عيسى يحيى - نداء الوطن
حلّت الحرب المستعرة بين روسيا وأوكرانيا ضيفاً ثقيلاً على اللبنانيين لتزيد معاناتهم، وولدت في لبنان أزمة طحينٍ ورغيف خبز بعدما حملت خلال الأيام الماضية تحذيرات من تداعيات الحرب على العالم أجمع في حال اندلعت، لتكون خاصرتنا الرخوة الأكثر اهتزازاً وتأثّراً.
وكأنّه لا ينقص اللبنانيين غير الحرب خلف المحيطات لتزيد من حملهم وأثقالهم وقد باتت أكبر من أن تُحمل، وتفرض عليهم تقنيناً في شراء الرغيف منذ اليوم، حيث بدأت أفران بتحديد كميات ربطات الخبز التي يستطيع المواطنون شراءها تحسّباً للأيام القادمة، حيث لا يكفي مخزون القمح في البلاد لأكثر من عشرين يوماً، ما ينذر أيضاً بعودة الطوابير إلى أمام الأفران مجدداً خلال الأيام المقبلة. ومن المتوقع أيضاً أن ترتفع أسعار الخبز توازياً مع ارتفاع سعر طن القمح عالمياً متأثراً بالحرب بين أكبر مصدّريه للعالم.
الزحمة التي شهدتها الأفران صباحاً إعتاد عليها الناس عند كلّ أزمة، غير أن من يواجه الأزمة يفتعلها من دون قصد، فعند كل حديث عن ارتفاع في الأسعار أو فقدان لبعض المواد والحاجات الضرورية، يتّجه المواطنون لشرائها وتخزينها من دون اعتماد معيار الوقت الذي يمكن أن تبقى خلاله المادة مخزنة وسليمة، والشواهد خلال الفترات السابقة كثيرة، حيث رمى المواطنون عشرات ربطات الخبز بعد تخزينها في المنازل إثر الحديث عن أزمة مماثلة قبل شهرين.
ولأن بعلبك الهرمل على اختلاف بلداتها وقراها ذات طابع ريفي، ولا تزال تحافظ على عاداتها وتقاليدها بما فيها إعداد الخبز في المنازل على تنور الحطب والصاج، بدأت حركة الناس باتجاه شراء الطحين وتخزينه تمهيداً للعودة إلى الجذور وإعداد الخبز في حال توقفت الأفران عن العمل. غير أن الاحتكار والطمع في تحقيق الأرباح يسيطر على عقلية التجار وتعاطيهم مع الأزمات والظروف الحالكة، حيث امتنع هؤلاء عن بيع الطحين إلى الأهالي بحجة عدم وجود المادة منتظرين ارتفاع الأسعار لبيع المخزون بأسعار عالية وتحقيق المكاسب المادية على حساب جوع الناس ولقمة عيشهم، وفي حين كان يباع كيس الطحين ( ٥٠ كيلوغراماً) بـ ٢٢٠ ألف ليرة لبنانية قبل بدء الحرب، وصل سعره إلى ثلاثمئة ألف ليرة لبنانية إن وجد.
أزمة الطحين والخبز تلاقيها شقيقتها على صعيد الزيت النباتي الذي لطالما كان شغل الناس الشاغل خلال فترة الدعم وتهافت الناس عليه لشرائه بالسعر المدعوم حتى لو استدعى الأمر إشكالاً، ورغم ارتفاع أسعاره توازياً مع سعر صرف الدولار في السوق السوداء يبقى مادةً أساسية لا يمكن الإستغناء عنها في كلّ منزل، غير أن تقنين التوزيع على السوبر ماركت والمحال من قبل الشركات ورفع الأسعار يوحي بتفلّت زمام الأسعار على عدد كبير من الحاجات والمواد لدخول الزيوت النباتية في تكوينها، وكون الزيت الأوكراني أحد أهم الزيوت المستوردة والموجودة في السوق وتلبي حاجات المواطنين.
وأكد حسين مشيك صاحب سوبرماركت في بعلبك لـ» نداء الوطن»: «إن الأسعار بدأت بالارتفاع ومن لديه زيت من الشركات الموزعة لا يسلم كميات كبيرة. كنت طلبت كمية قبل الحرب وقبل نشوء الأزمة عبارة عن ألف غالون من إحدى الشركات، لأتفاجأ اليوم بتسليمي ١٣٠ غالوناً فقط لا غير، ولو لم أكن قد سجّلتها منذ أسبوعين لم تكن لتصلني»، مشيراً إلى «أن الاحتكار عاد من باب الشركات المستوردة والموزّعة، فهي لديها كميات كافية لكنّها تمتنع عن التسليم بانتظار ارتفاع الأسعار»، متخوّفاً من أزمة غذاء في حال استمرّ الوضع على ما هو عليه. وأضاف أن «حركة الناس الشرائية على غير عادتها بسبب الوضع الاقتصادي الصعب وإلا لكانوا اشتروا وخزّنوا، والآية انعكست خلال الأزمات، فسابقاً كان الموزعون والشركات والتجار يرجوننا أن نشتري منهم، أما اليوم فيسلموننا البضائع بالقطارة.