بسام أبو زيد
يخشى التيار الوطني الحر من تعديل في المواد الواردة في قانون الإنتخاب المتعلقة باقتراع المغتربين لاختيار 6 نواب يمثلونهم، معتبراً أن أي مطالبة في هذا الإطار لصالح أن يشارك المغتربون في الاقتراع لـ 128 نائباً ستفتح الباب أمام فرقاء آخرين للمطالبة بتعديلات أخرى في قانون الانتخابات الذي أعطى للمسيحيين اليد الطولى في اختيار نوابهم.
من الناحية النظرية تبدو هذه الذريعة منطقية، ولكن من الناحية العملية تبدو وكأنها مسايرة لموقف "حزب الله" الذي لا يبدي حماسة لاقتراع المغتربين بحجة أن أنصاره لا يستطيعون التحرك في بعض الدول التي تصنف الحزب "إرهابياً" وتفرض عليه عقوبات، وكأن أخصام "حزب الله" في لبنان يستطيعون القيام بحملات انتخابية حرة في المعاقل التي يسيطر عليها.
ذريعة التيار الوطني الحر لعدم تعديل مسألة انتخاب 6 نواب للمغتربين، تبدو وكأنّها تخوّف من نتائج الانتخابات إذا اقترع المغتربون وفق الدوائر الانتخابية في لبنان، ولكنه يحاول إخفاء هذا التخوّف من خلال إثارة الغبار حول مبدأ اقتراع المغتربين، معتبراً أنه حقّق الوعد بأن أتاح الفرصة لهم للمشاركة في الانتخابات، في مقابل تحييدهم عن صلب معركة التغيير المتوقعة في لبنان، فنواب الاغتراب الـ 6 لن يكونوا سوى ديكور في البرلمان لا صوت فاعلاً لهم ولا حضور سوى في المناسبات الكبرى، فهل سيترك هؤلاء مصالحهم وما ينعمون به من خيرات وكهرباء وكل مستلزمات الحياة اليومية كي يأتوا إلى لبنان للمشاركة في الجلسات والمشاكسات؟
إن مواجهة أي طرح بتعديل قانون الانتخابات لا يكون بمصادرة أصوات المغتربين وحصرها بـ 6 نواب، بل يكون من خلال وحدة القوى السياسية التي تؤمن بصحة التمثيل والتعددية في البلد وفي طليعة هذه القوى التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، ولذلك يفترض بهما التوحد على أن يكون للمغتربين صوت كامل في الانتخابات، وعلى رفض أي تعديل لتوسيع الدوائر الانتخابية ويفترض بهما الرد بطرح الدوائر الصغرى أو حتى العودة لمشروع اللقاء الأرثوذكسي كي يختار المسيحيون نوابهم الـ 64 مباشرة، وأن يعتبرا أي تعديل بعكس ما ترغب الأكثرية المسيحية الشعبية المتمثلة بالتيار والقوات مناقضاً للميثاقية التي طالما حمل لواءها التيار الوطني الحر وحلفاؤه.
لبنان لا يتجه إلى أي نوع من أنواع الوحدة الوطنية، بل يتجه أكثر فأكثر إلى تعزيز آحادية حكم الطائفة وعلى المسيحيين أن يخرجوا أنفسهم من أن يكونوا وقوداً لهذا الحكم فيعودوا إلى تعزيز وترسيخ التعددية والتنوع والحفاظ على وجه لبنان الحضاري والانفتاح على دول الإشعاع والثقافة والابتعاد عن كل ما يمكن أن يدمر لبنان او يلحقه بالدول المتخلفة التي تعيش شعوبها حالة من التعاسة، ولن يكون ذلك ممكناً إلا إذا اقتنعت القوى المسيحية الأساسية أنها تواجه مؤامرة وجودية قد تقضي على الوجود المسيحي في خلال سنوات قليلة ولا حل لهذه المعضلة إلا بنوع من الانفصال سموه ما شئتم لامركزية موسعة او فيدرالية أو تقسيماً.