جويل بو يونس - الديار
فيما لا تزال الجلسات الحكومية معلّقة على حبال الحل التوافقي للملف القضائي الذي لا يزال مفقودا حتى اللحظة، باعتبار ان لا توافق بعد على احالة ملف المدعى عليهم من رؤساء ووزراء ونواب الى المجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء عبر قرار او اجراء يتخذ من باب المجلس النيابي ، نظرا لعدم ضمان التصويت المطلوب للاحالة او تشكيل لجنة لهذه الغاية، تتوجه كل الانظار الى قضية وزير الاعلام جورج قرداحي وسط حديث عن ليونة وحلحلة قريبة قد يعلن عنها قرداحي نفسه، اذا حسم قراره باتجاه الاستقالة.
مصادر مطلعة على جو الاتصالات الحاصلة داخليا وخارجيا، كشفت ان المطلب الفرنسي الذي سمعه ميقاتي واسمعه امير قطر لرئيس الجمهورية تمهيدا لبحث ازمة لبنان مع الخليج في اللقاء المرتقب الاحد بين ماكرون والقيادة السعودية، هو المبادرة من الجانب اللبناني والتي تتمثل باستقالة قرداحي.
هذه المسألة كان سمعها وزير الاعلام في اللقاء الذي جمعه الثلاثاء مع ميقاتي، الذي عاد وطالب قرداحي بالاستقالة كمطلب فرنسي لفتح باب الحوار مع المملكة.
واشارت مصادر متابعة لجو اللقاء الذي حصل، الى ان قرداحي لم يحسم عند ميقاتي قراره بشكل نهائي، بل اكتفى بالقول: «اذا تأمنت الضمانات عبر فرنسا بان الازمة تحل باستقالتي فانا جاهز، لكن اريد ان اتشاور مع حلفائي والداعمين لي، وعلى رأسهم رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، فاستقالتي لم تعد ملكي، على كل حال خلينا ندرسا ونشوف».
المعلومات تفيد بان قرداحي غادر من عند ميقاتي الثلاثاء بلا حسم لاي قرار، وهو كان لا يزال حتى الامس يدرس كل الخيارات ولم يتخذ قراره النهائي بعد، علما ان مصادر متابعة رجّحت اتجاه قرداحي للاستقالة بالساعات ال48 المقبلة، باعتبار ان «الحمل بات ثقيلا عليه لا سيما انه تم تحميله كل مشاكل لبنان».
وفي هذا السياق، تشير المعلومات ان اتصالا سجل يوم الاربعاء بين وزير الاعلام ورئيس الجمهورية ، اذ بادر وزير الاعلام الى الاتصال بالرئيس عون لتشكّره على موقفه تجاهه والذي اعلن عنه من قطر. الكلام بين عون وقرداحي بحسب العلومات كان طيبا ووديا، حرص قرداحي خلاله على تثمين عاليا موقف رئيس الجمهورية الذي لم يطالبه بالاستقالة، بل جدد موقفه على مسمع قرداحي قائلا : «ادرس الموضوع وقم بما تراه مناسبا لمصلجة لبنان» ، فرد قرداحي بالقول: « رح اعمل مصلحة لبنان»!
وفيما رسالة حزب الله لقرداحي واضحة: «اتخذ القرار الذي تريد ونحن معك»، وهو لا يزال على موقفه هذا ، فكل الاجواء توحي بان استقالة وزير الاعلام قد تسلك طريقها بقرار من قرداحي نفسه الذي ابلغ بعض من تواصل معه بانه يفكر جديا من «انو يزيح من الطريق» !
وبالانتظار، تختم مصادر مواكبة بالقول: «استقالة قرداحي باتت واردة، لكن لا حسم لا بالموعد ولا بالمخرج، علما ان اي استقالة محتملة ستسبق موعد زيارة ماكرون للسعودية بين السبت والاحد.
وبحسب المعلومات، فان قرداحي الذي لن يرضى بان يحمل كل مشاكل البلاد، بات اقرب الى اتخاذ قرار الاستقالة. لكن السؤال من اين وكيف سيعلن قرداحي هذه الاستقالة؟ لا سيما ان السيناريو الذي حكي عنه سابقا بتأمين انعقاد جلسة لمجلس الوزراء يحضرها قرداحي فيفتح ملف الاستقالة ويناقش قبل ان يخرج وزير الاعلام ويعلنها من الخارج، لم يعد يصلح اليوم نظرا لضيق الوقت الفاصل بين اللقاء المرتقب السبت او الاحد بين ماكرون والقيادة السعودية، وعدم ايجاد الحل بعد للملف القضائي والمحقق العدلي طارق البيطار الذي عطل جلسات الحكومة.
وعليه، فان ما يفكر فيه قرداحي قد يكون حلا وسطا ، تكشفه اوساط متابعة ، اذ تشير الى انه اذا قرر الاستقالة فهو لن يقدمها الى بعبدا، علما ان علاقة جيدة تجمعه برئيس الجمهورية، لكن «الرجل المغضوب عليه» لا يريد القيام باي خطوة تزعج فرنجية الذي زكاه لمنصب وزارة الاعلام، لا سيما ان فرنجية كان تحدث من بكركي بانه رفض ما طرحه سابقا وزير الاعلام عليه وهو ان يضع استقالته بتصرف رئيس الجمهورية كيلا «يبيعها» الرئيس عون للسعودية كما قال فرنجية يومذاك، كما تشير المعلومات الى ان قرداحي نفسه لن يبيع استقالته لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي لم يتخذ موقفا يحفظ ماء وجه قرداحي، الذي يعتبر كثر انه لم يخطئ، وابغض الحلال ان يقدم قرداحي استقالته للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الذي يضع ملف لبنان في سلم اولوياته.
لذا فالاتجاه بحسب المعلومات ، اذا حسم قرداحي قراره النهائي باتجاه الاستقالة، الا يتوجه لتقديمها لا الى بعبدا ولا الى السراي، بل ان يعلنها بمؤتمر صحافي يعقد في وزارة الاعلام يشرح فيه قرداحي كل حيثيات هذا القرار.
على اي حال، فلنترقب ما قد تحمله الساعات ال48 المقبلة على خط وزارة الاعلام، علما ان الاكيد ان اي استقالة لقرداحي حتى لو تمت، فهي لن تغير في مقولة ميقاتي بالامس «مجلس الوزراء مش عم ينعقد ومش ماشي». فما جرى بالامس يبقى جاريا وصالحا كل يوم من هنا حتى بلوغ « الحل المخرج «للمشكلة الاساس التي عطلت الجلسات : البيطار لا يلاحق الرؤساء والوزراء والنواب!