لوسي بارسخيان
ما كاد الزحليون يلمسون بعض فرج يوم الاحد، إثر قيام معظم محطات البنزين بفتح أبوابها وتعبئة البنزين للمواطنين، تحت ضغط القوى العسكرية التي نفذت مداهمات لعدد من المؤسسات وضبطت لديها كميات مخزنة من المازوت، حتى تلقوا صفعة جديدة في كهربائهم.
وفي منحى تصاعدي لإفتقاد زحلة و16 قرية تقع ضمن نطاق خدمة شركة كهرباء زحلة، مزيداً من ساعات التغذية الكهربائية أسبوعياً، أصدرت الشركة بياناً مساء الأحد أعلنت فيه الدخول في "نفق مجهول" بالنسبة لساعات التغذية والتقنين. وعللت السبب "بالإنقطاع الكامل للكهرباء الواصلة من مؤسسة كهرباء لبنان على جميع الأراضي اللبنانية، ووقوع لبنان كله في العتمة الشاملة، الى أزمة المازوت الذي لا يبدو حتى مساء الإثنين أن كمياته المطلوبة توفرت للشركة". وهكذا تمحورت حياة الزحليين في عطلة نهاية الأسبوع الممددة بعطلة عيد السيدة الرسمية حول الكهرباء والبنزين والخبز والغاز، وصارت المدينة وأهلها أقل قدرة على إخفاء "ضيقها" بأقنعة "الصمود"، التي كانت تحاول التخفي وراءها لتقطيع هذه المرحلة بأقل الأضرار.
يوم السبت كان الأكثر إستنفاراً لغضب الزحليين، حيث نزل شبان الى ساحات زحلة، واغلقوا مخارج المدينة ومنافذها مع المحيط، تعبيراً عن الإحتجاج على الواقع المتردي الذي وصل اليه حال الناس. وتحدث المعترضون عن واقع لم يعد مقبولاً حياتياً.
فقد فاقم شح مادتي المازوت والبنزين، الذل الذي يرافق الزحمة على خراطيم المحطات، والذي ضاعفته ساعات تقنين الكهرباء، بعدما حصرت القدرة على تشغيل خراطيم المحطات بساعات التغذية فقط.
وهكذا صار الناس ينتظرون الكهرباء على ابواب المحطات، ما رفع من منسوب التشنج، وخصوصاً في ظل غياب الجدول الواضح لساعات التقنين، والذي إضطر الناس للإنتظار أمام محطات الوقود، حتى لو تذرعت الأخيرة بتعذر تشغيل خراطيمها بسبب إنقطاع الكهرباء.
وفي ظل سقوط برنامج التوزيع الواضح للكهرباء الذي إعتمدته "كهرباء زحلة" خلال الأسابيع الماضية، عبثاً بُذلت الجهود في محاولة دوزنة يوميات الزحليين وفقاً لساعات التقنين. ومع ذلك لا يزال معظم الزحليين يجدون إستحالة في تأمين البدائل بمولدات خاصة. فهذا الخيار يفرمله عدم قدرة الناس على تأمين هذه المادة إلا بسعر السوق السوداء، كما يحصل حالياً مع عدد من المؤسسات ولا سيما الأفران الصغيرة التي تبيع الكعك والحلويات، إضافة الى إرتفاع كلفة المولدات. هذا بالإضافة الى كون الزحليين لا يزالون يعولون على عودة التغذية الى سابق عهدها، ولو بكلفة بات الجميع يقدّر أنها ستكون موجعة جداً متى رفع الدعم عن المازوت والبنزين، وتضاعف سعر كيلوواط الكهرباء المحدد وفقاً لأسعارهم المحلقة. هذا الواقع إنعكس في زحلة تراجعاً للحركة الإقتصادية التي تعاني في الأساس ضموراً واضحاً. وقد توسعت دائرة المصالح المتضررة لتشمل بشكل خاص المؤسسات الصغيرة التي يعتاش اهلها على وتيرة الحركة اليومية. وكان لافتاً أن تحط الأزمة أيضاً في محلات "السناك" الصغيرة التي لم يتوفر لبعضها خبز، وعاشت القلق على مونتها اليومية من الغذاء، وخصوصاً بسبب إنقطاع الكهرباء.
وكانت بعض محطات زحلة وقعت في قبضة شبان، فضحوا مخازنها لإخفاء الوقود وحرمانه للناس، فألزموا أصحابها على تعبئة السيارات.
إلا أن الفوضى التي عمّت معظم محطات الوقود، والقلة في موادها، أوقع عدداً من الصدامات بين الناس وصولاً الى التضارب بالعصي والتهجم على أصحاب بعض المحطات، ما حرم كثيرين ممن لا يرغبون بأن يتحولوا ضحايا هذه الصدامات من تعبئة خزانات سياراتهم بالوقود، حتى لو عنى ذلك إضطرارهم لإنتظار القرار الرسمي النهائي بالنسبة لجدول الأسعار الجديد للمحروقات.
والنقار لم يكن فقط على أبواب المحطات، بل توسع بين المدن والقرى، نتيجة جدول التقنين القاسي الذي إعتمدته شركة كهرباء زحلة في معظم القرى. وقد نزل شبان بعض القرى واقفلوا الطرقات احتجاجاً، علماً ان شركة كهرباء زحلة أعلنت في بيانها أنها لن تستطيع الإلتزام ببرنامج تقنين محدد، وسوف تغذي المناطق مداورة بالقدرة المتوفرة.