فادي عيد - الديار
علم أن التباينات التي حصلت بين لبنان وروسيا على خلفية الموقف اللبناني من الحرب الروسية ـ الأوكرانية، بدأت بالإنحسار بدءاً من لقاء السفير اللبناني في موسكو شوقي بو نصار بنائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، إلى اللقاء الذي حصل منذ يومين بين بوغدانوف ومستشار رئيس الجمهورية ميشال عون للشؤون الروسية أمل أبو زيد، وتُوِّج بزيارة السفير الروسي في لبنان ألكسندر روداكوف إلى مقرّ وزارة الخارجية، حيث التقى بالوزير عبدالله بو حبيب.
من هنا، تشير المعلومات من مصادر مواكبة لهذه الأجواء، بأن لقاء بو حبيب وروداكوف كان إيجابياً، وجرى مسعى للتخفيف من الرواسب التي خلّفها موقف وزير الخارجية اللبنانية، ومن هذه الزاوية، عُلم أن الإيجابيات انعكست عبر سماح روسيا بتأمين ممرّات آمنة للبنانيين المتواجدين في المدن الأوكرانية عبر جزيرة القرم، وقدّمت لهم تسهيلات كبيرة، وبالتالي، إن أكثر من سيناريو تمّ طرحه خلال الأزمة بين بيروت وموسكو لعودة الأمور إلى طبيعتها، ومنها زيارة بو حبيب إلى موسكو على خلفية مواكبة أوضاع اللبنانيين العالقين في هذه الحرب، ولكن تجنّباً لأي أزمات أخرى من دول الغرب، وتحديداً الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وبريطانيا، فإن تفهّماً روسياً حصل، آخذاً بعين الإعتبار خصوصية لبنان في هذه الظروف التي يمرّ بها، وتحديداً على المستويات الإقتصادية والمالية.
وتؤكد المعلومات، أن نائب وزير الخارجية الروسي بوغدانوف، هو مَن تابع هذه المسألة، باعتباره على دراية تامة، واطلاع وثيق بكل ما يحيط بلبنان من خلافات وانقسامات، إلى اعتبار آخر يتمثّل بعلاقاته مع واشنطن وباريس ولندن، والتي تعتبر قديمة العهد، وثمة مصالح إقتصادية وأعداد كبيرة من اللبنانيين يتواجدون في هذه الدول، ما ساهم في تنفيس هذه الأجواء، على أن يبقى التواصل قائماً، وأن لا يُتّخذ أي موقف مندّد بموسكو على الصعيد الرسمي. بينما عُلم، أن موسكو مستاءة من بعض الأفرقاء والإعلام الذين انحازوا كلياً إلى أوكرانيا، مع إدراكهم بأن ذلك يعتبر من ضمن الهامش الإعلامي والحريات في لبنان.
وفي سياق متصل، تشير المعطيات المتوافرة من المقرّبين من موسكو، إلى أن روسيا المنهمكة في حربها مع أوكرانيا، ستتابع أوضاع لبنان على خلفية استقراره الأمني والإقتصادي، وهذا ما يقوم به بوغدانوف من خلال اتصالاته مع المسؤولين اللبنانيين، نظراً للواقع الجغرافي بين لبنان وسوريا، وتجنباً لأي فوضى أو اهتزازات أمنية قد تحصل في ظلّ ما يحدث في سوريا من اعتداءات إسرائيلية متمادية، أو تحريك لبعض التنظيمات الأصولية والتكفيرية، نظراً لهشاشة الوضع الحدودي وممرات التهريب. وعليه، فإن موسكو تسعى أيضاً لتحصين وجودها وقواعدها في سوريا، وبناءً عليه، جاءت المناورات البحرية منذ أسابيع.
ولهذه الغاية، وبحسب المعلومات نفسها، فإن التنسيق مستمر مع المسؤولين اللبنانيين، وسفيرها في بيروت يتابع كل هذه المسائل، على أن يكون الوضع الإنساني والأمني للبنانيين في أوكرانيا، مدرجاً على لائحة الأولويات في هذه المرحلة. ولذلك، فإن السفير اللبناني في العاصمة الروسية، وبحسب المعلومات من السفارة في موسكو، يتابع إجلاء اللبنانيين عبر مساعدة روسية على كل المستويات، مما يدل على تراجع حدة الاهتزازات في علاقة بيروت وموسكو، وبحسب المعلومات، ان المقرّبين من مرجعيات سياسية متواجدين في العاصمة الروسية، يؤكدون على معالجة كل الخلافات، على أن تشهد العلاقات تطوّراً في أكثر من مجال، بعدما ترخي الحرب أوزارها، وأن لا تترك أي أثر على مستوى العلاقة بين البلدين، وفي المقابل، أن يكون هناك مراقبة وتنسيق بين مكوّنات الحكومة، كي لا يصار إلى حصول أي «فاول» جديد، بحيث «لن تسلم الجرّة مرة جديدة».