على مدى اليومين الماضيين، شغلت قصة أب رمى طفلتيه أمام باب مستشفى، السوريين عامة لا سيما سكان العاصمة دمشق، فقد وقعت الحادثة المأساوية في منطقة المزة الشهيرة، وترك معهما رسالة مفادها أن الطفلتين جائعتان، طالباً ممن يقرأ "السماح".
وضجت الأوساط السورية بالأمر، كما قامت إدارة المستشفى بإبلاغ قسم شرطة المزة، فيما شرح أحد الأطباء عبر حسابه في "فيسبوك"، أن الأب ترك الطفلتين على مقعد وهرب، وأرفق منشوره بصورة لهما وصورة لرسالة الأب الغريبة، وقال: "كان الأمر مفجعاً، ولا يمكن وصفه أبداً".
"إن خليت خربت"
أما الجديد اليوم فما تناقلته وسائل التواصل الاجتماعي، من عبرة سورية شهيرة مفادها: "إن خليت خربت"، حيث بادرت سيدة تدعى هايدي الحافي إلى تبني القضية، والبحث عن الأب بعدما أمنت على الطفلتين، ونشرت مقطع فيديو يظهر حالتهما الجديدة عقب انتشار الصور القديمة.
وناشدت السيدة السورية الأب إلى إرسال ابنه شقيق الطفلتين كي ينضم إليهما فيكون الأطفال في رعايتها، متكفلة ومعها عائلات سورية أخرى بالمساعدة، عبر تأمين مسكن للعائلة ومربية تهتم بالأطفال ريثما تتم عودة الأب من عمله، معلنة التكفل بهم من مختلف النواحي بينها انتسابهم إلى المدارس.
وظهرت الطفلتان في الفيديو الجديد نظيفتين، مرحتين، تلهوان وتمرحان، عكس الفيديو القديم الذي التقط لهما في المستشفى، لينتشر كالنار في الهشيم عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
أما المفاجأة الثانية، فكانت أن قابلت هايدي الأب، وسألته عن سبب فعلته بعدما استطاعت الوصول إليه، فأجاب عبر بث مباشر معها، بأنه ترك الطفلتين في المشفى بعد أن رفضت دار الأيتام استقبالهما، لأن الأم والأب أحياء، وبعد التفكير في حلول ناجعة، وجدت أن ترك الأطفال في المشفى سيؤدي لإحالتهم إلى دار الأيتام حيث سيمكنهم ذلك من العيش هناك.
كما وصف لحظة اتخاذه قرار رميهما بأنه لم يكن يائساً، بل "فاقداً للوعي"، وذلك لأنه يعيش فترة صعبة جداً بعد انفصاله عن زوجته التي تنازلت عن حضانة أطفالها الثلاثة لعدم قدرتها على إعالتهم.
وأضاف محاولاً الرد على كل الانتقادات التي طالته بسبب ما فعل، بأنه شعر بعد أيام قليلة من الانفصال بالعجز التام عن رعايتهما والاهتمام بهما، إلى جانب عمله في توزيع المنظفات على المطاعم، إذ كان يضطر إلى اصطحاب أطفاله معه، لأن الغرفة المستأجرة التي يسكنها "ليست غرفة بل ممر صغير، أشبه بحظيرة"، وفق وصفه.
الأب: لا أنام بسبب فعلتي
كما تابع أنه لم يكن قادراً على تسديد إيجارها البالغ 25 ألف ليرة، موضحاً أنه يعاني من مرض قلبي، ثم قال: "لم يبقَ أمامي أي حل".
إلى ذلك، أكد أنه نادم، وأنه لا يستطيع النوم بسبب فعلته.
يشار إلى أن القصة كانت لاقت تفاعلاً واسعاً عبر مواقع التواصل، كما أن السيدة هايدي الحافي التي تكفلت بهما، قد أشارت إلى أنها تلقت كماً كبيراً من رسائل المساندة والدعم.
الجدير ذكره أن تقارير منظمة الطفولة العالمية "يونيسيف"، تشير إلى وجود نحو 6.1 مليون طفل سوري بحاجة إلى المساعدة، بزيادة بمعدل 20% عن العام الماضي فقط، وذلك بسبب تزايد الفقر ونقص الوقود وارتفاع أسعار المواد الغذائية بنحو 5 أضعاف خلال السنوات القليلة الماضية، في وقت لا يتجاوز فيه راتب الموظف العادي عشرين دولاراً أميركياً، أي ما يقارب 60 ألف ليرة.