محمد علوش - الديار
منذ قرار رئيس الحكومة السابق سعد الحريري العزوف عن المشاركة في الإنتخابات النيابية المقبلة، رفعت في العديد من الأوساط شعارات تحذّر من أن تصبّ هذه المقاطعة «المستقبلية» في خانة حزب الله على الساحة السنية، أي أن يذهب الحزب إلى إستغلال هذا الوضع من أجل تأمين الفوز بأكبر عدد من المقاعد السنية، لكن من الناحية العملية، يبدو أن الحزب قرر عدم الذهاب إلى هذا الخيار، الأمر الذي يتأكد من خلال قراءة الواقع في معظم الدوائر الإنتخابية التي يلعب فيها الصوت السني دوراً مؤثراً.
على عكس كل التوقعات، لم يسع حزب الله لدخول الساحة السنية فاتحاً، بل سعى لدعم الحلفاء الذين لم يغيبوا سابقاً عن الساحة، فما يريده حزب الله بالمعركة الانتخابية هو وجود كتلة سنية وازنة تدور في فلك 8 آذار، حتى وإن كان بينها اختلافات حول المواضيع السياسية الداخلية، وبنفس الوقت وجود كتلة نيابية قريبة من سعد الحريري، الذي أظهر طيلة السنوات الماضية أنه الخيار السني الأفضل في لبنان.
في هذا السياق، تُظهر مختلف المعطيات أن الحزب لم يسع إلى أن يكون بديلاً عن «تيار المستقبل» في أي دائرة إنتخابية، على عكس كل ما قيل سابقاً، نظراً إلى أن المقاعد التي من المفترض أن يفوز فيها حلفاؤه هي أصلاً في حوزتهم، والمهم هو الحفاظ عليها، بينما التعديل الذي من الممكن أن يحصل في دوائر محددة، لن يكون كبيراً أو مؤثراً.
في بيروت الثانية، على سبيل المثال، لم يذهب الحزب إلى أي خيار من الممكن أن يمثل إستفزازاً للبيئة السنية الموجودة في المدينة، بينما فوز حلفاء الحزب، أي «جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية»، بمقعد إضافي هو أمر غير مضمون، بل مرتبط بمقتضيات المعركة، رغم ذلك فضّل الحزب عدم التحالف مع «المشاريع» وعدم دعم أي مرشح سنّي بشكل واضح على لائحته، بل التركيز على المقاعد الاخرى ضمن الدائرة، أما في دائرة طرابلس - المنية - الضنية، فإن فوز الحلفاء في مقعد إضافي، بالإضافة إلى النائبين فيصل كرامي وجهاد الصمد، فهو ليس بالأمر الجديد، نظراً إلى أن المرشح طه ناجي سبق له أن فاز من الناحية العملية بهذا المقعد في الدورة الماضية، ما يعني أن لا ضرورة لظهور حزب الله بمظهر الخصم للشارع السني لأجل مقاعد محسومة مسبقاً.
بالإنتقال إلى زحلة وعكار وصيدا وجزين، يبدو أنه لن يكون من السهل على الحزب الفوز بأي مقعد سني، نظراً إلى أن مقتضيات المعركة تقتضي التركيزعلى مقاعد أخرى، خاصة بعد عدم تمكّن الحزب من التحالف مع أسامة سعد او عبد الرحمن البزري في صيدا، بينما في البقاع الغربي ليس هناك من معركة على المقعد السني الثاني، حيث يُتوقع أن يُترك المقعد فارغاً، والمقعد الأول للنائب حسن مراد بات محسوماً، أما في بعلبك - الهرمل فإن الأمر مرتبط بمقتضيات المعركة التي يخوضها مع الطرف المقابل، أي حزب «القوات اللبنانية» بشكل أساسي، مع الإشارة الى أنه في هذه الدائرة يسعى للحصول على المقاعد المسيحية أكثر من المقاعد السنية.