جويل بو يونس - الديار
بعد المواقف الاخيرة التي اطلقها رئيس تكتل لبنان القوي جبران باسيل في كلمته الاحد مصوبا على رئيس مجلس النواب نبيه بري ومستعينا بالامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله كوسيط حكومي نزيه وعادل، لم يخرج بعد، حتى اللحظة، اي موقف رسمي عن حزب الله تعليقا على الفكرة التي طرحها باسيل، رغم ان اكثرية التحليلات صبّت باتجاه واحد، مفاده ان باسيل احرج حزب الله وادخل نفسه بين الثنائية الشيعية - المعادلة التاريخية التي ارساها حزب الله مع «امل»- فيما يرى فريق التيار عكس ذلك تماما، وان ما حصل يدل على مدى عمق الثقة بين باسيل والحزب.
على اي حال، فالاكيد حتى اللحظة ان حارة حريك التي طالما عملت بصمت، هكذا تفعل في المرحلة الراهنة، فبعيدا عن اي تصريح او سجال اعلامي، ما كادت تمضي 24 ساعة على كلام باسيل حتى تحرك حزب الله على خط ميرنا الشالوحي، فعقد بالساعات الـ 48 الماضية اجتماعا ضم الحاج وفيق صفا ورئيس التيار جبران باسيل.
قبل الدخول بمضمون النقاشات بين باسيل وصفا، وفي معلومات خاصة، ان حزب الله لم يكن على علم مسبقا بمضمون الكلمة التي كان سيلقيها باسيل الاحد، لا بل اكثر من ذلك، تؤكد مصادر مطلعة ان حزب الله وحتى السيد نصر الله تفاجأ بما قاله باسيل وبالفكرة التي طرحها، وهو لم يكن قط بجوها لا بل كان بجو التهدئة لا التصعيد.
مصادر مطلعة على جو حزب الله اكدت ان الحزب يثمّن عاليا الثقة التي اولاها باسيل لامين عام الحزب، الا ان « السيد نصر الله لا يريد أن يزاحم الرئيس بري على مبادرته»، لتضيف: «حسنا فعل بري بالتزام الصمت وعدم الرد على كلام باسيل».
ما قالته المصادر المطلعة على جو حزب الله، يظهر بوضوح ان باسيل اراد من خطوته «غير المنسقة» مع الحزب ان يُحرج الحليف (اي نصر الله) مع حليفه (اي بري ) ، الا ان الواضح ان الحزب الذي فوّض سابقا بري ليس في نيته «كسر» رئيس مجلس النواب، وكل ما سيقوم به سيكون باطار السعي للتهدئة على خط عين التينة ميرنا الشالوحي.
وانطلاقا من هنا، تؤكد المصادر المطلعة على جو حزب الله، ان الحزب ليس في صدد تحديد المسؤوليات وان يقول : هذا يعطل والاخر يسهل، كما انه لن يقف طرفا ضد آخر، انما سيُسهّل قدر المستطاع بمهمة توفيقية لا بمبادرة جديدة.
اجتماع صفا- باسيل الذي انعقد بالساعات الماضية اتى ضمن هذا الاطار، ولم يتعدّ «المسعى التهدوي»، اذ تكشف مصادر مطلعة على جوه، ان الاجتماع كان كمهمة استطلاعية لما يريده باسيل من الحزب، وكيف يمكن للحزب ان يسهّل، لكن المبادرة الوحيدة على الطاولة هي مبادرة بري قبل اي خطاب محتمل للسيد نصر الله.
المصادر تكشف عن لقاء ثان سيعقد بالساعات المقبلة بين صفا وباسيل استكمالا للقاء الاول، مؤكدة ان حزب الله سيستمر في مسعاه لتدوير الزوايا وتهدئة الجو المشحون حتى بين التيار والحزب على وسائل التواصل الاجتماعي.
وفي هذا السياق، اوضحت مصادر في التيار الوطني الحر ان كل ما يحكى ان باسيل سلّم امره للسيد نصر الله غير صحيح ، مشيرة الى ان كلامه الموجه للامين العام للحزب انطلق من القاعدة الاتية : «هناك خلاف بيني (باسيل) وبين حليفك(بري) الذي خرج منه كلام يظهر الاعتداء على حقوقي، فهل تقبل ذلك»؟ وتضيف المصادر «انها المرة الاولى التي نشهد فيها ان رئيسا مكلفا هو اسير رئيس مجلس النواب».
واذا كانت العلاقة بين ميرنا الشالوحي وحارة حريك ليست بشهر عسلها، فالكلام في عين التينة واضح وقاله رئيس البرلمان : «الحريري لن يعتذر». مصادر مقربة من بري جددت التأكيد ان مبادرة رئيس مجلس النواب مستمرة وهي الوحيدة على الطاولة وهي مدعومة محليا وخارجيا.
