محمد شعيب
يستفيق اللبنانيون كل يوم على أزمة تلو ازمة في وطن فقد فيه المواطن أبسط حقوقه وبات يعيش في المجهول .
وآخر هذه الأزمات ما إستجدّ منذ أسابيع قليلة بعد إنتشار تصريح لوزير الإعلام في الحكومة اللبنانية جورج قرداحي خلال إحدى مقابلاته والذي صرّح خلالها أن حرب اليمن كانت عبثيّة . وسرعان ما إنتشرت هذه المقابلة بين روّاد مواقع التواصل الإجتماعي وأثارت إستياء كبيراً معتبرين أن قرداحي أساء للمملكة العربيّة السعودية ، وما زاد الطين بلّة الموقف الرسمي السعودي الذي طلب من السفير اللبناني لديه مغادرة أراضيه وفي نفس الوقت طلبت الممكلة من سفيرها في لبنان العودة مجدّدا إلى أراضيها لتتسارع بعدها المواقع الخليجيّة المندّدة بما حصل .
ولعلّ تصريح قرداحي لم يكن السبب الوحيد بل شرارة لأزمة ليست بجديدة وهذا ما صدر عن لسان وزير خارجيّة المملكة العربية السعودية فيصل ب فرحان الذي أعلن في مقابلة تلفزيونية أن الأزمة مع لبنان سببها سيطرة وهيمنة حزب الله على القرار السياسي .
يعتبر رئيس جهاز الإعلام والتواصل في حزب "القوات اللبنانية" شارل جبور أن المملكة العربية السعودية وصلت إلى مكان لم تعد تحتمل فيه أي مواقف سياسية من لبنان لأن هناك مجموعة تراكمات كبرى سياسية ، أمنية وكان آخرها موضوع متعلّق في تهريب المخدرات عبر الحدود اللبنانية ، وبالتالي نتكلم عن حكومة جديدة وهذه الحكومة من ضمن خطواتها المبادرة إلى فتح قنوات ، ولكن طبعا كان عليها أن تؤكد أنها حكومة ستختلف بمقاربتها للعلاقة مع الدول الخليجية وبأنها ستعمل على مقاربة مختلفة تحرص فيها على علاقة جيّدة مع مختلف هذه الدول ، وإذ يخرج هذا التصريح حتى لو كان قبل تشكيل الحكومة إلا أنه وبنهاية المطاف الإنسان إستمرارية ، أنت تختار وزراء يهاجمون ويشتمون المملكة العربية السعودية ويتموضعون في موقع ضد المملكة وفي مسائل حساسة للغاية .
وأشار جبّور أن المملكة العربية السعودية مهدّدة في أمنها من قبل مجموعات ميليشياوية حوثية تعمل على إستهداف المملكة في أمنها وإستقرارها وهذا غير مقبول لا من قريب ولا من بعيد ، المملكة تتعرض بشكل شبه يومي لمسيّرات تستهدفها عن طريق الحوثيين الذين يتدربون في لبنان ومدربون على يد حزب الله وبالتالي المسألة حساسة أن تقوم مجموعات بإستهداف المملكة ولذلك كان طبيعي أن يثير ما أثاره الوزير قرداحي لأن هذه المسألة حساسة ، إضافة إلى نتيجة هذا التراكم الكبير في ممارسة حزب الله وتحويله لبنان إلى منصة لإستهداف المملكة العربية السعودية إن كان على المستوى السياسي المتواصل ، مستوى الخلايا الأمنيّة ومستوى المخدرات وبالتالي بالنسبة للسعوديين ورغم النوايا الطيّبة التي عبّر عنها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في إطلالته من السرايا والتي أكّد على مجموعة ثوابت ممتازة وهي رفض إستهداف الدول الخليجية ، التأكيد على عمق العلاقة مع الدول الخليجية ، رفض تغيير هوية لبنان ، التمسك في الدستور اللبناني ، وبتوصيفه للمشكلة كان الرئيس ميقاتي شديد الوضوح أن طرف سياسي وهو حزب الله يستخدم المؤسسات للتعطيل والشلل لتحقيق أهدافه ، كما أنه دعا الوزير قرداحي للإستقالة وبالتالي الرئيس ميقاتي وضع خريطة طريق لكيفية أن تكون العلاقة مع السعوديين ليكون تصريح قرداحي على طريقة الشعرة التي قسمت ظهر البعير أم النقطة التي أفاضت الكأس لأن هناك مسار طويل حيث ان السعودية شكّلت تاريخيّاً رافعة سياسية إلى لبنان من إتفاق الطائف ، الحرص على العيش المشترك ، سيادة لبنان ، الدعم المادي والدولي إلى لبنان وكانت تتلقى بإستمرار ما تتلقاه عن طريق الحزب من مواقف وأمور أخرى .
