يوسف دياب
لم يتأخر المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق بيطار باتخاذ قراره باستدعاء وزير الداخلية السابق نهاد المشنوق، ووزير المال السابق علي حسن خليل ووزير الأشغال السابق غازي زعيتر (وهم نواب حاليون)، وذلك لاستجوابهم كمدعى عليهم بـ«ارتكاب جرم الإهمال والقصد الاحتمالي»، الذي أدى إلى جريمة القتل عندما كانوا في مناصبهم الوزارية.
وحدد بيطار يوم الخميس في 30 الجاري موعدا لاستجواب المشنوق ويوم الجمعة في الأول من أكتوبر المقبل موعدا لاستجواب خليل وزعيتر، وقرر إرسال مذكرات تبليغهم إلى الأمانة العامة لمجلس النواب بواسطة النيابة العامة التمييزية. ويأتي قرار استدعاء النواب المذكورين، بعد ساعات قليلة على نيل حكومة نجيب ميقاتي ثقة البرلمان اللبناني، وبالتالي انتهاء العقد الاستثنائي للمجلس النيابي الذي استمر 13 شهرا، أي طيلة مرحلة الفراغ الحكومي، ما يجعل النواب المذكورين بلا حصانة نيابية من الآن والى حين بدء الدورة العادية في 19 أكتوبر المقبل.
ويعكس هذا الإجراء إصرارا لدى القاضي بيطار، بالمضي في تحقيقاته وكل الإجراءات التي يقتضيها هذا الملف، رغم الصعوبات التي تواجهه، والمفارقة أن استدعاء هؤلاء السياسيين، جاء على أثر تغريدة نشرها الإعلامي إدمون ساسين على صفحته على «تويتر»، قال فيها: «إن حزب الله وعبر رئيس جهاز الأمن والارتباط في الحزب وفيق صفا، بعث برسالة تهديد إلى القاضي طارق بيطار، مفادها «واصلة معنا للمنخار، رح نمشي معك للآخر بالمسار القانوني، وإذا ما مشي الحال رح نقبعك (نقتلعك)، فكانت إجابة بيطار (فداه بيمون كيف ما كانت التطييرة منو). وختم ساسين تغريدته: «حمى الله البيطار». واستأثر هذا التهديد الذي لم تنفه أو تؤكده المراجع القضائية المعنية، باهتمام ومتابعة الأوساط السياسية والقانونية وفي أروقة قصر العدل، وقد بعث النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات برسالة إلى القاضي بيطار، طلب «إعداد تقرير حول ما يتم تداوله عن رسالة (تهديد) شفهية وصلته بالواسطة من السيد وفيق صفا». وكشفت مصادر متابعة لـ «الأنباء»، أن رسالة التهديد «جاءت غداة زيارة قام بها صفا يوم أمس الأول إلى قصر العدل في بيروت، التقى خلالها رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود، ثم النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات، وأن المسؤول الأمني في «حزب الله» أبلغ الرسالة شفيها إلى القاضيين عبود وعويدات».
إلا أن مصادر النيابة العامة التمييزية نفت أن يكون لقاء عويدات وصفا «تطرق إلى تحقيقات انفجار المرفأ أو تناول استياء «حزب الله» من الإجراءات التي يتخذها القاضي بيطار بحق سياسيين من حلفاء حزب الله». وأوضحت أن «الحديث تناول مسألة ضبط شاحنة محملة بأكثر من 20 طنا من نترات الأمونيوم في بلدة بقاعية محسوبة على «حزب الله»، وأن النقاش حصل بحضور مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي الذي يشرف على التحقيقات الأولية في الملف». وتحدثت المصادر نفسها عن «غموض لايزال يلف مصير شاحنة النترات، التي تتطابق مواصفاتها مع النترات التي انفجرت في مرفأ بيروت»، مشيرا إلى أن «جزءا من محاضر التحقيق الأولي سلم إلى المحقق العدلي القاضي طارق بيطار، فيما أمر عويدات بنقل التحقيق الأولي من شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي، إلى مديرية المخابرات في الجيش اللبناني، لأن هذه النترات تحوي 34.7 من مادة الأزوت، التي تدخل في صناعة المتفجرات، وهي من اختصاص مخابرات الجيش».
وفي شق متصل بتحقيقات انفجار المرفأ، أعد المحامي العام التمييزي القاضي غسان عويدات مطالعة مفصلة، أحالها على محكمة التمييز الجزائية، رد فيها على الاستدعاء المقدم من نقابة المحامين في بيروت، التي طلبت كف يد الخوري عن متابعة الإجراءات المتعلقة بملف المرفأ بوصفه مدعيا عاما عدليا، وتعيين قاض آخر لهذه المهمة، بسبب ما أسمته عرقلة التحقيق العدلي الذي يجريه بيطار، من خلال التأخر بالرد على الدفوع الشكلية المقدمة من المدعى عليهم. وأشار الخوري في مطالعته إلى أن «ادعاءات نقابة المحامين عارية من الصحة، وأن المحامي العام التمييزي هو خصم المدعى عليهم في القضية وبالتالي لا يجوز رده»، مذكرا بأنه ليس هو من يجري التحقيق في الملف بل المحقق العدلي».