صورة المشهد الداخلي باتت اكثر من سوداوية، ثابتة عند فجوة عميقة تفصل بين المكونات اللبنانية السياسية وغير السياسية، لا بل صارت امراً واقعاً ليس في إمكان أحد ان ينكره. وما يحيط بهذه الفجوة من وقائع وتناقضات وتباينات وعداوات، يشي باستحالة ردمها، وهو واقع بات يشكّل أرضاً خصبة لتفخيخ البلد وإنبات توتّرات من أيّ صنف، وتحت ايّ عنوان.
من هنا، تتبدّى سوداوية المشهد في المقاربات الصدامية لمجموعة الملفات الداخلية الساخنة المزنّرة بالكثير من فتائل التفجير. فعلى المستوى الحكومي، فإنّ كل ما حُكي عن حلول تفضي الى اطلاق عجلة الحكومة، ما زالت تصطدم بأسباب التعطيل ذاتها. سواء ما يتصل بموقف ثنائي حركة "أمل" و"حزب الله" من المحقق العدلي القاضي طارق البيطار، ودعوتهما الى استبداله بقاضٍ جديد يلتزم بالقانون والاصول، او ما يتعلق بالأزمة مع السعودية ودول الخليج والموقف من استقالة وزير الاعلام جورج قرداحي، التي ما زالت محل انقسام حكومي حولها.
وبحسب معلومات موثوقة، فإنّ هذا الامر، الى جانب نتائج زيارة رئيس الحكومة الى الفاتيكان ولقائه البابا فرنسيس، كان محلّ بحث في اللقاء الذي جمع رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي في عين التينة امس، حيث كانت الرغبة مشتركة في عودة اجتماعات الحكومة.
واكّدت المعلومات، انّ موقف الرئيس بري لم يتبدّل من بداية الأزمة، لجهة رفض أي مساس بصلاحيات المجلس النيابي ودوره وموقعه، وتبعاً لذلك، ما زال على تأكيده انّه مع ايّ مخرج يقوم على الإلتزام بالأصول القانونية والتقيّد بأحكام الدستور، وخصوصاً في ما يتعلق بموقع ودور المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء الوزراء. ولو أنّ هذه الاصول قد اتُبعت من البداية لما وصلت الامور الى ما وصلت إليه.