بعد زيارة باريس، ولقاء الرئيس نجيب ميقاتي في الاليزيه مع الرئيس إيمانويل ماكرون، سجلت «زيارة التضامن» التي قام بها رئيس وزراء الأردن بشر الخصاونة إلى لبنان، بدءا من الأربعاء الماضي نقطة ذات دلالات، لجهة كسر «طوق العزلة» عن البلد، ومده بما يتوفر من مساعدات، وفتح الباب امامه للخروج من حالة الاختناق والعقوبات والحصار، سواء في ما خصَّ الاستفادة من استجرار الكهرباء من الأردن أو الاستفادة من الغاز المصري لزيادة إنتاج المعامل التي ما زالت تولد الكهرباء في لبنان، وإنهاء حركة النقل البري في ما خصَّ الصادرات الزراعية اللبنانية إلى الدول العربية.
وإذ كشف الرئيس ميقاتي عن اجتماع ثنائي، عقد بين وزير الطاقة والمياه وليد فياض ووزيرة الطاقة والثروة المعدنية هالة زواتي للبحث في الترتيبات اللوجستية، ومعالجة المشكلات من أجل تسريع استجرار الكهرباء من الأردن واستجرار الغاز المصري الذي سيمر عبر الأردن وسوريا، أكّد الضيف الأردني التزام المملكة العربية الهاشمية «بدعم استقرار لبنان وإعادة نهضته والتيسير على اشقائنا واهلنا في لبنان».
ووصفت مصادر سياسية زيارة رئيس الحكومة الاردنية الى بيروت، بعد تشكيل الحكومة الجديدة، مباشرة، بالمهمة في هذا الظرف بالذات، لانها تعكس جدية العاهل الاردني عبد الله الثاني،في الاهتمام بلبنان،والعمل بكل الامكانيات المتوافرة، لمد يد المساعدة، وتجييش كل علاقات المملكة مع الخارج، لتمكينه من تجاوز الظروف الصعبة،وحل الازمات التي يواجهها.
واشارت المصادر الى ان ابحاث الزيارة التي تركزت على تسهيل وتسريع وتيرة، استجرار الغاز المصري عبر الاراضي الاردنية وكذلك العمل على تزويد لبنان، باكبر كمية ممكنة من الطاقة الكهربائية من الاردن او من خلال مشروع الربط للكهرباء المصرية،وكذلك تسهيل نقل المنتجات اللبنانية،من خلال نقاط العبور على الحدود السورية الاردنية الى دول الخليج العربي. وقد ابدى رئيس الحكومة الاردنية، كل استعداد لتوفير الظروف ،لتسهيل مساعدة لبنان من قبل الاردن.
كما تناول البحث،ايضا توسيع مروحة الاستثناءات من قانون قيصر،التي يمكن للجانب الاردني ان يقنع الادارة الاميركية،بالسماح بها،لكي يتم العمل بموجبها للتجاوب مع مطالب لبنان، في مسائل وقضايا، تتجاوز الكهرباء والغاز الى التبادل التجاري والتعاون المتبادل بين البلدين.
عل صعيد آخر، كشفت المصادر النقاب،عن مساعي يبذلها العاهل الاردني بالتنسيق مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، لترتيب عقد مؤتمر ثلاثي مع لبنان في القاهرة قريبا، لحشد الدعم العربي المطلوب لمساعدة لبنان واخراجه من محنته، ومازالت الاتصالات في بداياتها بهذا الخصوص، وقد تتوسع لتشمل دول اخرى،في حال سمحت الظروف بذلك.
الحكم والحكومة
وهكذا استمرت اندفاعة الحكم والحكومة لتحقيق بعض الانجازات السريعة، لا سيما البدء بالتفاوض مع صندوق النقد الدولي وتوحيد الرؤية الحكومية والمالية امام الصندوق، مع الحصول على دعم عربي تمثل بالدعم المالي.
وقد جال الرئيس الخصاونة على الرؤساء الثلاثة، عارضا المساعدة لاسيما في مجال الكهرباء. ورحب عون بإعادة فتح معبر جابر بين الأردن وسوريا، وتمنى ان تقدَّم كل التسهيلات اللازمة للشاحنات اللبنانية التي تنقل الإنتاج الزراعي اللبناني براً الى بعض دول الخليج».
وقال الرئيس الخصاونة بعد لقائه رئيس الجمهورية: عبرت للرئيس عون عن استعداد الأردن للوقوف الى جانب لبنان وحاجاته وأكدت أن الوزراء الأردنيين سيتعاونون مع نظرائهم اللبنانيين، بخاصة في مجال الطاقة.
أضاف: لبنان قدم الكثير لمحيطه العربي ونحن مدينون له بالوقوف إلى جانبه في هذه الأيام العصيبة،. مشيرا الى ان «الرئيس عون حمله رسالة خطية إلى جلالة الملك عبدالله الثاني».
