إيفا أبي حيدر
أدّى تهافت الأفراد والتجار الى شراء المازوت بغرض التدفئة، الى نقص في هذه المادة في السوق. فغالبية الشركات الموزّعة لم تستلم هذه المادة وتضرب موعداً لتسليم زبائنها الاسبوع المقبل. فهل نحن أمام أزمة مازوت؟ وما أسبابها؟ ناهيك عن أزمة تسعير في فاتورة المولّدات التي ستطلّ نهاية الشهر، نتيجة الفارق بين التسعيرة الرسمية للمازوت التي تضعها وزارة الطاقة، وتلك المعمول بها في نقاط البيع.
مصدران يغذيان السوق حالياً بالمازوت، منشآت النفط، والشركات المستوردة للنفط. الاولى لم يفتح لها مصرف لبنان اعتماداً بعد لتفرغ بضاعتها، لذا هي متوقفة عن التسليم منذ الاسبوع الماضي، ما زاد الضغط على الشركات المستوردة للنفط، التي تحاول ملء الفراغ الناتج منه على قدر مخزونها المتوفر. يُضاف الى ذلك، توقف «حزب الله» عن استيراد النفط الايراني، والذي كان اعلن انّه سيغطي 10% من حاجة السوق المحلي، ما اضطر التجار والأفراد الذين كانوا موعودين بهذا النفط، الى التوجّه الى السوق لشراء حاجتهم. هذه الأسباب مجتمعة ادّت الى ارتفاع الطلب على المازوت، والنقص في تلبية حاجة السوق. فهل نحن في مواجهة أزمة مازوت؟
يؤكّد رئيس تجمّع الشركات المستوردة للنفط مارون شماس لـ»الجمهورية»، أن لا أزمة مازوت، انما هناك تهافت على طلب هذه المادة لأسباب عدة ابرزها الطقس. فقد تهافت الناس أخيراً لشراء المازوت بسبب الصقيع والبرودة، وغالبية اللبنانيين ينتظرون العاصفة ليملأوا خزاناتهم بالمازوت، مما ضاعف الطلب على هذه المادة في خلال وقت قصير. أضف الى ذلك، انّ الغالبية كانت في انتظار تراجع اسعار المحروقات لشرائها على السعر المخفّض، انما ما حصل هو العكس تماماً، إذ انّ برميل النفط العالمي ارتفع من 60 الى 90 دولاراً في خلال اسبوع، ما ادّى الى ازدياد الطلب على هذه المادة، لأنّ الكل يعلم انّ الاسعار سترتفع الاسبوع المقبل من 25 الى 30 دولاراً، و30 دولاراً إضافية في الاسبوع الذي يليه.
وأوضح، انّ الشركات عندما تشتري بضاعتها تقسّم سعرها والكمية التي تنوي توزيعها في السوق الى 4 اسابيع. على سبيل المثال، إذا استوردت الشركة 10 آلاف طن لتستعملها خلال 20 يوماً، توزّع يومياً 500 طن لا أكثر، وكل ما عدا ذلك هو بضاعة غير مسعّرة. لذا لا يمكن للشركات ان تبيع بضاعة غير مسعّرة بعد، لأنّ ذلك قد يسبّب لها خسارة، والّا فهي مضطرة الىى تسعيرها وفق السعر المرتقب الاسبوع المقبل كي تحافظ على رأسمالها نسبة الى الكلفة الأساسية.
واعتبر شماس، انّ من الاسباب التي ادّت الى ارتفاع الطلب على المازوت هو النقص الناتج من تأخّر بعض الجهات عن استلام كمية المحروقات الموعودة بها، ومنها منشآت النفط التي من المفترض ان تؤمّن حصة 30 الف طن شهرياً، ما اضطر الشركات للتعاون وتغطية بعض هذا النقص، من خلال مدّ بعض المرافق العامة بالمازوت، مثلما حصل مع «اوجيرو» التي تمّ تزويدها بالمازوت من حصة البضاعة التي يُفترض ان تبيعها الاسبوع المقبل.
في السياق نفسه، يؤكّد عضو نقابة أصحاب المحطات جورج البراكس لـ»الجمهورية»، انّ هناك أزمة مازوت. عازياً ذلك الى اسباب عدة، منها انتهاء مخزون منشآت النفط من المازوت وتوقفها منذ نحو 3 اسابيع عن تسليم البضاعة الى السوق، والتي تشكّل حصتها منها ما بين 35 الى 40 في المئة. وبما انّه لا يحق لها كمؤسسة رسمية ان تشتري الدولار من السوق السوداء، تنتظر مصرف لبنان ان يفتح لها اعتماداً ويحوّل لها الاموال بغرض الاستيراد، الّا انّه لم يُقدم على هذه الخطوة بعد، لذا عملية الاستيراد متوقفة. وفي الوقت نفسه لم تكن الشركات المستوردة تتوقّع ان تتوقف المنشآت عن تسليم المازوت، لذا لم يكونوا على استعداد كامل لملء النقص في السوق، والّا كانوا رفعوا من الكمية المستوردة. اضف الى ذلك، انّ رداءة الطقس لم تسمح للبواخر المحمّلة من هذه المادة الى بعض الشركات بتفريغ حمولتها. متوقعاً حلحلة في هذه الأزمة اعتباراً من الاسبوع المقبل.
