يحيى دبوق
تواصل إسرائيل ضغوطها على لبنان لدفعه الى التراجع عن الخط الحدودي الجديد والعودة الى الخط القديم تمهيداً لاستئناف المفاوضات «غير المباشرة»، بعد حصر «التنازع» البحري في مساحته الابتدائية.
فبعدما أعلنت شركة «هاليبرتون» الأميركية، منتصف أيلول الماضي، فوزها بمناقصة التنقيب عن الغاز والنفط في حقل «كاريش» الذي يقع جزء منه في منطقة الخط الحدودي اللبناني الجديد، المعلن عنه قبل وقف جولات التفاوض البحري، عادت إسرائيل أمس، عبر إعلامها، إلى الحديث عن تفاصيل في المناقصة ترتبط بعمليات التنقيب والحفر التي قالت إنها ستبدأ قريباً، بمعزل عن الموقف اللبناني.
وذكر موقع «إسرائيل ديفنس»، وهو للمفارقة متخصّص بالشؤون الأمنية والعسكرية، أن رئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بينت لا ينتظر رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي ليبدأ التنقيب عن الغاز في حقل «كاريش»، مشيراً إلى أن عمليات الحفر ستبدأ في الجزء الشمالي من الحقل، حيث الحدود البحرية مع لبنان، وتحديداً البلوك ٩ (وفقاً للخط القديم). وأضاف الموقع، في رسالة استفزاز واضحة، إن الاتفاق مع الشركة الأميركية ينصّ على حفر بين ثلاث وخمس آبار شمال الحقل، أي داخل المنطقة الاقتصادية الخالصة للبنان وفقاً للتحديد اللبناني.
وأضاف الموقع إنه وفقاً لـ«أنتليجنس أونلاين»، فإن الصفقة بين «إسرائيل» و«هاليبرتون» أدارها رئيس الأعمال الخاص بالشركة في دبي، زيد خضرا، ومسؤول آخر في الشركة هو أحمد كناوي الذي كان مقيماً في دبي في السنوات الأربع الماضية، ما يطرح أكثر من علامة استفهام حول الدور الإماراتي الى جانب العدو ضد لبنان.
ويتوقع أن تستغل «إسرائيل» الخطوة المعلن عنها الى حدّها الأقصى، لتبني على ردة الفعل اللبنانية خطواتها اللاحقة، سواء بالانكفاء أو التحرك قدماً لمزيد من الخطوات التي لن يحدّ منها إلا ردعها عن المزيد منها.
مع ذلك، تهدف الخطوة الإسرائيلية، في هذه المرحلة بعد تشكيل الحكومة في لبنان، إلى الدفع باتجاه العودة إلى جولات التفاوض أولاً، وإلى إعادة سقف المطالب اللبنانية الى المربع الأول، أي الى المساحة المتنازع عليها وفقاً للخط البحري القديم (مساحة 860 كيلومتراً مربعاً)، وهو الخط المتفق عليه مع الجانب الأميركي ضمن توجّه مخطط له مسبقاً بين الجانبين ليكون محلاً للتسوية مع لبنان.
وترضى إسرائيل بأن يكون الحل تسووياً، الأمر الذي يعني تنازل الجانبين للتوصل الى حل لا يفرض على أي منهما، وإن كان أصل قبول العدو بالتفاوض فُرض عليه فرضاً عليها تبعاً لميزان القوى الردعي مع لبنان وعدم قدرة «إسرائيل» على الاستئثار بالمنطقة محل التنازع، وإلا ما كانت لجأت الى المفاوضات والتسويات.
إلا أنه يتعذّر على إسرائيل قبول أي تسوية، بمعنى تنازل من الجانبين، وفقاً لما يطال به لبنان (مساحة 2290 كيلومتراً مربعاً). إذ إن أي حل تسووي بناءً عليه، سيعطي لبنان ما كان يطالب به سابقاً، وجزءاً مما يطالب به الآن، مع قضم أجزاء من حقول حددتها إسرائيل في السابق ووزعت رخص التنقيب والحفر فيها على شركاتها وشركات أميركية ويونانية، بعدما جرى التيقّن من احتوائها على احتياطيات كبيرة من الغاز الطبيعي.
ما هو الرد اللبناني على الخطوة الاستفزازية الإسرائيلية؟ وهل سيكون للبنان موقف مغاير عما سبق، أم يكتفي بالاستفسار من السفارة الأميركية عن معنى الإعلان الإسرائيلي الجديد؟