ففي الشق المحلي الداخلي تقول المصادر المقربة من بري : جنبلاط والحريري والسيد نصر الله وبري وفرنجية والطاشناق وحتى «المير» طلال، جميعهم مع المبادرة، فيما واحد اوحد يرفضها هو التيار الوطني الحر لتسال : فكيف تكون مبادرة بري غير مرحب بها؟ وتضيف المصادر ان زيارة الخليلين لباسيل لم تأت من عبث، بل كانت بتفويض من بري والسيد نصر الله ، وبالتالي فحزب الله اخذ معه قناعته بمبادرة بري الى اللقاءات التي عقدت سابقا مع باسيل، فكيف يمكن لحزب الله اذاً ان يكون ضد المبادرة ؟
وبانتظار اللقاء الثاني بين باسيل وصفا وعودة الرئيس المكلف من الخارج، تؤكد مصادر مقربة من الحريري، انه وعلى عكس ما قيل، فالاعتذار «موضوع على جنب» في المرحلة الراهنة، مشيرة الى انه لا يزال يعتبر ان مبادرة بري مستمرة ما دام الاخير لم يعلن وفاتها وهو لا يزال بانتظار نتائجها.
ولكن ماذا ينتظر الرئيس المكلف، وهل سيعود قريبا الى بيروت؟ المصادر التي تمكنت من التواصل بالساعات الماضية مع الحريري، تشير الى ان جواب الحريري هو الاتي : بدي 3 ساعات من الامارات على لبنان، فاذا استجدت اي معطيات جديدة، فاكون سريعا في بيروت، لكن لا شيء يوحي بذلك»، وتكشف المصادر ان بعض المقربين للرئيس المكلف نصحوه بالاقدام على خطوة تقديم تشكيلة جديدة من 24 وزيرا لرئيس الجمهورية، شرط تغيير اسماء الوزراء ورمي الكرة بملعب بعبدا، الا ان الحريري لم يعد متحمسا لهكذا فكرة ولا يريد الآن ان تصل الامور الى هذا الحد.
اما على جبهة بعبدا الهادئة هذه الايام، فنفت مصادر مطلعة على جوها ما ذكره البعض من ان رئيس الجمهورية بصدد اتخاذ خطوة حول طرح آلية لسحب التكليف من الحريري، وعلقت بالقول : هذا الكلام مختلق ولا اساس له من الصحة، فالرئيس عون يفهم الدستور جيدا، ولا يمكن ان يقدم على خطوة غير دستورية.
اما عن الخطوات التي يمكن ان تقدم عليها بعبدا، فاكدت المصادر المطلعة على جوها، ان لا خيار حسم، ولا شيء حتى الآن تمّ تحديده، مشيرة، وهنا الاهم، الى ان بعبدا لم تسقط مبادرة الرئيس بري وان كل ما قام به رئيس الجمهورية هو الرد دستوريا وسياسيا على اعتداء اصابه، لكنه وبحسب المصادر، اكد بالوقت نفسه انه في حال توصّلت مساعي رئيس مجلس النواب لنتيجة، فهو اكثر من مرحب ومتعاون، وبالتالي فليُسال من هو عليه القيام بالخطوة الاولى، اين هو وماذا فعل؟
وفي هذا الاطار نقل عن رئيس الجمهورية امام بعض الزوار الذين التقاهم بالساعات الماضية ان «ضميره مرتاح» واقوم بما يمليه علي ضميري وساكمل بذلك، واضاف عون امام زواره : اعرف معاناة الشعب واشعر بها لكننا «قطعنا الصعب» واصبحنا بالمراحل الاخيرة من جهنّم».
اما في الملف الحكومي فنقل الزوار عن عون قوله انه من الواضح ان «بري متمسك بالحريري» فسئل هنا رئيس الجمهورية : «ولكن هل من بديل عن الحريري اذا اعتذر»، ليرد بالقول : الساحة السنية مليئة بالقامات القادرة».
وبالانتظار ورغم كل الجهود التي يقوم بها حزب الله على خط ميرنا الشالوحي عين التينة يختم مصدر بارز مطلع على كواليس الحركة الحكومية بالتأكيد مرة جديدة : لا حكومة في المدى المنظور ونحن امام مرحلة تجاوزت بخطورتها اي مرحلة مرت بها البلاد سابقا لذلك فالمرجح ان «حكومة الاختصاصيين طارت» وقد نكون بالمرحلة المقبلة امام حكومة انقاذ او طوارئ او انتخابات وهذا السيناريو ( اي حكومة الانتخابات) هو الاكثر ترجيحا بحسب المصدر اما الامور فمرهونة بمتى يقرر الحريري ان يعتذر وهذا الامر غير وارد راهنا!