كمال ذبيان - الديار
شكلت زيارة مسؤول العلاقات الخارجية في المكتب السياسي لحركة «حماس» خالد مشعل للبنان، ارباكات للحركة نفسها، كما للمسؤولين اللبنانيين، وكذلك لحلفائها وفي مقدمهم «حزب الله» كما للفصائل الفلسطينية سواء المنضوية تحت سقف منظمة التحرير الفلسطينية او تحالف القوى الفلسطينية.
وتزامنت زيارة مشعل، مع انفجار مستودع سلاح وذخيرة لـ«حماس» في البرج الشمالي، وكاد ان يكون كتفجير العنبر رقم 12 في مرفأ بيروت، او مستودع المحروقات في بلدة التليل العكارية، لكن ما اعقب حادث المخيم القريب من صور، هو الاشكال الامني الذي حصل اثناء تشييع العنصر في «حماس» حمزة شاهين الذي قتل في الانفجار، حيث سقط ثلاثة قتلى من «حماس» التي اتهمت حركة «فتح» بما جرى، وكادت ان تقع مجزرة في صفوف المشيعين، لكن تم احتواء الحادث، واحتكم الطرفان «حماس» و «فتح» الى القضاء اللبناني، دون ان تقف تداعيات ما حصل، اذ ما زال الاحتقان يسيطر على المخيمات الفلسطينية، بين الفصيلين الاقوى فيهما، واللذين يعملان للسيطرة عليها.
وكان ملفتاً ان لقاءات مشعل غابت عن المراجع الرسمية اللبنانية، فلم يستقبله كل من رئيس الجمهورية ميشال عون ولا رئيس مجلس النواب نبيه بري، لكنه التقى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بما يشبه الزيارة الخاصة، ولم يجتمع أيضا بالمدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم، الا ان الابرز كان في عدم حصول اجتماع بين مشعل والامين العام «لحزب الله» السيد حسن نصرالله، حيث تعزو مصادر قيادية فلسطينية، الاسباب الى العلاقة المتوترة التي ما زالت قائمة بين سوريا و «حماس»، التي كان لمشعل الدور الاكبر في ان يضع تنظيمه في خدمة مشروع «الاخوان المسلمين» في سوريا، فقدم التنظيم على القضية الفلسطينية، ولم يرد الوفاء للقيادة السورية برئاسة الدكتور بشار الاسد الذي احتضن «حماس» عندما طردت السلطات الاردنية قياداتها، ففتحت دمشق ابوابها «لحركة المقاومة الاسلامية»، والتي اقامت مكاتبها فيها، وهو ما اغضب العدو الاسرائيلي ومعه الادارة الاميركية التي ارسلت وزير خارجيتها كولن باول بعد الغزو الاميركي للعراق في ربيع 2003، لاقفال مكاتب «حماس»، لكن الرئيس الاسد رفض الاملاءات الاميركية.
وتعتبر «حماس» بالتصنيف السوري لها متآمرة على الشعب السوري، ودورها في اسقاط مخيم اليرموك من الداخل، اضافة الى تدخلها العسكري في عدد من المعارك الى جانب الجماعات المسلحة، حيث تشير المصادر الى ان القيادة السورية لم تسامح «حماس» التي حيا الرئيس السوري مقاتليها المقاومين في معركة «سيف القدس» في غزة خلال شهر ايار الماضي، ولم يكن اي ممثل للحركة اثناء استقبال الاسد لوفد فلسطيني، وهذا الموقف السوري الغير متسامح مع «حماس»، لاقى تجاوبه في لبنان، في زيارة مشعل، الذي تشير المصادر بانه لم يغير سلوكه «الاخواني» من النظام السوري، الذي ما زال يصر على ضرورة اسقاطه، وهذا ما لا يمكن للمسؤولين اللبنانيين ان يتجاوبوا مع هذا الطرح، وهم في حاجة الى سوريا كممر للغاز المصري واستجرار الكهرباء من الاردن، اضافة الى انها معبر للصادرات اللبنانية الى دول عربية.
واُحرج «حزب الله» بزيارة مشعل، الذي لم يستقبله امينه العام السيد حسن نصرالله، لأنه لم تصلح العلاقة بين «حماس» وسوريا بعد، وقد حاول الحزب مد جسور التواصل بين الجانبين لكنه لم ينجح، دون ان تتوقف مساعيه، وهذا ما فسرته المصادر، في عدم حصول لقاء نصرالله ـ مشعل، اضافة الى التوقيت غير المناسب للزيارة، التي اتت مباشرة بعد انفجار مخيم البرج الشمالي وسقوط قتلى، وارتفاع حدة التوتر بين «حماس» و«فتح»، حيث شكلت كل هذه العوامل، ظروفاً غير مناسبة لحصول اللقاء، الذي لم يجر ايضاً بين «تحالف القوى الفلسطينية» ومشعل، الذي سعى الى حضور اجتماعها، لكنه لم يلق التجاوب.
وفي زيارته الى لبنان، التي جاءت بناء لطلبه، احرج مشعل قيادة «حماس» فيه والتي فشلت في انجاح زيارة رئيس مكتبها السياسي السابق، الذي سعى من موقع مسؤوليته الخارجية، ان يطل من لبنان، فلقي الابواب موصدة بوجهه، ولم يستقبله سوى مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان و«الجماعة الاسلامية» التي تشاركه عقيدة «الاخوان المسلمين».
فقبل ان تعود علاقة «حماس» مع سوريا الى وضعها السابق، وتعترف الحركة بانها اخطأت في حساباتها، فلن يكون لها ملاذاً في دمشق، وعدم ترحيب في بيروت، او تجاهل لزيارات مسؤولين فيها، وبعد ذلك ترتيب التفاهم بين «حماس» و«فتح».
وفي هذا الاطار يقول مسؤول حركة «حماس» في لبنان ياسر هادي (ابو ياسر) لـ «الديار»، بانه قبل مجيء مشعل الى لبنان، جرت اتصالات مع كل المسؤولين في لبنان والحلفاء، ولم يمانع احد في استقباله، لكن البعض ولحسابات تتعلق ربما بدور لمشعل من احداث سوريا، ودور لحركة «حماس» فيها، تحفظ عن تحديد مواعيد له.