احمد دلول
ايامٌ قصيرةٌ تفصلنا عن بدء العام الدراسي الجديد، هذا لو كنا في الحالات الطبيعية عندما كان لبنان بألفِ خيرٍ، وفي ظل الازمات الصعبة المتتالية: من الازمة الاقتصادية الخانقة، الى جائحة كورونا وسلالتها الجديدة، التي تلقي بظلالها على القطاع التعليمي.
يعيش عشرات آلاف الطلاب والطالبات في الصفوف المتوسطة والثانوية قلقاً شديداً على مستقبلهم.
وبعد عامٍ ونصف العام من التعليم المدمج بين الحضوري وعن بعد، نسبة كبيرة من الطلاب إما لم يتعلموا بشكل جيّد واما لم يفهموا شيئاً من التعليم عن بعد، وبدأت تتكشف مشاكل القطاع التعليمي الذي يضم ايضا عدداً كبيراً من الطلاب السوريين النازحين.
جوهر مشكلة التعليم تعود الى الاستثمار بدعم التعليم الخاص بدل التعليم الرسمي، نظرا لسيطرة القوى السياسية والطائفية عليه. ولبنان يدفع ثمن جعل التعليم سلعة من دون خطة طوارئ بديلة لمواجهة التحديات الراهنة، تداعيات الانهيار التي طالت القطاع التعليمي كما مختلف القطاعات الاخرى، بدءاً من فقدان الليرة قيمتها مقابل الدولار، الى الشح في المحروقات وتآكل قيمة رواتب المعلمين وتدهور القدرة الشرائية بما يتجاوز الـ ٩٥%... حتى الاهالي كانوا ينعمون باستقرار اقتصادي واجتماعي واصبحوا اليوم عاجزين عن شراء القرطاسية لأبنائهم نتيجة ارتفاع اسعارها.
بعض المدارس ربطت اقساطها بسعر صرف الدولار في السوق السوداء وبعض الاساتذة دفعتهم الازمة الاقتصادية الى الهجرة. وانفجار الرابع من آب ألحق ضرراً كبيراً جداً بالمنشآت التعليمية وقيل أن خسائرها قدرت بـ١٠٠ مليون دولار.
وبسبب التقنين الكهربائي، فالمدارس غير قادرة على التعليم عن بعد والطلاب غير قادرين على التعلم عن بعد.
هل يريدون جيلاً جاهلاً من الطلاب في المستقبل؟ أليس في ذلك مؤامرة على لبنان و شعبه؟ من أين تؤمن كلفة النقل للوصول إلى المدرسة بسبب شح المحروقات وارتفاع اسعارها فضلاً عن الكلفة الباهظة لمختلف اللوازم اللوجستية للتعليم؟
يبدو العام الدراسي من الآن مستحيلا اذا لم يُنظر في وضع الطلاب والاساتذة. فالطرفان لا يستطيعان الذهاب الى المدارس والقطاع التعليمي ذاهب الى المجهول... السفينة التربوية اصطدمت بجبل الجليد ومن بقي في داخلها يواجه الغرق.