عمر حبنجر
وسع التباين، حول تشكيل الحكومة، بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف نجيب ميقاتي، مساحة التباعد، بين عون والمكون السياسي السني. ممثلا بنادي رؤساء الحكومات السابقين.
وزاد هذا التباعد بعدا، بإصدار المحقق العدلي «مذكرة إحضار» بحق رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، من دون سواه من المسؤولين السياسيين والأمنيين، ممن علموا مثل دياب بوجود النيترات المتفجرة في مرفأ بيروت، ولم يتحركوا للحيلولة دون الكارثة، ما أوحى للمرجعيات الإسلامية، بأن المطلوب «كبش محرقة» وبأن أصحاب المحرقة، استضعفوا دياب غير المحصن شعبيا، دون الأخذ باعتبارهم كرامة الموقع الدستوري الذي يشغل. ولم يقتصر رد هذا «البلوك السياسي» على بيان رؤساء الحكومات السابقين، المتهم للرئيس عون بالتقاعس عن درء الخطر عن المرفأ وما حوله، ثم بتسييس التحقيقات القضائية حول الانفجار وحمايته ضباطا مطلوبين للتحقيق، إنما ظهرت سلسلة مواقف، تشي، بأن ما كان قبل صدور مذكرة الإحضار بحق رئيس حكومة تصريف الأعمال، لن يستمر بعده. أبرز هذه المواقف، كان توجه مفتي لبنان الشيخ عبداللطيف دريان الى الرئيس عون مباشرة بالقول عبر خطبة صلاة الجمعة، وبحضور الرئيس المكلف والرئيس المصرف للأعمال: حاول أن تنقذ ما تبقى من عهدك، وإلا فنحن ذاهبون الى الأسوأ.
وتلاه تصريح الرئيس ميقاتي لقناة العربية. الذي اتهم رئيس الجمهورية بإعادته الى المربع الأول، في كل لقاء يجمعهما.
ورغم قول ميقاتي ان الاعتذار ليس على أجندته الآن، فقد تحدث عن عقد كبيرة جدا أمام تأليفها، وقال إن رئيس الجمهورية يعرف جيدا أين تكمن هذه العراقيل. متحدثا عن وجود أودية ومطبات، ومربع أول، محذرا من أن لبنان اليوم، أمام خطر الزوال.
لكن ميقاتي، لم يكشف عن الأسباب المعرقلة التي يعرفها رئيس الجمهورية، وكأنه يريد الحفاظ على شعرة معاوية معه، ومع «معاونه الرئاسي» جبران باسيل، بدليل الإشارة الى استمرار التواصل عبر الوسطاء والموفدين.
وسجلت المصادر على ميقاتي، انه في مناشدته الجامعة العربية والأمين العام للجامعة العربية مساعدة لبنان، في معرض الحديث عن بواخر النفط الإيرانية، اقترح على من ينتقد الظلام، ان يقدم لنا شمعة، ما استشفت منه المصادر استعدادا للقبول بالنفط الإيراني علما أنه حذر من وجود عقوبات.
وقد رد الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط على مناشدة ميقاتي بقول: استمعت الى مناشدة رئيس الحكومة اللبنانية المكلف ودعوته لدعم لبنان، وأنا بدوري أقول: إنني اقدر هذه المناشدة وسبق ان اتصلت بالرئيس ميقاتي متمنيا له التوفيق في تشكيل حكومة تأخذ على عاتقها تنفيذ الإصلاحات اللازمة بشكل فوري يمكن المجتمع العربي والدولي من الانخراط بفاعلية في إنقاذ لبنان.
واللافت كان انضمام «اللقاء التشاوري السني» الذي يضم بضعة نواب محسوبين على فريق 8 آذار، الى المنددين بالإجراء القضائي ضد دياب، ومثلهم حزب الله، الذي اعتبر أمينه العام السيد حسن نصرالله أن إصدار مذكرة الإحضار بحق رئيس حكومة تصريف الأعمال «يؤكد على الهواجس التي تحدثنا عنها سابقا، فما قام به المحقق العدلي، هو استضعاف لرئيس الحكومة، وامتهان لرئاسة الحكومة»، وقال: بدكم تستدعونه وتحاكمونه اذهبوا إلى تعديل الدستور، وأضاف: هذا التدبير بحق رئيس حكومة تصريف الأعمال مرفوض.
من جهته د. حسن الرفاعي، المرجع القانوني والدستوري والنائب السابق، أطلق أمس، نداء لموقف وطني حاسم من الأداء الانقلابي للعهد على الدستور.
وفي مقالة له في «النهار» البيروتية. قال: أمام العبث المجنون بنظام لبنان، بفعل خروج رئيس البلاد ميشال عون عن دور الحكم العادل والحكيم الجامع، لصالح شخصية المحارب لاستعادة «حقوق مسيحية سليبة» والمنضوي في «حلف الممانعة» أرى ان لبنان أصبح في خطر أكيد وان اللبنانيين ذاهبون الى المزيد من الهجرة والاغتراب والتحسر على حلم جميل ضاع. ورأى الرفاعي وجوب قيام جبهة نيابية عريضة، تتخذ الإجراءات الدستورية «لمحاكمة الرئيس ميشال عون لقاء إسهامه الفظيع في خيانة فكرة لبنان وضرب مرتكزاته».
أما على صعيد الحكومة، فقد استبعد وزير الداخلية في حكومة تصريف الاعمال محمد فهمي تشكيلها الآن، وأشار الى توجه لضرب مقام رئاسة الحكومة.
وفي هذا الوقت حمل مقال لنقيب الصحافة اللبنانية عوني الكعكي، دعوة صريحة لعزل الرئيس ميشال عون!
غير ان الهيئة السياسية للتيار الحر التي اجتمعت برئاسة رئيس التيار جبران باسيل دعت، رئيس الجمهورية والرئيس المكلف الى التعاون البناء كشركاء دستوريين في تشكيل حكومة تضع حدا للانهيار وتؤسس للتعافي المالي. وأكدت على أن التيار الوطني الحر يدعم كل فرصة لولادتها سريعا ويسهل سياسيا وإعلاميا ذلك. وحذرت الهيئة مما وصفته «ضغط أو مزايدات أو عراقيل تقوم بها بعض الجهات المعروفة لتفشيل تشكيل الحكومة أو لتطويق رئيس الجمهورية والمس بصلاحياته والدس على رئيس الحكومة لمحاولة الانتقاص من صلاحياته. ونأمل أن يتمكن فخامة الرئيس ودولة الرئيس من تجاوز هذه المحاولات الفتنوية القائمة لبث الخلاف بينهما».