ابتسام شديد - الديار
لم تكن استقالة وزير الإعلام جورج قرداحي المتأخرة شهرا كاملا منذ انفجر صاعق التصريح»الشهير» خارج دائرة التوقعات بعد ان تفاقمت الأزمة السياسية وتزايد حجم الضغوط والأفق المسدود الذي وصلت اليه الأمور داخليا وعلى مستوى علاقة لبنان بالخارج، الا ان الاستقالة «المكبوتة» سرعت وتيرتها او فرضتها بالقوة مستجدات تتعلق بزيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى المملكة السعودية وما حكي عن إتصالات بين بيروت وباريس أفضت لقبول الطلب الفرنسي.
عدا ذلك فكل المؤشرات التي سبقت وأتت لاحقا دلت على سلوك هذا الخيار يوما ما، فرئيس الحكومة نجيب ميقاتي»مل»من العراقيل التي تواجه حكومته وهمه من البداية تفعيل الحكومة وإنقاذ العلاقة مع السعودية ودول الخليج، أجواء لقاءات الدوحة والحديث الذي أدلى به رئيس الجمهورية ميشال عون غلبت قرار الاستقالة واعتراضه على موقف قرداحي مقارنا بين أداء وزير الإعلام وما فعله وزير الخارجية شربل وهبه ووفق المعلومات المسربة من لقاء الدوحة فان الوفد الرئاسي تبلغ من القطريين ان اطلاق الوساطة مع الرياض يحتاج الى حوافز ومؤثرات، أضف الى ذلك ان أزمة التصريح أربكت قيادات ٨ اذار ومنهم رئيس تيار المردة سليمان فرنجية الذي اصطف الى جانب وزيره وحزب الله لكنه كان مربكا في كيفية الخروج من المأزق اذ جرى تحميله وفريقه عبء توتير العلاقة مع الخليج والمراهنة بمصير اللبنانيين مع حملة داخلية من قبل التيار الوطني الحر والرئاسة الأولى برمي المسؤولية في اتجاه المردة وتردد ان ضغوطا من جهات مختلفة حاولت إقناع فرنجية بعدم توتير علاقته مع السعوديين او الرد السلبي على الطلب الفرنسي على مسافة زمنية من الإنتخابات النيابية والرئاسية.
حزب الله بدوره رفض الاستقالة الا وفق توقيته، مصادره ترفض اعتبار الخطوة متأخرة وتصرعلى قرار ذاتي اتخذه وزير الإعلام ربطا بتطورات القضية وان كانت الاستقالة برأي حزب الله لن تفتح بالضرورة الأبواب الموصدة او تقدم حلا للأزمة السياسية.
الاستقالة مؤخرا اصبحت مطلب الجميع، وفق مصادر سياسية فان الخطوة تعتبر «دفعة أولى» وبداية الطريق للخروج من النفق الحالي لكن تنقصها خطوات أخرى والمشاكل اللبنانية تتعلق بعودة الحكومة الى العمل وتجاوز الخلاف والتباينات في موضوع التحقيق في انفجار المرفأ، بحسب المصادر الاستقالة تريح الأجواء المتشنجة وتناسب الوضع العام.
يبقى السؤال عن الضمانات التي ستحصل نتيجة الاستقالة والموقف الإيجابي اللبناني ومدى نجاح الرئيس الفرنسي بتدوير الزوايا .
اما داخليا فخطوة الاستقالة لها مفاعيل ايجابية وانعكاسات مريحة لدى القوى المعنية، فرئيس تيار المردة سليمان فرنجية الذي يحتسب وزير الإعلام السابق في خانته تجاوز «قطوعا»
سياسيا كان يمكن ان يؤثر في وضعيته في المستقبل كمرشح رئاسي وكان واضحا ان الاستقالة (او اعتذار قرداحي في حينه) دخلت المزايدة بين زغرتا وميرنا الشالوحي ورفض فرنجية من بداية الأزمة ان يقدم الاستقالة هدية مجانية للرئيس ميشال عون والنائب جبران باسيل كما صرح في حينه.
استطاع فرنجية ان يكسب مجددا ثقة حزب الله وان يقطع الطريق على محاولة قام بها منافسوه لتسليف السعوديين مواقف متضامنة ومؤيدة لهم.
باعتقاد كثيرين ان الاستقالة تنفس الاحتقان السياسي وتريح فريق ٨ آذار من تهمة جر البلاد الى الويلات والأزمات لكنها كما تقول المصادر مريحة في الشكل فقط ولن يكون لها تأثيرات في الملفات الداخلية وحل الموضوع الحكومي المرتبط بقضية المحقق العدلي القاضي طارق البيطار كما انها لا تقدم ولا تؤخر في الموقف السعودي من حزب الله الذي يخاصم الحزب لدوره في حرب اليمن، وماذا لو ان الرئيس الفرنسي الذي يفاوض السعوديين في ملفات كثيرة اصطدم بالممانعة وعدم التساهل السعودي في المستقبل وهو أمر مرجح بألا يقدم الجانب السعودي أي تنازلات قبل الإنتخابات النيابية المقبلة.
بالمؤكد ان استقالة» وزير» لن تعيد وصل ما انقطع لكنها تنفي الذريعة او الحجة للحملة السعودية على خلفية كلام سياسي وقد تفرمل لبعض الوقت التصعيد فلا تأخذه في اتجاهات محددة.