تضارب في التسعيرة؟
من جهة أخرى، يشكو التجار والافراد من ارتفاع تسعيرة المازوت في السوق، عن تلك التي حدّدتها وزارة الطاقة، إذ عوض ان تنخفض مع تراجع سعر الدولار في السوق السوداء، ووفق ما لحظه الجدول، ارتفعت الاسعار من 615 دولاراً الاسبوع الماضي الى 690 دولاراً وحتى 700 دولار هذا الاسبوع. فهل من مبرّر؟
يشرح البراكس، انّه وفقاً لجدول الاسعار المحدّد من قِبل وزارة الطاقة، يبلغ سعر طن المازوت 636 دولاراً بأرضه داخل منشآت النفط، تضاف اليها عمولة 1% للبنك و7 دولارات اضافية، ليصبح 643 دولاراً، تُضاف اليها كلفة النقل التي تصل الى 15 دولاراً للطن، ليصبح المجموع 658 دولاراً واصل الى المحطة قبل توزيعه الى الزبائن. يُضاف اليها ربح صاحب المحطة وكلفة النقل الى الزبون. وهذا هو سبب الخلاف بين اصحاب المحطات ووزارة الطاقة، التي لا تلحظ كل هذه المعطيات بالجدول الذي تصدره، لذا تمتنع غالبية المحطات عن استلام المازوت.
ماذا عن فاتورة المولّد؟
في السياق نفسه، يقول رئيس تجمّع اصحاب المولدات عبدو سعادة لـ «الجمهورية»، انّ على عكس جدول تسعير المحروقات الذي يصدر عن وزارة الطاقة، والذي لحظ اعتباراً من نهاية الاسبوع الماضي تراجعاً في سعر صفيحة المازوت، متأثرة بتراجع سعر صرف الدولار في السوق السوداء، فإنّ سعر طن المازوت لدى الشركات والتجار ارتفع. وهؤلاء لا يعطون الشاري فاتورة بهذا المبلغ.
وقال: «كنا استبشرنا خيراً بتراجع سعر المازوت لينعكس تراجعاً في سعر فاتورة المولدات هذا الشهر، انما حتى الساعة تراجعت الاسعار على الورق فقط، وما حصل انّه تراجع سعر الدولار وارتفع سعر المازوت». وشرح انّه «عندما كان الدولار بـ 33 الفاً الاسبوع الماضي كان يتراوح سعر طن المازوت بين 620 و 630 دولاراً، اما بعدما تراجع سعر الدولار الى 24 الفاً بات يتراوح سعر طن المازوت ما بين 690 و 700 دولار، اي انّ سعر المازوت زاد بمعدل 60 الى 70 دولاراً للطن. ونحن نضع هذه الزيادة برسم وزارتي الطاقة والاقتصاد، ونسأل من سيتحمّل هذه الكلفة الإضافية؟ وإذا كانت هذه الزيادة هي مخالفة فليتفضلوا ويقوموا بواجباتهم، خصوصاً اننا رأينا كيف انّ الدولة تستنفر إذا خالف أحد اصحاب المولدات التسعيرة مع مشتركيه ويحرّرون محضراً في حقه، او يصادرون مولّده. في المقابل، نحن اليوم امام مخالفة بـ70 دولاراً، من المسؤول عنها؟ ومن سيحاسب؟».
وعن التسعيرة المتوقعة لفاتورة المولّدات نهاية الجاري، خصوصاً انّ اسعار المحروقات شهدت الكثير من التقلبات أخيراً نتيجة تراجع سعر الدولار في السوق السوداء، يقول سعادة، انّ «وزارة الطاقة ستتخبّط في كيفية التسعير هذا الشهر، وما ذنبنا نحن اذا كانت الشركات لا تلتزم بتسعيرة وزارة الطاقة؟ والأغرب انّ الطاقة لم تطلب من الاقتصاد بعد ملاحقة المخالفين بمؤازرة أمن الدولة». وتساءل: «كيف يمكن لفاتورة المولد ان تنخفض طالما سعر المازوت طلوع؟ صحيح انّ كل المشتركين يترقبون انخفاضاً في فاتورة المولّد لهذا الشهر، انما ما يحصل عملية غش كبيرة، لأنّ احدا لم يلتزم التسعيرة الرسمية».