مايز عبيد
ثبّتت نتائج المرحلة الثانية من استطلاعات الرأي أو الإنتخابات الداخلية التي يجريها التيار الوطني الحر، والتي تعتبر ممهّدة للإنتخابات النيابية، لتحديد المرشحين المفترضين لمجلس 2022، مواقع نواب البرتقالي كمرشحين كلٌ في منطقته. المفاجأة كانت في عكار التي أظهرت فيها النتائج تقدم جيمي جبور (38%) وهو عضو المجلس السياسي على نائب التيار في عكار أسعد درغام (35%)، في مقابل (12%) للوزير السابق يعقوب الصراف الذي طاب له أن يغرد بعد إعلان هذه النتيجة قائلا: «إذا كان سركم ما قال حاسدنا فما لجرح إذا أرضاكم ألم» من دون معرفة ما إذا كانت هذه التغريدة ناتجة عن جرح الإستطلاع. مع تصويت 15% «لا أحد».
وإذا كانت قيادة التيار الوطني الحر قد وجدت في الأمر مفاجأة إلا أن ما ينقل عن القواعد الشعبية للتيار البرتقالي أنها لم تجد في الأمر أي غرابة. فالقاعدة الشعبية للتيار الوطني الحر في عكار بحسب هذه النتيجة ظهر أنها تميل إلى جبور أكثر من درغام. وينقل هؤلاء أنهم يعتبرون أنّ جبور هو الأكثر استحقاقًا لحصد المقعد الوحيد الذي قد يناله التيار في دائرة الشمال الأولى (عكار)، كون البرتقالي يملك حاصلاً انتخابياً واحداً من دون أحلاف؛ وعليه، يجب إعطاء هذا المقعد لمن يستحقه أكثر. بالإضافة إلى ذلك، فإنه من وجهة نظرهم أيضاً، جيمي جبور تخطّى في انتخابات العام 2018 حجم الأصوات التفضيلية التي نالها درغام بأكثر من 1200 صوت، وقد سبق النائب الماروني في المنطقة هادي حبيش بعدد الأصوات المارونية، بالإضافة إلى كون جبور أقرب إلى القاعدة الشعبية وحاضراً بينها، في حين أنهم يأخذون على النائب أسعد درغام أنه دائم السفر ويعمل على تعزيز حضوره وإطلاته الإعلامية على المحطات وفي البرامج السياسية أكثر مما يحرص على الحضور مع الناس على الأرض، ودائماً بحسب جمهور التيار الحر في عكار.
نتائج استطلاعات الرأي هذه بلا شك قد تشكّل مصدر إرباك لقيادة التيار الوطني الحر وتحديداً لرئيس التيار جبران باسيل. فهناك أصوات في التيار الوطني الحر باتت تطالب بالعمل أكثر من السابق على إيصال مرشح ماروني في عكار عكس ما جرت عليه الأمور في انتخابات 2018. فقد أوضحت نتائجها ومجرياتها أن اهتمام التيار الوطني الحر وقتها انصبّ لصالح المرشح الأرثوذكسي الذي نال الكمية الأكبر من أصوات التنظيم. في تلك الفترة كانت العلاقات بين المستقبل والتيار الوطني الحر في أحسن أيامها، وكان يتردد في الأوساط السياسية أن من نتائج التسوية الرئاسية بين الحريري وباسيل ضمان المقعد الماروني في عكار لمرشح الحريري هادي حبيش، مقابل حصول باسيل على أصوات سنية في مناطق ترشحه فكانت مقولة (انتخبوا صديقي جبران).
تبدو الأمور اليوم مختلفة. أقله هذا ما أظهرته نتائج استطلاعات الرأي الداخلية للتيار الحر. من سيختار باسيل هذه المرة؟ هل سيختار المرشح الماروني ويتم توجيه أصوات القاعدة الشعبية البرتقالية في اتجاهه ليضمن المقعد؟ وقد يكون هذا الخيار وارداً هذه المرة سيما وأن العلاقة بين جبران وسعد في أسوأ حالاتها!!. يعتبر مؤيدو جيمي جبور أن «إمكانية فوز المرشح الماروني ممكنة وليست مستحيلة أبداً إذا ما تم العمل الحزبي التنظيمي بجدية في هذا المنحى. على المقلب الآخر يبدي مؤيدو درغام «تشاؤما حيال فوز أي مرشح ماروني مقابل هادي حبيش الذي يتمتع بدعم سني عبر تيار المستقبل، وأن من غير المجدي أن ينصبّ التركيز على المرشح الماروني بينما إمكانية فوز الأرثوذكسي أكثر سهولة».. هنا تضيق الخيارات أمام باسيل. هل يعود إلى خيار دعم النائب الحالي الأرثوذكسي أسعد درغام، فيغامر بخسارة عدد لا يستهان به من الأصوات المارونية ومن قاعدة تياره التي ترى أن الأفضلية والأحقية لجبور بهذه الأصوات على غيره، وبأن من شأن هكذا توجه أن يساهم في ضعضعة الحالة (العونية - الباسيلية) في عكار أكثر وأكثر؟ لا تبدو الأمور سهلة أمام قيادة البرتقالي بالطبع وهي تحاول أن تؤلّف لائحة لها في عكار، تضمن بها حاصلين أو ثلاثة إذا أمكن، وتحاول البحث عن حلفاء متينين في الساحة السنية ليرفدوها ببضعة آلاف من الأصوات التفضيلية. تُفاجأ اليوم بموقف داخلي محسوب أو غير محسوب بالنسبة إلى باسيل لا ندري، ولكنه موقف مستجد وعليه التعاطي معه بجدّية. رحلة التيار البرتقالي في البحث عن مرشحين ليست سهلة، وكذلك في تفضيل مرشح على آخر، أو في تجاهل رأي واسع من القاعدة الشعبية. أمام باسيل وتياره في عكار من هنا وحتى اختيار اللائحة وتشكيلها منعطفات كثيرة. ثمة رأي آخر في التيار الحر يعتقد بأن توزيع الأصوات التي يمتلكها التيار في القرى والبلدات بين المرشَحَين (الأرثوذكسي والماروني) بشكل عادل ومتساوٍ وتوجيه القاعدة بهذا الإتجاه أي على عكس ما حصل في 2018، خيار يمكنه أن يساهم بإيصال المرشحين إذا ما أدير بشكل صحيح مع إضافة كل مرشح لأصواته التي يمكن أن يحصل عليها من خارج الدائرة البرتقالية. هذه حسابات العونيين وتصوراتهم وللأطراف الآخرين حسابات وتصورات أيضاً، ولدى باسيل حساباته هو الآخر، فهل سيسمع لرأي قاعدته الشعبية؟