د. فؤاد زمكحل
لبنان يمرّ بأصعب فترة في تاريخه الإقتصادي والإجتماعي، فيما الأزمة الإقتصادية والمالية والنقدية التي تمرُّ في البلاد تُعتبر من أكبر الأزمات العالمية منذ العام 1840، بحسب مرصد البنك الدولي. أما العالم، جرّاء وباء «كوفيد - 19»، الجائحة التي ضربت وجمّدت الإقتصادات العالمية، فقد "تدمّر" نتيجتها لأنها تُوازي بقوتها حرباً عالمية ثالثة من النواحي الإقتصادية والإجتماعية والمالية والنقدية.
هذه العوامل الإقتصادية الداخلية والاقليمية والدولية هي بالطبع عملاقة وأكبر من حجمنا، فالتغيّرات في المشهد السياسي، وعزوف شخصيات وبروز أخرى، لن تؤثر في الأرضية الإقتصادية التي وصلت إلى أدنى المستويات، وهي مهترئة أصلاً جرّاء هذه الأزمات الإستثنائية والفريدة من نوعها.
نذكّر بحزن وأسى بالهجوم المبرمج والممنهج على كل القطاعات الإنتاجية في لبنان، والضربات المؤذية والقاضية والمتتالية على إقتصاده المنهك. فلم يعد الإقتصاد اللبناني مرتبطاً بأشخاص أو سياسيين، باعتبار أنّ اقتصادنا انحدر إلى أدنى المستويات ووصل الى القعر. فهذا ينعكس يومياً على سعر الصرف والإستثمارات، والنمو، والناتج المحلي الذي انخفض بدوره من 55 مليار دولار إلى نحو 25 ملياراً، فيما الأرقام الإقتصادية باتت متدنية جداً. فإقتصادنا اليوم لم يعد مرتبطاً بأشخاص ولا بطوائف ولا مذاهب، لكنه يرتبط مباشرة برؤية وبرنامج لإعادة هيكلة عامة بالثقة والنيات الصافية أو الخبيثة.
فالإقتصاد اللبناني ليس مرتبطاً بأشخاص، لكنه يرتبط بإعادة هيكليته الداخلية وبالإصلاحات، لبناء نهج جديد ولا سيما لتنفيذ الإصلاحات المرجوة من كل المؤتمرات الدولية وخصوصاً ما خلص إليه مؤتمر "سيدر"، وببرنامج متكامل مع صندوق النقد الدولي، مع تطبيق وملاحقة وتدقيق مفصّل.
الإقتصاد اللبناني ليس مرتبطاً بأشخاص لكن بضخّ السيولة، وبالإستثمارات الداخلية والخارجية، إنه يرتبط بثقة المغتربين، وبإعادة الهيكلة الداخلية وخصوصاً بتصغير حجم الدولة.
الإقتصاد اللبناني، لم يعد مرتبطاً بأشخاص، لكنه يرتبط برؤية وبرنامج مالي ونقدي من خلال موازنة متجانسة ومنطقية وليست ضريبية، مثل تلك المقترحة لضرب ما تبقى من الشعب والشركات والإقتصاد.
إن الإقتصاد اللبناني لم يعد مرتبطاً بسياسيين، لكنه يرتبط بالثقة بالمستقبل، وبالإرادة الحقيقية لإعادة البناء والنمو، بالثقة بجيل الشباب، وبالرياديين، بالثقة بالمستثمرين والإستثمارات، وبالأكثرية الصامتة وليس بالسياسيين ووعودهم الفارغة وكلامهم الكثيف.
الإقتصاد اللبناني لم يعد مرتبطاً بالأشخاص، لكنه يرتبط بقواعد وآليات وحوكمة رشيدة وشفافة، وبإعادة هيكلية وإستراتيجية، على المدى القصير والمتوسط والبعيد. علينا أن نُركّز على الأسس الحقيقية لإعادة بناء وطننا وإقتصادنا. علينا ألاّ نَنجرّ بُوحول السياسة والسياسيين، وبتجارة الأسماء والمقاعد، وبالإستثمار بالأحزاب والمذاهب، لكن بتجارة وتصدير نجاحاتنا وإستثمارات منتجة وخصوصاً بالإستثمار بجيل شبابنا.