فاطمة هاشم
انتشرت أخيراً، على مواقع التواصل الاجتماعي، مئات الإعلانات لـ«شركات» تعمل في مجال تركيب أنظمة الطاقة الشمسية بأسعار مُغرية. منشورات بالعشرات دفعت كثيرين إلى خوض التجربة، ومنهم مهى عاصي التي لجأت إلى الطاقة الشمسية لتسيير عملها في مجال التزيين النسائي والوشم. بدأت عاصي التجربة باكراً، وبالتحديد «منذ بدء الأعطال بالتيار الكهربائي والتقنين قبل سنة»، إذ لم تكن قادرة على «احتمال أية قطعة كهربا، خصوصي إذا كان في زبونة تحت إيدي». اليوم، تأقلمت عاصي مع التيار الكهربائي الجديد الذي شحنت منه «خمسة أمبيرات»، وتُبدي ندمها اليوم لأنها لم تجعلها عشرة، خصوصاً أنه عند الغروب تتحوّل الأمبيرات الخمسة إلى اثنين.
مثلها فعلت رلا قدوح التي صرفت كامل مدّخرات العائلة بالدولار، وعمدت منذ عشرة أشهرٍ إلى تركيب ألواح الطاقة الشمسية بـ«نظام العشرة أمبير». صحيح أنها تكلّفت 3 آلاف دولار، إلا أنه «فشينا خلقنا»، خصوصاً أنه «لم يحتج إلى أي صيانة ولم يصبه أي عطل، حتى الآن»، كما أنها تستفيد منه إلى الحدود القصوى كل يوم وبشكل مباشر «أي من دون استهلاك ما هو مخزّن في البطاريات، من العاشرة صباحاً حتى الثالثة عصراً»، ثم تبدأ باتباع سياسة المداراة أي وضع مقبس وإزالة آخر، مع أنه يكفي لبراد وثلاجة منفصلين، بالإضافة إلى براد المياه ومكيّف.
بالنسبة إلى جيهان، نظام الطاقة الشمسية «راحة» من كل شيء: من الفاتورة والتوتر. تقول: «اشتريت كرامة وراحة بال لأن الموضوع ليس مادياً فقط بل هو نفسي أيضاً».
ثمّة رضى لدى معظم من استخدموا نظام الطاقة الشمسية، حتى إن البعض منهم يفكر اليوم في الاستغناء بشكل كليّ ليس عن كهرباء مولّدات «الاشتراك» فحسب بل عن كهرباء الدولة أيضاً... الغائبة أصلاً. لكن، في مقابل هؤلاء، هناك من لم يقتنع بعد، وهو ما يعزوه مصدر في شركة Energy Trends، إلى «قلة إدراك بعض الأشخاص من غير المختصين، والذين يعملون على تسخيف فعّالية أنظمة الطاقة الشمسية». أضف إلى ذلك أن هناك من يؤثر على سمعة هذه الأنظمة لأن الأمر أصبح «موضة وتجارة الكل عم يبلّ إيدو فيها». ويشدد على أن كل مشروع طاقة شمسية يحتاج إلى دراسة خاصة، والعامل الأساسي في هذه الدراسة يكمن في التفاصيل، ومنها «تحديد عدد الأشخاص المستهلكين للطاقة في المنزل مثلاً، ونوعية الأجهزة وغيرها من العوامل». والأهم أن يكون «الزبون على دراية بما يريد، لأن الزبون إذا شكا من النظام فإما أنه استرخص فأُعطِيَ بضاعة ذات نوعية رديئة، وإما توقّع ما لم يدفع ثمنه». وهنا، تكمن ضرورة أن يعرف «كم ساعة يريد من النظام أن يلبيه، فالأنظمة الكبيرة تستطيع توفير تغطية كهربائية شاملة على مدار الساعة، لكنها مكلفة».
ويفرّق العاملون في القطاع بين الطلب على نظام الطاقة الشمسية وبين تركيبه، إذ أن الطلب عالٍ جداً وتبلغ النسبة بحدود 80%، في حين أن نسبة التركيب الفعلي لا تتجاوز 20%. ويعود ذلك إلى الكلفة العالية للتركيب، بحيث إن نظام «الخمسة أمبير يُقدّر بأربعة آلاف دولار ونظام العشرة بين ستة وعشرة آلاف دولار»، وهذا ما لا طاقة للناس على دفعه في الوقت الراهن.
من جهتها، تشكو ليال مصطفى، وهي مهندسة كهرباء تعمل في إحدى الشركات المتخصّصة في أنظمة الطاقة الشمسية، من الدخلاء على المهنة، مشيرة إلى أن الشركة لا تهدأ «من تصليح الأعطال التي يتسبب بها بعض الأشخاص غير المهنيين». وتقول إن «في السوق كثيراً من الزعبرة»، وإيهاماً للزبائن بما هو غير صحيح، «كتركيب محول 20 أمبير، ولكن مع 4 بطاريات و 6 ألواح شمسية فقط، وهذا ليس كافياً أبداً، إذ أن هذه التركيبة لا تعطي أكثر من 5 أمبير».
المشكلة، برأي مصطفى، أن ثقافة الطاقة الشمسية لا تزال حديثة العهد لدى اللبنانيين، مشيرة إلى أن «هناك أشخاصاً لا يعرفون ما معنى وات، وبعض المتعهّدين من غير المختصين حافظين مش فاهمين ينسخون عروضاً يرونها في منشورات لبعض الشركات من دون أي تعديل». أما «العمل المحترم»، فهو أن «ترسل الشركة فريقاً ميدانياً لمعاينة اتساع المكان قبل التركيب، وتوفير كفالة كاملة لمدة ثلاث سنوات بعد التركيب». وهذا ما لا يحصل اليوم، لأن معظم من التحقوا بهذه المهنة يسعون وراء الربح السريع لا الاستمرارية.