أما عن تمسّك حزب الله في الوزير جورج قرداحي ، إعتبر جبّور أن مشكلة حزب الله أنه لا يتعامل مع المسائل من زاوية لبنانية ، لا يضع من أولويته على طريقة ما قاله البطريرك الماروني " يجب أن نعلن المصلحة اللبنانية العليا ومصلحة اللبنانيين العليا " ، حزب الله يضع في إعتباره المصلحة الإقليمية ومصلحة المحور الذي هو جزء منه ، موقف حزب الله يتعلّق بالحوثيين ، لأن الوزير قرادحي يتكلم عن مسألة لأن الموضوع الحوثي له دور كبير في دعمهم وتدريبهم ولذلك إعتبرها إقليمية وبالتالي إذا تنازل في موضوع القرداحي يكون قد تنازل على حساب الحوثيين ، إذا المسألة لبنانية ، الإعتداء على المملكة هو لبناني يقوم به حزب الله والمحور الذي ينتمي إليه ولذلك حزب الله وضع المشكلة كأنها إيرانية سعودية وحوثية سعودية ولذلك هو يتمسك بالقرداحي من منطلق حوثي وليس لبناني .
وعن شروط المملكة العربية السعودية للعودة مجدّدا إلى الساحة اللبنانية ، إعتبر جبّور أن المبدأ الأساسي من أجل العودة إلى ما قبل الأزمة التي أثيرت نتيجة موقع الوزير قرداحي تستدعي حسن نيّة وهي إستقالة أم إقالة هذا الوزير ، لا يمكن أن نتكلّم اليوم عن عودة العلاقات مع المملكة العربية السعودية إلى ما كانت عليه تاريخيّاً بل كما كانت قبل الأزمة لأن السعودية تريد خطوات ملموسة ، رئيس الحكومة واضح من خلال الطريق التي وضعها أنه حريص على تطبيقها لأن لبنان عمقه عربي وتحديداً خليجي وهذا هو دستور لبنان وإتفاق الطائف إلى أن هناك طرف آخر يريد تغيير هويّة لبنان والإنقلاب على الطائف والسؤال كيف يمكن لدولة أن تقبل بمساعدة دولة أخرى وهذه الدولة الأخرى التي هي لبنان ممسوك قرارها من قبل حزب الله .
وختم شارل جبّور معتبراً أن إيران في اليمن ، العراق ، سوريا ولبنان هي قوّة تعطيل والفرق بينها وبين المملكة العربيّة السعودية هو أن الأخيرة قوّة إستقرار وتدعم الدول . وأشار جبّور أنه أينما تحلّ الدولة الإيرانية ونفوذها يحلّ الفوضى ، عدم الإستقرار والإنهيار ، المشكلة هي مع إيران ومع أذرعها لأنها تعتقد أنها من خلال هذا التعطيل تستطيع أن تضع يدها على لبنان ، العراق سوريا واليمن وبالتالي تستخدم التعطيل كقوّة لمنع قيام دول وعندما بدأت معالم دولة في العراق شهدنا محاولة إغتيال رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي ولذلك تريد إيران إلحاق كل هذه الدول في مشروعها ومحورها على حساب الإستقرار والإزدهار ولذلك نرى أينما حلّت لا يوجد لا إستقرار ولا إزدهار بل دمار عنف تعطيل وقتل .
|
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp)
اضغط هنا