غادة حلاوي
كانت تنقص الدعوة الى الحوار كي يظهر العقم السياسي وانسداد الافق محلياً. كان واضحاً كيف ان التعاطي مع الدعوة الى الحوار تم من منطلق انه ورقة رابحة للعهد يجب حجبها عنه في اشهره الاخيرة، او انها ستكون فرصة لرئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل للاجتماع الى طاولة واحدة مع خصومه السياسيين. وفي الحالتين لم يعد الحوار مطلباً لانه لن يقدّم او يؤخّر ولن يخرج بحلول للقضايا المطروحة. لكن يُسجل لعون انه دعا الى حوار حول الاستراتيجية الدفاعية وان «حزب الله» كان من اوائل الداعمين والملبين لمثل هذه الدعوة من دون الاعتراض على توقيت طرحها او جدواها.
تأرجحت الدعوة للحوار بين التأجيل او الانعقاد بمن حضر. لم يشعر عون بـ»وجود حس وطني يمكّن المتحاورين من الجلوس»، فقد توزعت الاستشارات التي اجراها للكتل النيابية بين معارض للمشاركة لعدم «تعويم العهد»، ومشارك لكنه معترض على التوقيت ويعتبره غير مناسب، وثالث يأتي بوجهة واضحة وجدول اعمال.
عارض كل من «الاشتراكي» و»القوات» و»المستقبل» و»المردة»، ووافق حلفاء العهد ومؤيدوه ومن بينهم من وافق من باب المجاملة او المشارك بصفته الشخصية كالرئيس نجيب ميقاتي، الذي ابلغ عون انه يشارك انطلاقاً من صفته كرئيس حكومة وليس من منطلق تمثيل السنة.
اختلفت وجهات النظر حول الحوار ومع غياب الكتل المعارضة وموافقة الغالبية من اللون السياسي الواحد فهل يكون الحوار مجدياً بين الحلفاء؟ بالنظر لما قاله رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل فانهم حلفاء ولكن وجهات نظرهم مختلفة، ولذا قد يكون مفيداً الجلوس الى طاولة للتفاهم حول مواضيع بالغة الحساسية كالتفاهم مع «حزب الله» على امور عدة لا تقتصر على الاستراتيجية الدفاعية. لكن وجهة نظر اخرى تقول ان الحوار للحوار غير مفيد خاصة إن كان سيحصل بين طرف واحد وان كان غير متجانس وليس بين طرفين مختلفين، وان المواضيع المطروحة للحوار لن يكون نقاشها ممكناً ولن يوصل الى اي مكان.
وإرجاء الحوار ان حصل فلأن انعقاده كان يحمل بذور الفشل «لعدم وجود حس وطني عند معارضيه»، ولذا ستخرج بعبدا اليوم ببيان يوضح تداعيات الارجاء ومسببات أو اعلان موقف مغاير، لكنها ستشرح نتائج المشاورات وما افضت اليه. فاللامركزية الادارية وخطة التعافي المالي والاستراتيجية الدفاعية مواضيع تحتاج الى حوار ولا تعالج بالشعارات ومن خلال الاعلام، يقول المتحمسون للحوار الرافضون لمنطق اعتبار الحوار تعويماً للعهد وباسيل: «لان العهد لا يحتاج الى تعويم سيكمل مشواره وبنفس الاصرار على تحمل المسؤوليات».
ومن شأن بيان رئيس الجمهورية اليوم ان يوضح الصورة. فان اعتمد التأجيل سيتحدث عن أسباب التأجيل ويشرح مكامن الخلل ونتائج غياب الحوار وبيانه بناء لتحضيرات الامس «لن يكون عادياً».
والعبارة الاخيرة تلك تحمل على الاعتقاد ان عون ورغم معارضة احزاب اساسية والاجواء السلبية التي انتهت اليها المشاورات الاستباقية التي اجراها مع رؤساء الكتل النيابية التي حضرت بغالبيتها، الا ان نعي الحوار ولو بالشكل لن يكون الخطوة التي سيلجأ اليها بالضرورة. فحين اختار الدعوة للحوار كان يعلم مسبقاً ان دعوته لن تلقى الترحيب وان غالبية القوى لن تلبي مثل هذه الدعوة، لرفضها «تعويم» عهده ولكنه أصر على المضي قدماً بمحاولته لسبب ما لا يزال مجهولاً بانتظار ان يعلنه اليوم. ذلك انه ورغم سوداوية الصورة كانت بعض التوقعات تستبعد التراجع عن عقد طاولة الحوار، فمن يعرف عون يدرك انه ليس من السهل ان يتراجع عن موقف او خطوة ولذا فإن السؤال هل يفاجئ الجميع ويمضي بالحوار في بعبدا محدداً موعده وجدول الاعمال؟ تقصدت بعبدا التروي في الحسم لتقييم الموقف ودراسة النتائج خاصة وانها كانت ترفض الحوار لمجرد الحوار او الخروج بعده ببيان تقليدي.
هو القفز في الملفات والعبور من ازمة الى اخرى وتكرار المحاولات لعل احداها توصل الى بقعة ضوء فيخرج النقاش بشيء مفيد. لكن الامل بذلك ضعيف.
في كل الحالات ستتعدد الرسائل التي سيحملها هذا النهار ان لناحية الحراك النقابي والشعبي احتجاجاً على الازمة الاقتصادية ام لناحية بيان بعبدا ومصير حوارها، وفي الحالتين انذار قريب بالانفجار فهل تنطلق شرارته اليوم ؟