"الأنباء" الإلكترونية
الارتفاع الجنوني للدولار وتفاقم الأزمة المعيشية وغياب المعالجات المفترضة من قبل الحكومة والمعنيين دفع الناس مجدداً الى الشارع، حيث شهدت المناطق اللبنانية تحركات واسعة احتجاجاً على الغلاء وافقار اللبنانيين الذين باتوا بمعظمهم تحت خط الفقر، في وقت لا تزال البطاقة التمويلية في علم الغيب، ما يشي بأن الأزمة مرشحة الى مزيد من التفاقم وما شهده الشارع أمس ربما لا يكون الا "بروفا" قبل الانفجار الاجتماعي الكبير.
مصادر سياسية استغربت في اتصال مع "الانباء" الالكترونية ادارة الظهر والتجاهل المتعمد لمطالب الناس، داعية الحكومة والمعنيين الى القيام بشيء قبل فوات الأوان، اذ لا يجوز ان يستمر الدولار بالارتفاع متجاوزا كل الخطوط الحمراء والحكومة ورئاسة الجمهورية وكل المعنيين لا يحركون ساكناً، محذرة من الانفجار الشامل ووصول الأمور الى ما لا تحمد عقباه.
في هذه الأثناء كان رئيس الجمهورية ميشال عون قد بدأ زيارة "رياضية" الى قطر، حيث تم الإعلان عن مساعدات قطرية للبنان، وأن اللقاء مع أمير قطر تطرق أيضا الى الأزمة الخليجية، من دون الكشف عن أي اجراءات او اتفاقات عملية، ما أوحى بأن الأمر لم يتضمن شيئا يمكن الركون إليه، فيما جاءت تصريحات عون تكراراً اعتاده اللبنانيون دون نتيجة، خاصة وأن الأزمة مع الخليج يبدأ بإجراءات داخلية قبل الوصول إلى الدوحة، العائدة هي الأخرى منذ فترة قصيرة الى الحضن الخليجي.
محليا، حطّ الرئيس نجيب ميقاتي رحاله في عين التنية، حيث التقى الرئيس نبيه بري من دون الادلاء بأي تصريح، لتبقى الحكومة بدورها "لا معلقة ولا مطلقة"، والأزمة تراوح مكانها. في حين اكتفى عضو كتلة التنمية والتحرير النائب فادي علامة بالاشارة عبر "الانباء" الالكترونية الى أن ميقاتي وضع رئيس المجلس في أجواء زيارته الى الفاتيكان ومحادثاته مع البابا فرنسيس.
عضو تكتل الجمهورية القوية النائب جوزف اسحق أشار في حديث لجريدة "الانباء" الالكترونية الى ان لا زيارة رئيس الجمهورية الى قطر ولا لقاء الرئيسين بري وميقاتي يحلان المشكلة "لأن المعطل موجود وأهداف التعطيل ما زالت قائمة، وتعطيل حزب الله قائم ومطالبه معروفة وهي المقايضة بين السماح للحكومة بالعمل ووقف التحقيق في انفجار المرفأ، وهذا لن يحصل لأن هناك فصل للسلطات، لذلك سيبقى حزب الله واضعا يده على البلد وكأنه الآمر الناهي".
ورأى اسحق ان "لا حل لهذه المشكلة الا من خلال وعي الشعب والذهاب الى الانتخابات النيابية والاتيان بأكثرية سيادية تعيد التوازن الى البلد ولا تسمح لحزب الله بمصادرة قراره الحر كما يحصل اليوم".
وفي تعليقه على كلام الرئيس عون من قطر انه لن يغادر القصر الجمهوري في حال التمديد له من قبل النواب، اعتبر إسحق ان "هناك انفصاما واضحا لدى بعض المسؤولين، وكأن العهد عهد بحبوحة ورخاء والناس تعيش في نعيم دائم والدولار ب 1500 ليرة وصفيحة البنزين بعشرين الفاً وبرميل المازوت بمئة الف وقارورة الغاز بعشرة آلاف، ويحدثونك عن انجازات في الكهرباء وهي مقطوعة، وانجازات في الاقتصاد والحد الادنى للأجور يساوي 26 دولاراً. كل ذلك والفاسدون ما زالوا يسرحون ويمرحون".
وتابع اسحق: "كان لدينا 17 مليار دولار أنفقت على التهريب الى سوريا من أجل كسب بعض الارباح"، مؤكدا "وجود انفصام بين الحكم والشعب لدرجة جعلت اهل الحكم لا يشعرون ان هناك أزمة"، معتبرًا في الوقت نفسه ان "وجود الحكومة افضل من لا حكومة شرط السماح لها بالعمل والقيام ببعض الاصلاحات أقله الاشراف على الانتخابات النيابية شرط مشاركة المغتربين بانتخاب النواب ال 128 وليس انتخاب ست نواب موزعين على القارات الخمس كما يريد جبران باسيل".
من جهته، أوضح عضو كتلة الوسط المستقل النائب علي درويش عبر جريدة "الأنباء" الالكترونية ان "زيارة ميقاتي الى عين التينة تندرج ضمن اطار التشاور مع بري في الموضوع الحكومي"، لافتا الى "وجود تعقيدات على المستوى الداخلي ما زالت قائمة بانتظار عودة الرئيس عون من قطر من أجل التفاهم على حلها، وهي بمجملها تعقيدات داخلية أكانت بتفاصيل معينة بهدف ايجاد حلول لها يؤمل منها ان تعيد انعقاد جلسات مجلس الوزراء".
وقال درويش: "حتى اللحظة ما زالت الأمور في منحى تشاوري داخلي ولم تصل بعد الى الحلول المطلوبة"، معتبرا ان "مشهدية نزول الناس الى الشارع وقطع الطرقات ورفع الصوت ضد الغلاء تؤكد على ضرورة انعقاد جلسة مجلس الوزراء في أقرب وقت"، آملاً أن "تتبلور الأمور اكثر بعد عودة الرئيس عون من الخارج، فالرؤساء الثلاثة معنيون بالتكافل والتضامن بحل الازمة وايجاد المخارج التي تسمح بتفعيل عمل الحكومة".