مايز عبيد
يعيش المواطن العكاري يومياته على السوق السوداء، (بنزين، مازوت، غاز، دواء، باطون...)، لا شيء أبيض في حياته، بسبب ما أوصلته إليه دولته من أزمات وانهيارات، فباتت السوق السوداء هي التي تتحكم بكل أموره ومفاصل حياته.
لكن السوق السوداء في البنزين والمازوت كارثة الكوارث، إذ لم تؤد حملات القوى الأمنية لمصادرة الغالونات من على طرقات عكار وساحاتها إلى أي نتيجة. فبُعيد سويعات قليلة من أي حملة أمنية، تعود الغالونات لتنتشر في نفس الأماكن وأماكن أخرى وكأن شيئاً لم يكن، لا حملة ولا من يحزنون.
على أن الإحتياجات للمازوت والبنزين كبيرة، سواء للسيارات والآليات أو حتى للإستعمال المنزلي، وكذلك حاجات المؤسسات على اختلافها لا سيما التربوية منها مع بداية موسم المدارس.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن قطع الأشجار في الغابات العكارية، لا سيما الأشجار المعمرة والنادرة مستمر، خاصة في المناطق الجردية العالية، حيث كان الأهالي يعتمدون على المازوت بشكل كبير للتدفئة، لكن مع ارتفاع أسعاره الجنونية في السوق السوداء وعدم قدرة أكثريتهم على شرائه، لم يجدوا حلا بديلا سوى قطع الأشجار وتخزين الحطب استعداداً لموسم الشتاء القادم.
محطات الوقود في عكار لا تزال مقفلة منذ مدة طويلة، ومن يفتح منها أبوابه فالخلافات والإشكالات على أبوابها سيدة الموقف. أصحاب المحطات في عكار أصبحوا موضع شبهة لدى المواطنين والأهالي، إذ يشير كثيرون إليهم بالتورط في عمليات التهريب أو حتى فرضية أن يكونوا هم وراء تزويد السوق السوداء بالمحروقات لا سيما البنزين والمازوت. فيعمد هؤلاء إلى إقفال أبواب محطاتهم بشكل دائم لجعل الناس أسرى للسوق السوداء التي وصل فيها سعر غالون البنزين سعة 8 ليترات إلى 250 ألف ليرة لبنانية. يحاول مواطنون عكاريون اللجوء إلى محطات في جبيل وبعدها وصولاً إلى بيروت كي يتمكنوا من تزويد سياراتهم بالبنزين لأن الركون إلى السوق السوداء أصبح مكلفاً للغاية، حيث يصل سعر الصفيحة في السوق السوداء إلى ما يزيد عن الـ 500 ألف ليرة لبنانية.
وتنتشر في عكار خدمة دليفري بنزين ومازوت لمن أراد، عبر أشخاص يخزّنون المحروقات بالغالونات، بحيث يصل سعر الغالون لدى بعضهم إلى 270 ألف ليرة وأكثر، يتقاضون من الزبون سعر الغالون الفارغ وحده 10 أو 15 ألف ليرة لبنانية. وينشر هؤلاء الإعلانات عن امتلاكهم البنزين والمازوت عبر حساباتهم على "الفايسبوك" أو من خلال وضع الحالات على تطبيق الواتساب، علما أن بيع البنزين والمازوت بالغالونات، وعبر أشخاص عديدين، لم يعد من الأصح ربما أن يقال عنه سوق سوداء، لانتشاره في عكار على نحو كبير وواسع، وسط إقفال المحطات وغيابها التام عن تأمين حاجة الناس والسوق من المحروقات.
ومع اقتراب موسم المدارس، ثمة عائق كبير أمام الأهالي، يتمثل في نقل الطلاب والطالبات، بعد رفع أصحاب الفانات أجور النقل الشهري للتلامذة، بحيث يطلبون أكثر من 200 ألف ليرة شهرياً حتى لو كانت المدرسة في نفس القرية، ما سيعيق انطلاقة العام الدراسي إلى جانب معوقات جدّية كثيرة قد تحول دون عام دراسي ناجح وفعال.