باتريك إيليّا أبي خليل
على أثر اجتماع قادة العالم في غلاسكو لحضور الدورة الـ 26 لقمّة التغيّر المناخيّ من أجل مواجهة التداعيات الناجمة عن انبعاثات غاز الميثان المسبب لظاهرة الإحتباس الحراريّ المتزايد وانعكاسه تلوّثاً واعتلالاً، وخطورته الداهمة على الحياة البشريّة، يشعّ في الأذهان مشروع نيوم السعوديّ العصريّ على شاطئ البحر الأحمر، كنقطة وصل استراتيجيّة قاريّة ثلاثيّة آسويّة، أوروبيّة، وأفريقيّة، وكنموذج اقتصاد أخضر للمستقبل الحيويّ والمعيشيّ والتقنيّ والرقميّ والترفيهي وغيرها.
ما يجعل من نيوم اليوم قفزة حضاريّة للإنسانيّة ونموذجاً عالميّاً رائداً لا يقف عند حدود مساحته الواسعة المتداخلة جزئيّاً مع الحدود الأردنيّة والمصريّة، أو الإستثمارات الماليّة الهائلة المُنفقة لإنشاء مدن جديدة ذات بنية تحتيّة متقدّمة تشمل مرافئ ومطارات ومراكز ابتكاريّة وصناعيّة وتجاريّة وسياحيّة وغيرها، إنّما يتبحّر عبر استشراف المستقبل وتحدّي التغيير المناخيّ والمساهمة بشكل فعّال في التبنّي الحازم والجازم للبيئة الصديقة، من خلال مشاريع توليد الطاقة والمياه النظيفة والحدّ من الإنبعاثات الكربونيّة وتطوير النظام البيئيّ وتكريس المساحات الخضراء على مدّ النظر، سيّما والتخطيط لضمّ بعض مدنه تقنيّات مترابطة ومرتبطة بالذكاء الإصطناعيّ والخالية من ضوضاء وتلوّث زحمة المركبات، إذ يتمحور المشروع بشقّه الأبدع حول مبدأ التوازن بين بيئة الأعمال وجودة الحياة حيث انسجام التطوّر ومجتمع الإنسان.
من شأن نيوم، إذا ما أتى ثماره في خواتيمه، أن يطلق في المملكة العربيّة السعوديّة ثورة استثماريّة مهيبة متنوّعة إقتصاديّاً، ويثبّتها مقصداً سياحيّاً وخدماتيّاً وصناعيّاً وتكنولوجيّاً، ويرسّخها منصّة عالميّة رائدة وسوقاً حرّة لتصبح إحدى أهمّ الدول الإقتصاديّة والعلميّة وأهمّ المراكز التجاريّة في العالم، إلى جانب تتويجها ضمن الدول المتصدّرة في الحفاظ على البيئة والمناخ.
فهل من شأن نمط التصميم الفكريّ الجديد أن يشكّل، بعد التلوّث الكلّي والكوارث الطبيعيّة المستغرَبة والمؤكَّدة صنيعة الجشع البشريّ غير المحسوب، نقطة انطلاق لتقويم وتهذيب خطط العالم الإستثماريّة، تكريساً للتنمية المستدامة وضماناً لمستقبل الأجيال اللّاحقة ضمن بيئة متعافية؟