وكان الخصاونة قد زار عين التينة والسرايا الحكومية حيث عقد اجتماع ثنائي ثم مشترك بين الوفد الوزاري الاردني الذي ضم نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي، وزير الدولة لشؤون رئاسة الوزراء إبراهيم الجازي، وزيرة الصناعة والتجارة والتموين مها العلي، وزيرة الطاقة والثروة المعدنية هالة زواتي وسفير الأردن في لبنان وليد الحديد.
وعن الجانب اللبناني، حضر: نائب رئيس مجلس الوزراء سعادة الشامي، وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب، وزير الدفاع موريس سليم، وزير الصناعة جورج بوشكيان، والوزير فياض، وزير الإقتصاد والتجارة أمين سلام والامين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكية.
كما عقد الوزراء اللبنانيون والاردنيون اجتماعات عمل جانبية، في اطار بحث ملفات التعاون القائمة وتلك التي هي قيد الاعداد في كل المجالات.
وأكد الرئيس ميقاتي بعد اللقاء أنه تم التطرق إلى «العلاقات الثنائية، بخاصة ما يتعلق بموضوع الطاقة واستجرار الكهرباء من الاردن والغاز المصري». وقال: تحدثنا عن اللجنة المشتركة الاردنية - اللبنانية التي لم تعقد اجتماعا منذ العام 2015 ولدينا الكثير من الاتفاقيات الجاهزة للتوقيع.وارتأى الرئيس الصديق ان نحصر الزيارة فقط بالسياسة لنعطيها قيمة عن التضامن والمحبة مع لبنان، ووعد بزيارة اخرى قريباً لأن هذه المرة دور لبنان بانعقاد اللجنة العليا ألمشتركة ، ووعد باجتماع قريب ، ولكننا لا نريد للاتفاقات أن تكون صورية بل ان تكون عملية ومفيدة للشعبين وان تؤتي ثمارها على صعيد توطيد العلاقات بين لبنان والاردن وشعبيهما.
من جهته، اكد رئيس الوزراء الاردني «ان لدينا اهتماما بدعم لبنان وصون استقراره ولن نتأخر بتأمين حاجاته»، وقال: تطرقنا الى موضوع استجرار الغاز والكهرباء لمعالجة بعض من ازمة الطاقة، وجرى حديث مرتبط بجهد يجري مع اشقائنا في الاقليم لتأمين احتياجات من المملكة الاردنية. وعرضنا بعض الاتفاقات التي تحتاج الى مصادقة ولن ندخل في التفاصيل المرتبطة بها.
وتابع: نعلن مجددا تضامننا مع لبنان، والامم المتحدة تشدد على الحرص على لبنان الشقيق وان الاحتياجات اللبنانية والمتطلبات لتأمين الاستقرار هي دائما في صدارة كل لقاءات الملك، وندعو الله ان يحفظ ويصون لبنان وشعبه ومؤسساته ويمن عليكم بالامن والاستقرار ودائما التضامن والامن والمحبة.
واكد رداً على سؤال حول تأثير عقوبات «قانون قيصر» الاميركي على دعم لبنان عبر سوريا، ان «الاردن ليس لديها خلافات مع احد ونحن دائما كنا وما زلنا محكومين بالعلاقات مع اشقائنا، واليوم لدينا مقاربات متعلقة بتأمين احتياجات اللبنانيين، ونحن ملتزمون التنسيق مع كل الجهات والدول القادرة على تأمين الاحتياجات اللبنانية في اطار التوافق الدولي القائم».
التفاوض مع الصندوق
إلى ذلك من المرتقب أن يستحوذ التفاوض على بعض الوقت وان تقوم استفسارات خصوصا أن التفاوض كان معلقا لفترة زمنية.
افادت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن موضوع التفاوض مع صندوق النقد الدولي هو محور اهتمام مشترك من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء اللذين توافقا على تفويض الوفد اللبناني وأشارت إلى أن هناك خارطة طريق يعمل عليها وإن التفاصيل التي جهزت باتت واضحة وهناك اصرار على السرعة وتقديم ما يلزم من مطالب من أجل تأمين السيولة بالعملات.
وقالت المصادر إن التحدي الأكبر يتمثل بتوحيد الأرقام واوضحت أن شروط الصندوق معلومة وتتصل بأصلاح المالية العامة والإصلاح وتوحيد سعر الصرف مؤكدة أن الحسم يعود إلى مجلس الوزراء مجتمعا ولاسيما بالنسبة إلى موضوع الالتزامات.
وفهم ان شركة لازارد ستساعد لبنان في برامج المساعدات من خلال خطة متكاملة، وفق أولويات محددة.
وانتقدت مصادر مطلعة ما صدر عن أن رئيس الجمهورية أعطى التوجيهات للمباشرة بعملها، وهذا الأمر مخالف للدستور، فعمل الشركة يحتاج إلى قرار من مجلس الوزراء.
وضم وفد لازارد: فرنسوا خياط، كزافييه عطية، وتوماس لامبرت، وعرض معهم ضرورة استكمال مهمتهم الاستشارية للدولة اللبنانية في اطار التحضير للمفاوضات مع صندوق النقد الدولي من أجل النهوض بالاقتصاد اللبناني. وشدد الرئيس عون خلال اللقاء على «ضرورة مراجعة خطة التعافي الاقتصادي التي اعدتها الحكومة السابقة نتيجة التغيير الذي حصل في الارقام منذ اكثر من سنة حتى اليوم، وتوحيد هذه الارقام، كي يكون موقف لبنان قويا خلال المفاوضات». وشكر أعضاء الوفد للرئيس عون الثقة التي وضعتها الدولة اللبنانية بشركة LAZARD، مؤكدين «التزامهم استكمال المهمة الموكلة اليهم، واهمية توحيد الأرقام والسير بالإصلاحات ووضع خطة لاعادة هيكلة القطاع المصرفي».
وذكرت مصادر حكومية لـ«اللواء» ان وفد «لازارد» سيواكب المفاوضات مع صندوق النقد الدولي وفق ما تعرضه عليه الدولة اللبنانية ويقدم استشاراته بما يفيد المصلحة اللبنانية في التفاوض وهو لن يكون مشاركا بالمفاوضات.
وفي السياق، صدر امس رسمياً قرار تشكيل لجنة للتفاوض مع صندوق النقد الدولي، وجاء في نَص القرار: «بناء لتوجيهات السيد رئيس الجمهورية، ولما كان يتوجب على لبنان استكمال المفاوضات مع صندوق النقد الدولي بالتزامن مع وضع وتنفيذ خطة تعافي مالي واقتصادي، لذلك، وبناء على ما ورد اعلاه، وعلى التوافق بين السيد رئيس الجمهورية والسيد رئيس مجلس الوزراء، يفوض السيد رئيس الجمهورية الوفد المشار اليه ادناه بالتفاوض مع صندوق النقد الدولي: نائب رئيس مجلس الوزراء سعادة الشامي، وزير المالية يوسف الخليل، وزير الاقتصاد والتجارة أمين سلام، وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، على أن يضم الوفد وزراء ويستعين بخبراء من اصحاب الاختصاص وفقا للمواضيع او الملفات المطروحة في مسار التفاوض».
وعلمت «اللواء» ان وزير الشؤون الاجتماعية هيكتور حجار سيكون من ضمن الوفد عند طرح الموضوع الاجتماعي المعيشي وسبل تمويل البطاقة التمويلية ومساعدة العائلات الاكثر فقراً. وقد ينضم ايضاً وزراء آخرين كالتنمية الادارية والبيئة حسب متطلبات التفاوض والمشاريع الملحة التي سيتم العمل عليها.
ولاحظت مصادر سياسية ان القرار الرسمي لتشكيل لجنة التفاوض الوزارية والرسمية مع صندوق النقد الدولي، تجنب تسمية آب مستشار كان لرئيس الجمهورية اوغيره كما روج لذلك، مايعني عمليا، ان مشاركة اي مستشار كان، لرئيس الجمهورية اوغيره،لن يكون ملزما، بل من باب تشكيل الحضور وايس اكثر،في حين ان مشاركة الاعضاء المذكورة اسماؤهم،تلزم التعاطي معهم، وتؤخذ اقتراحاتهم وملاحظاتهم بعين الاعتبار.
آلية البطاقة التمويلية
وفي السياق ايضاً، رأس الرئيس ميقاتي اجتماعا يتعلق بالبطاقة التمويلية ، شارك فيه وزيرا الشؤون الاجتماعية هكتور الحجار ووزير الاقتصاد والتجارة أمين سلام. في ختام الاجتماع وقع الرئيس ميقاتي والوزيران حجار وسلام «قرار تحديد آلية ومعايير تطبيق القانون المتعلق بالبطاقة الالكترونية التمويلية وفتح اعتماد اضافي استثنائي لتمويلها».
وقال حجار في تصريح: ان اللجنة الوزارية الخاصة بموضوع البطاقة التمويلية انهت اعمالها ووقعت القرار. لقد أنهينا مرحلة وعلينا ان ننهي مراحل أخرى للوصول الى بدء التسجيل على المنصة، وسيعقد مؤتمر صحافي في وقت لاحق لشرح كل التفاصيل».
أما سلام فقال: لقد إتخذنا هذا القرار المهم، بعد ان كان يؤخر موضوع البطاقة التمويلية، وكان أول هدف لدينا ان نوقع هذا القرار لتنفيذ الآلية، وحرصنا على تذليل كل العقبات في أسرع وقت ممكن، لأن المواطن والرأي العام في انتظار هذا الامر، ولدينا بعض المراحل التقنية التي سنعمل عليها في الايام المقبلة لنصل الى مرحلة التطبيق.
أضاف: التمويل سيكون متوافراً، أما آلية تنفيذه بين مصرف لبنان والبنك الدولي فسنترك الحديث في شأنها لوزير المال، مع وجود توجّه لأن يكون الدفع حسب منصة صيرفة، لأن الدولة اللبنانية لا تستطيع الدفع الا ضمن اطار السعر الرسمي، وليس سعر السوق السوداء.