فاتن الحاج
لا يعرف أهالي الطلاب اللبنانيين في بعض الجامعات الحكومية الروسية ما هي القيمة الحقيقية لأقساط أبنائهم. لا أثر لهذه الأقساط على المواقع الإلكترونية الرسمية للجامعات. الرقم يتبلغه الأهالي بواسطة «شركة خاصة» أو «سمسار» يدخل وسيطاً بين الطلاب وإدارة الجامعة ويحصر العلاقة به، ويرافقهم مالياً وإدارياً طيلة الرحلة الدراسية من خلال الاهتمام بكل المعاملات وتوفير المستندات التي يحتاجون إليها.
استغلال «السماسرة» للطلاب مالياً يبدأ منذ اللحظة التي تطأ فيها أقدامهم المكتب المعتمد في لبنان (لهذه المكاتب فروع مشابهة في مصر واليمن وبعض الدول العربية الأخرى)، لتسهيل وصولهم إلى الأراضي الروسية ولا ينتهي حتى التخرج. بداية، يفرض صاحب المكتب سلفاً نحو 2300 دولار، ثمناً للفيزا ولرسوم تعديل الشهادة ومتابعة شؤون الطلاب لسنة كاملة. ويكون للمكتب فرع داخل الجامعة، بالاتفاق مع إدارتها، يسمى مكتب شؤون الطلاب الأجانب، يملك «الصلاحية الحصرية» للتعامل في كافة الشؤون المالية والرسمية الخاصة بالطالب، من دون وضع الطالب وأهله في تفاصيل المتابعة. إذ «يجري الاتفاق على القسط الجامعي في جو من السرية التامة بين الجامعة والمكتب، ويمكن أن يبلغ الأخير الأهل بأن قيمة القسط السنوي تساوي 4000 دولار أميركي، فيما قيمته الحقيقية يمكن أن تكون 2000 دولار، وبدلاً من أن يحوّل المبلغ إلى حساب الجامعة مباشرة، يحوّل إلى حساب مدير المكتب وتقتطع منه الجامعة بعد ذلك المبالغ المتفق عليها»، على ما يؤكد رئيس جمعية أهالي الطلاب اللبنانيين في الخارج سامي حمية. وبما أن الطالب الجديد لا يتقن اللغة الروسية، «يستغلّه السمسار، ويتقاضى منه عمولة في كل الخطوات الأولى التي يخطوها على الأرض الروسية من استئجار السكن وشراء الطعام وبطاقة التلفون وفي كل المعاملات التي يحتاجها».
عندما يتقدم الطالب بطلب لنيل الفيزا، يتصل صاحب المكتب الموجود في روسيا بأحد الموظفين في القنصلية الروسية في بيروت لفرض 20 دولاراً على كل طلب تحت عنوان «ملء طلب تعريف» من دون إعطاء إيصال رسمي، «ويمكن المكتب أن يحجز إفادات أو أي مستندات رسمية إذا لم يدفع ولي الأمر المبالغ المطلوبة».
بحسب حمية، تنشط هذه «التجارة» خصوصاً في الجامعات الضعيفة المستوى التي تعتمد على السماسرة لاستقطاب الطلاب. واتهم هؤلاء بـ«مد أيديهم إلى نحو إلى 120 منحة دراسية مجانية قدمتها الدولة الروسية ويعملون على بيعها بقيمة 25 ألف دولار للمنحة». ودعا الحكومة الروسية، عبر سفارتها في لبنان، إلى فتح تحقيق عبر الأجهزة الروسية واللبنانية في هذا الملف مع أصحاب المكاتب وسؤال الطلاب الممنوحين عن طريقة حصولهم على المنح»، مشيراً إلى أن الجمعية تحركت منذ سنة ونصف سنة وأرسلت، عبر السفارة، رسائل إلى الحكومة الروسية تشرح فيها أوضاع الطلاب، كما كان ملف السماسرة موضع بحث في لقاء جمع، أخيراً، جمعية أهالي الطلاب مع السفير الروسي في بيروت ألكسندر روداكوف.
حمية تمنى لو أن المنح قدمت للطلاب الذين أصبحوا في منتصف طريقهم التعليمية، خصوصاً أن الجامعات الروسية هددت الطلاب بالفصل إذا لم يدفعوا كامل الأقساط.
الدولار الطالبي
على صعيد آخر، تتابع الجمعية مسار تجديد مفعول قانون الدولار الطالبي للعام الدراسي 2021 - 2022. ولفت حمية إلى أن مفعول القانون لا ينتهي إلا عندما ينال كل طالب الـ 10 آلاف دولار كاملة وفق سعر الصرف الرسمي (1515 ليرة مقابل الدولار)، وهذا ما لم يحصل حتى الآن. هذه المرة، وضعت الجمعية في القانون بنداً جزائياً للمصارف إذا تخلفت عن تطبيق القانون، «وسنحمل في الفترة المقبلة مسؤولية مراقبة تنفيذه بالدرجة الأولى للنواب، وسنسألهم عن مصير الـ 230 مليون دولار التي قال حاكم مصرف لبنان رياض سلامة إنها حولت إلى الطلاب من دون وضع بيانات مجدولة بالأسماء، فيما الطلاب المستحقون الذين أقر القانون من أجلهم لم يحصلوا على حقهم كاملاً بعد، وكثيرون منهم خسروا مقاعدهم الدراسية». وعلى خط مواز، يستأنف أهالي الطلاب الدعاوى التي كانوا رفعوها قبل إضراب المحامين.