باميلا كشكوريان السمراني - الديار
على سُلّم الخدمات، علق المواطن اللّبنانيّ بين درْجة تُمسمره مكانه، وأخرى يتأرجح عليها بانتظار نهاية العاصفة ومتابعة الطريق...
العاصفة الإقتصادية التي تضرب لبنان تضع المواطنين في خانة الضياع، بين واقع مرير وما سينتج من أوضاع في الأيام المُقبلة، إلّا أنّ الثابت الوحيد يبقى في المُستجدّات اليومية والزيادات التي تشهدها الخدمات كافّة.
ارتفاع أسعار السلع والخدمات في القطاع الخاص بدأت منذ بداية الأزمة بما يتناسب مع ارتفاع قيمة سعر صرف الدولار مقابل اللّيرة اللبنانية، فيما أبقت الدّولة أسعار خدماتها على حالها الى حين...
توجّه أنطوان الى مكتب شركة المياه الوطنية في البترون لتسديد بدل الإشتراك السنوي عن العام 2020-2021 وسدّد مبلغاً قيمته 311,000 ليرة لبنانية ، وتمّ إبلاغه أنّ رسوم العام المُقبل سترتفع لتصل الى حدود تقع بين 925,000 كحدّ أدنى و 1,200,000 ليرة لبنانية كحدّ أقصى، لكن لم تُبت التسعيرة رسمياً بعد.
وقال أنطوان لـ "الديار" :"لا أفهم لماذا سترتفع رسوم اشتراك المياه وما علاقتها بالدولار؟ فلبنان بلد المياه وأرض خصبة تضخّ المياه من كلّ صوب، إضافة الى أنّنا نُعاني من شحّ في المياه، فهي تُحوّل الى كلّ حيّ مرتّين في الأسبوع على الأكثر، إذا نحن لا نستفيد 100% ، وفي فصل الصيف ندفع للصهاريج الخاصّة من أجل تعبئة حاويات المياه في منازلنا، وستُفرض علينا الزودة...؟ كيف للمواطن أن يستمرّ في بلد ترتفع فيه كافة الرسوم وتنخفض بالمقابل قيمة المواطن وقدرته المعيشية...؟
في سياق متّصل، نشرت "الدولية للمعلومات" تقريراً مُفصّلاً بالأرقام حول زيادة رسوم الخدمات العامّة وبالتحديد فاتورة المياه وجاء في التقرير: "حتى اليوم وبالرغم من الانهيار الكبير في سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار الأميركي والعملات الأجنبية، والارتفاع الكبير في أسعار السلع والخدمات جرّاء ذلك، فإن الدولة أبقت على رسوم وكلفة بعض الخدمات كما هي لا سيما الاتصالات والمياه والكهرباء، إذ لا يمكن من الناحية العلمية والاقتصادية زيادة هذه الرسوم قبل زيادة الرواتب والأجور لكن مؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان وسائر مؤسسات المياه شذّت عن هذه القاعدة ورفعت الرسوم السنوية في بداية العام 2022 بشكل كبير بلغت 634 ألف ليرة للاشتراك أي بنسبة 182%".
ونشرت "الدولية للمعلومات" في تقريرها جدولاً يُبيّن تفاصيل هذه الزيادة بين العامين 2021-2022 استناداً الى فاتورة الإشتراك السنوي في مياه مصلحة بيروت وجبل لبنان في العامين 2021 و2022، إذ تبيّن أنّ الفاتورة التي تتضمن عدّة بنود، وهي بدل الإشتراك السنوي وبدل الصيانة وبدل صيانة الصرف الصحي، إضافة الى الضريبة على القيمة المضافة 11% وتدوير الكسور وطابع 1000 ليرة، بلغت الزيادة 634,000 ليرة بحيث أصبحت الرسوم 983,000 فيما كانت 349,000 أيّ بزيادة نسبتها 182%.
حاولت "الديار" متابعة تفاصيل الزيادة مع المعنيين في مصلحة مياه بيروت وجبل لبنان للوقوف عند تفاصيل الزيادة وأسبابها، فأكّدت المصادر أنّ "الزيادة أتت بشكل مُعتدل من أجل استمرارية خدمات المصلحة". وعزت المصادر أسباب الزيادة "الى الإرتفاع بأسعار الصيانة والقطع التي تُستعمل من أجلها فالأسعار كلّها بسعر صرف الدولار من قساطل وأغطية شبكات وغيرها".
واشارت المصادر الى أنّ "مصلحة المياه سهّلت للبنانيين عملية الدفع نظراً للظروف الإقتصادية عبر الآلية التالية: الاعفاء من غرامات التأخيرعلى بدلات الاشتراكات العائدة للعام 2021 وما قبله بنسبة (85%) لغاية 31 كانون الأول 2022 ، كما فتحت باب تقسيط البدلات المتأخرة عن الأعوام السابقة للعام 2022 لفترة أقصاها كانون الأول 2024، بالإضافة الى تسهيل عمليات الحصول على اشتراكات جديدة للمشتركين السابقين التي ما زال يترتب على أصحابها ذمم، حيث يمكن تسديدها على دفعات ولفترة أقصاها كانون الأول 2024 مع تخفيض بدل تأسيس الاشتراكات الجديدة للأبنية الموصولة بشبكات المياه بما نسبته 40% لاشتراكات المياه بالعيار، و24% لاشتراكات المياه بالعداد كما تمّ تخفيض بدل تغيير أسماء المشتركين بنسبة 90% و فتح مجال تقسيط بدلات العام 2022 لغاية على ستة دفعات كحدّ أقصى".
بدأ المواطن يعتاد إذاَ على رفع الرسوم في القطاعات كافّة، فيما شهدت الرواب تعديلات بسيطة لجهة زيادة بدل النقل وبعض المساعدات الإجتماعية لبعض القطاعات، لكن هل يتمتّع اللّبنانيّ بالقدرة على تسديد رسوم السلع الإستهلاكية الحياتية وهو يتقاضى راتباً مهما زاد، تبقى قيمة ارتفاع الرسوم بشكل عام أعلى...؟