا، وانعدام حس المسؤولية عندها في قانون الكابيتال كونترول الرامي الى وضع ضوابط استثنائية ومؤقتة على التحويلات المصرفية والسحوبات النقدية، والمُحال من الحكومة إلى اللجان النيابية المشتركة بغية إقراره والتوصّل الى اتفاق نهائي مع صندوق النقد الدولي. علماً ان هذا الأخير طالبَ بتطبيق اجراءات مسبقة قبل توقيع اي اتفاق، ومنها تعديل السرية المصرفية وإقرار الموازنة وتحديد سعر الصرف وإعادة هيكلة المصارف.

 

ثلاث سنوات مضت على عمر الانهيار التاريخي الاقتصادي المالي الاجتماعي الذي ضرب لبنان ولم يتبدل شيء في سلوكيات المسؤولين في هذه الدولة. وفداحة استسلام المواطنين لا تقل سوءًا امام خطر ما يتهددهم في خطة التعافي المالي.

 

لقد بات واضحًا انّ ودائعنا في غياب الاصلاحات تبخّرت في مصرف لبنان والمصارف اللبنانية. لو نفّذت الدولة برنامجًا إصلاحيًا كاملًا وخطة إنقاذية للتعافي خلال السنوات المنصرمة لَما وصلنا الى هذه الحالة ولا كنّا بحاجة الى مساعدة صندوق النقد الدولي. لقد انهار الاقتصاد اللبناني والقطاع المصرفي ومصرف لبنان ومؤسسات الدولة بسبب سوء الادارة والهدر والنهب، وفشل المسؤولون عندنا في تنفيذ أي من الاصلاحات والوعود التي قطعها لبنان خلال المؤتمرات السابقة أمام الدول والجهات المانحة، ما أدى الى حاجتنا الى صندوق النقد الدولي وفرض رقابته على تطبيق الإصلاحات وإعادة بناء جزء من ثقة المجتمع اللبناني والدولي بدولتنا.

 

انّ عملية توزيع الخسائر في قانون «الكابيتال كونترول» أعطت صك البراءة للدولة ومصرف لبنان والمصارف الذين تسبّبوا بالانهيار الاقتصادي وأهدروا الودائع. وبدل تحميلهم المسؤولية الأكبر عمّا جَنته سياساتهم، حمّلت المودعين مباشرةً معظم الخسائر عبر شطب ٦٠ مليار دولار من التزامات مصرف لبنان بالعملات الاجنبية إزاء المصارف التجارية. ان هذا الحل لن يعيد الثقة بالنظام المالي المصرفي لا داخليًا ولا خارجيًا، وسيتسبب بالضربة القاضية في حق المودعين من حيث التضحية بالقسم الأكبر من ودائعهم.

 

انّ أي خطة لا تترجم تعهدات الحكومة بكل شفافية ووضوح لتثبيت حقوق المودعين، مصيرها الفشل. الإصلاح الاقتصادي يبدأ بالاصلاح السياسي وتحديد المسؤوليات واسترداد الاموال المنهوبة او المحوّلة الى الخارج والتدقيق الجنائي. والمطلوب إخراج المودعين جميعهم من دائرة الاستهداف وإشراكهم في مناقشة الحلول، وصولاً الى طريق النهوض.

 

إننا نمر في مرحلة صعبة جدًا سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا تتطلّب منا أقصى درجات الحكمة والحذر، وعلينا ان نعمل معًا بكل شفافية من أجل الصعود من الهاوية التي وصلنا إليها. إن الدورة الاقتصادية لن تعود الى الدوران مجدداً إن لم يَسُد العدل وتحدد المسؤوليات ويأخذ اصحاب الحق حقوقهم. وحذار من مغبّة اقدام السلطة السياسية على اقرار مشروع قانون «الكابيتال كونترول» في صيغته الحالية، ما سيؤدي حتمًا الى تفجير عاصفة قوية في الشارع قد لا تحمد عقباها في هذه الظروف الدقيقة.

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني