كريم حسامي
الانهيار الاقتصادي والنقدي والمالي لا يشمل منطقة الشرق الأوسط فقط، إنّما توسَّع منذ فترة ليبلغ أوروبا والولايات المتحدة على خلفية أسباب متشابكة ومعقدة.
من الأزمات السياسية والجيوسياسية بين روسيا وبعض دول أوروبا من جهة والاتحاد الاوروبي من جهة أخرى وتأثيرها على السياسات الاقتصادية للمنطقة الاوروبية، خصوصاً إمدادات الغاز التي تأتي من روسيا ما يضع القارة العجوز على كفّ عفريت، فضلاً عن عوامل أخرى تُساهم في تدهور الظروف المعيشية للمواطن في ما يتعلق بتأمين المواد الأساسية للحياة.
أزمة الطاقة في أوروبا ستصبح أسوأ بمرات عمّا هي اليوم، فسيرى الأوروبي أمور لم يعتاد عليها منذ الحرب العالمية الثانية مثل انقطاع التيار الكهربائي والعجز عن تأمين المواد الأساسية، من دون إغفال أن البرد القارس لم يبدأ بعد.
الوضع مخيف وصعب جداً وشبيه بلبنان على الرغم من اختلاف مظاهر الانهيار، والأمثلة على ذلك كثيرة، حيث هناك أمّهات عليهّن الاختيار بين دفع فاتورة الطاقة أو إطعام طفلهم.
أسعار المواد الغذائية مرتفعة ومرشّحة للارتفاع أكثر فأكثر ضمن التضخّم الذي يشهده العالم، حيث يؤدي نقص الغاز الأوروبي إلى ارتفاع تكاليف الأسمدة. ومع الاحتمال الحقيقي لانقطاع التيار الكهربائي في أنحاء القارة، سيكون الشتاء القادم كارثة حيث ستؤدي درجات الحرارة المنخفضة إلى مزيد من الضغط على الاحتياطيات المستنفدة.
لذلك، لا يمكن اعتبار البقاء في البرد القارس من دون تدفئة وإضائة وطعام طريقة رائعة لقضاء الإجازات، وخصوصاً عيد الميلاد. وهناك العديد من العوامل التي تؤدي إلى تدهور الاوضاع:
- زيادة الطلب على الطاقة مع خروج البلدان من الوباء، وستزداد هذه المشكلة مع دخول البلدان في متحوّر "أوميكرون" الذي ستمتد تداعياته حتى الشهر الثاني من العام المقبل، أي في عزّ الشتاء.
- صهاريج مستنفدة بعد برودة الشتاء.
- تستهلك الصين كميات أكبر من الغاز وسرعات رياح منخفضة تعمل على خفض الطاقة المتجددة.
ارتفعت أسعار الغاز إلى أكثر من 1100 دولار لكل 1000 متر مكعب من الغاز الطبيعي، غير ان صربيا تلقت سعراً منخفضاً جدا من روسيا، مما يعني أنها مهيأة لفصل الشتاء على الرغم من ضغوط الولايات المتحدة.
لذلك، المشروع الوحيد الذي يمكن أن يساعد أوروبا على تخطي أزمة الطاقة هو "Nord Stream 2" الذي يُصدّر الغاز من روسيا إلى أوروبا عبر ألمانيا، والتي تفرض أميركا عقوبات على انابيبه.