هيام عيد - الديار
بنتيجة التطورات الأخيرة، يبدو أن المشهد الداخلي يسير باتجاه عملية خلط أوراق واسعة النطاق، ينتهي معها العام الحالي على واقع أسوأ من واقع نهاية العام 2020 وربما أقلّ سوءاً من واقع العام 2021، على حدّ قول مصادر نيابية في كتلة بارزة، أعربت في مجلس خاص، عن توقّعاتها بالنسبة للمرحلة المقبلة، حيث تعتبر أن كل القوى السياسية، وبصرف النظر عن الصراعات الحالية، قد أصبحت بحاجة إلى نقطة انطلاق من أجل البحث في كيفية تجديد التفاهمات وصياغة اتفاقٍ أو تسوية جديدة مختلفة عن كل التسويات السابقة، كونها ستسمح بالوصول إلى حالةٍ من ربط النزاع بين كلّ الأطراف المتخاصمة اليوم، تدفع باتجاه الحفاظ على الحدّ الأدنى من الإستقرار الداخلي، وذلك بانتظار حلول «الساعة».
وفيما لا تتوقع المصادر النيابية نفسها، أن يكون العام الجديد، فرصةً لعودة العمل بالمؤسّسات الدستورية، وعلى رأسها مؤسّسة مجلس الوزراء، وبالطبع المجلس النيابي، فهي تجزم بأن المُقبل من الأيام، سوف يكرّس معادلةً جديدة على الساحة المحلية، عنوانها «لا حكومة» من دون تسوية أو تفاهم سياسي ولو بالحدّ الأدنى بين مكوّناتها، أو البقاء في دائرة الحكومة المشلولة التي لا تجتمع ولا تختلف بالتالي عن حكومة الرئيس حسان دياب، التي راكمت المساوىء وأدخلت البلاد في نفق الإنهيار والأزمات، التي بات من المستحيل الخروج منها قبل فترة 7 سنوات، وفق ما أعلن رئيس الجمهورية ميشال عون، عشية عيد الميلاد المجيد.
ومن شأن التسوية التي يجري الحديث عنها في المقرّات الرئاسية، في الآونة الأخيرة، وتحديداً بعد موجة التصعيد السياسي الأخير بين الرئاستين الأولى والثانية، أن تؤدي إلى فرض التوازن الداخلي ولجم التصعيد الدراماتيكي الذي انطلق أخيراً، ودعم جهود الوساطة الجارية، من أجل عدم دفع الأمور إلى مزيدٍ من التأزّم، مع العلم أن الوساطات الحالية، لا تقتصر على القوى المحلية فقط، بل دخلت على خطها، عواصم غربية، أبرزها باريس، التي تتحرّك في اتصالاتها، تحت سقف تكريس واقعٍ من الهدوء النسبي، خلال الفترة الفاصلة عن الإنتخابات النيابية، وذلك من أجل تحقيق هدفين أساسيين:
ـ الهدف الأول: منح الفرصة أمام قوى المجتمع المدني التي تطرح نفسها كمرشحٍ فاعلٍ للتغيير، لكي تخوض الإستحقاق النيابي المقبل، ولكي تكون البديل عن القوى الحالية ولو بنسبةٍ معينة، لا تتجاوز تكوين كتلة تضمّ على أبعد تقدير 16 نائباً في المجلس النيابي الجديد.
ـ الهدف الثاني: إفساح المجال أمام حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، لإنجاز عملية التفاهم مع صندوق النقد الدولي، والوصول إلى تأمين نوعٍ من الدعم اليسير للحؤول دون حصول الإنهيار المالي الكامل.
وانطلاقاً من هذه المعطيات، تتحدّث المصادر النيابية نفسها، عن أن انفجار التوتر على نطاق واسع في صفوف من كانوا حلفاءً في الأمس وأطرافاً في تفاهمٍ عميق عابر لكل المستويات، لا يعني بالضرورة فكّ التفاهمات داخل الفريق السياسي الواحد، بلّ على العكس، سيشكّل مساحة لتنقية العلاقات من الشوائب، وترميم الصدع الجدي هذه المرة في العلاقات ما بين طرفي «تفاهم مار مخايل».